ماذا ستفعل الوزارات المعنية مع هذا الزلزال الجديد؟
شعور غريب لا يمكن وصفه بالضبط، بعد تسريب ملايين الوثائق السرية من شركة «موساك فونسيكا» للخدمات القانونية فى بنما، لتكشف عن فضيحة كبرى للعديد من الشخصيات العالمية ورؤساء الدول وبينهم بالطبع رموز نظام حسنى مبارك، أهو الفرح المشوب بالانتصار للحق؟ أم هو تأكيد اليقين بأن الظلم والفساد نهايته الهزيمة والفضيحة؟ أم التشفى فى هؤلاء الذين ظهروا على الشاشات باعتبارهم شرفاء ومصلحين وقادة عظماء ورواد فى الأعمال والاقتصاد، وكيف تعرضوا لظلم الغوغاء الذين قاموا بالثورة فى 25 يناير والسنوات الصعبة التى تلتها؟! عائلة مبارك وحاشيته ورموز نظامه ضمن القائمة الكبيرة للملوك والرؤساء ومشاهير السياسة والرياضة وشخصيات بارزة أخرى، متورطون، بحسب الوثائق المسربة فى عمليات «إخفاء ثروات»، وتهرب ضريبى وغسل أموال، فى حسابات سرية بشركات وبنوك لا تخضع لرقابة مالية أو دولية فى تلك الدولة الصغيرة «بنما»، التى تعتبر مستعمرة أمريكية بالكامل وفناء خلفيا لكل أنواع التجارة السوداء، المخدرات والسلاح والدعارة، وتسيطر عليه الشركات الأمريكية العملاقة والإف بى آى معا.
الوجه الأبرز ضمن عائلة مبارك فى هذه الفضيحة الكبرى هو «النجل الأكبر «علاء»، ولا أدرى ماذا يقول الآن بعد انكشاف أرصدته المخبأة وعملياته السرية لإخفاء ملايين الدولارات فى تلك الدولة البعيدة المشبوهة؟ وماذا يقول الآن وصورة جواز سفره منورة بتفاصيلها باعتباره عميلا شديد الخطورة ضمن عملاء شركات غسل وتهريب الأموال العالمية.. علاء محمد حسنى مبارك، مواليد القاهرة فى 26 نوفمبر من عام 1960، وظيفته «أعمال حرة» ومحل سكنه المختار «9 شارع السعادة-عمارات عثمان –مصر الجديدة – روكسى».
علاء مبارك شخص واحد فقط ضمن العشرات المتورطين من عائلة مبارك ومن رموز النظام فى عمليات غسل الأموال والتهرب الضريبى، وإخفاء أرصدة بالملايين، بحسب الوثائق المتاحة الآن، ومن بين هذه الأرصدة فيلا رقم 28 شارع ويلتون بالاس قيمتها تتجاوز الخمسين مليون جنيه استرلينى وشركة بجزر العذراء برأسمال يتجاوز 140 مليون دولار، وهى ممتلكات أنكر سابقا امتلاكها فى التحقيقات مع جهاز الكسب غير المشروع.
السؤال البارز الآن، ماذا ستفعل الوزارات المعنية وجهاز الكسب غير المشروع مع هذا الزلزال الجديد؟ هل يضطلع مجلس النواب بدوره فى إصدار تشريع سريع وواضح يجبر الحكومة على التحرك دوليا ويدعمها أمام البرلمانات الدولية فى السعى لاسترداد هذه الأموال المهربة والمستنزفة من ثروات البلد؟!
العواصم العالمية ورؤساء الدول التى وردت أسماء شخصيات بارزة منها فى تلك الوثائق، أعلنت فتح تحقيق فورى مع كل اسم ورد ذكره فى تلك الوثائق والتحرى عن مصدر هذه الأموال الواردة فى الوثائق المسربة والمنسوبة إليه، وكذلك التحرك لاسترداد هذه الأموال باعتبارها من أرصدة الدول التى تم الاستيلاء عليها وتهريبها.
لجنة استرداد الأموال المهربة عندنا أعلنت أنها ستعقد اجتماعا قريبا لمناقشة موضوع الوثائق المهربة، وهو إجراء أقل من المتوقع بكثير، وكنا نظن أن زلزال الوثائق المسربة فى بنما طوق إنقاذ للجنة التى لم تثبت فاعلية تذكر على صعيد القضية التى تتصدى لها، فحتى الآن ورغم تعدد رؤساء تلك اللجنة، لم تنجح فى عقد اتفاق واحد مع أى جهة أجنبية لاسترداد دولار واحد من تلك الأموال، بينما بلغت ميزانية نفقاتها عشرات، بل مئات الملايين من الجنيهات، باختصار، اللجنة واقفة على الدولة بخسارة.
لجنة الأموال المهربة أمامها فرصة ذهبية لاستعادة دورها المفقود والتحرك على مستوى الحدث، وبشكل يستغل ويوظف الأحكام القضائية الصادرة والبرلمان لاستعادة الأموال المهربة، أو الإعلان عن حل نفسها.