الجمعة، 22 نوفمبر 2024 11:14 م
همة سلامة

همة سلامة

هل يحتاج الرئيس إلى التطبيل والتهليل؟

4/17/2016 12:32:09 AM
هل يسمع الرئيس عبد الفتاح السيسى للآراء المعارضة لسياسته؟ هل يعلم الرئيس كم الاحتقان الذى غمر الشوارع والميادين أمس فى مظاهرات احتجاجية لرفض تبعية جزيرتى تيران وصنافير للسعودية؟ هل يشاهد الرئيس البرامج التليفزيونية التى تعرض مشاكل الناس وهمومهم؟

فى النهاية، هل يتقبل الرئيس النقد ويستجيب لسماع ما يخالف رأيه وتوجهه فى إدارة البلد؟ أسئلة كثيرة تدور فى عقل كل من يرى أن هناك مشاكل فى تعامل الدولة مع القضايا التى نواجهها، خاصة أزمة تيران وصنافير، فالجميع أقر أن الدولة لم تختر الوقت الزمنى المناسب لعرض القضية على الشعب، وكان لا بدّ من أخذ مسار آخر بالشكل الذى لا يظهر معه السعودية دفعت ثمن الجزيرتين كاتفاقيات اقتصادية بالمليارات.

فى الوقت الذى خرج فيه عدد كبير من المواطنين فى الشوارع، كان الرئيس فى "جبل الجلالة"، يرافقه عدد من شباب الإعلاميين والصحفيين، كشهود على إنشاء مشروع قومى عملاق يوفر مليونى فرصة عمل، ويساهم فى تنشيط حركة السياحة والسوق.

رسائل كثيرة وجهها الرئيس خلال اللقاء الذى شمل أيضًا اعترافات واضحة وصريحة منه بعديد من الأزمات التى تمر بها البلاد داخليًّا وخارجيًّا.

اللافت للانتباه، وحسب ما يؤكده عدد كبير من الزملاء الصحفيين الذين حضروا اللقاء، أن هناك تغيّرًا فى آلية ومسار الحوار بين الرئيس والشباب، من خلال خلق مساحة للنقد أكبر مقارنة باللقاءات السابقة معهم، خاصة لقاءه مع ممثلى فئات المجتمع يوم الأربعاء الماضى، الذى انتقده كثيرون، لا سيّما أن الرئيس كان هو صاحب الرأى والكلمة ولم يتحدث أحد غيره خلال اللقاء.

تأكيدًا على فكرة تغير طريقة الحوار بين الصحفيين والرئيس، اسمحوا لى أن أنقل لكم جزءًا من حديث الصحفى محمود التميمى مع الرئيس، خلال كلمته أمس، وهو الحديث الذى جاء مختلفًا تمامًا عن الأسلوب المتعارف عليه بين الرئيس وأى صحفى أو إعلامى آخر.

"التميمى: "مساء الخير.. أنا رئيس تحرير برنامج تليفزيونى.. إحنا المعدين اللى بينقلوا من السوشيال ميديا زى ما حضرتك وصفتنا.. بس الحقيقة الكلام ده مش دقيق.. الحقيقة إن أغلبنا بنحترم مهنتنا، فاهمين شغلنا، وفاهمين المعايير المهنية المنضبطة لإعلام محترم.. يمكن حضرتك قصدك مجموعة كلنا بننتقدها، تنقصها المهنية.. أنا محتاج أتوقف عند جملتين حضرتك قلتهم، الأولى: إحنا بنعانى من شرخ فى مجتمعنا والشرخ ده لازم يلتئم، وأنا بقول لحضرتك إن الشرخ ده مسؤوليتك شخصيًّا، وإصلاحه أولوية كبرى، لأن المجتمع منقسم، وكل انقسام يجلب انقسام.. يا أفندم حضرتك مشغول عنه بمشاريع وبناء ومعمار، لدرجة إن حضرتك دلوقتى بقيت زى أى متخصص فى أعمال البناء والمقاولات، وبتتكلم فى تفاصيلها زى التفاصيل العسكرية اللى هى تخصصك الأساسى بالضبط.. واضح إن ده توجه عندك.. لكن لو سمحت الشرخ ده أولوية، ومسؤولية رئيس الدولة بالمقام الأول إصلاحه وإزالة أسبابه، والنهارده شايفين نتايجه.

واستطرد الزميل التميمى: "الحاجة التانية اللى حضرتك قلتها إن العالم بيشوفنا بمعاييره هو، علشان كده عايز أسأل سيادتك عن الصورة اللى بياخدها العالم الخارجى عن مصر من كلام سيادتك، حضرتك فى خطاب ٢٤ فبراير قلت ما تسمعوش كلام حد غيرى، لو سمحتوا اسكتوا، تفتكر العالم الحر فهم من كلام زى ده إيه؟ مفردات خطابك بتوصلنا لإيه؟ يا أفندم صورة حضرتك بالخارج أصبحت إنك رجل يريد أن يسمعه الجميع، ولا يريد أن يسمع أحدًا، وأنا عارف إنك ما تحبش تكون صورة رئيس مصر كده، طيب هل أكون متجاوزًا إذا طلبت من حضرتك مراجعة مفردات خطاباتك بعد كده؟! هل من الممكن أن تعيد مؤسسة الرئاسة لغة خطابات رأس الدولة حفاظًا على صورة مصر ورئيسها؟".

بعد انتشار حوار التميمى مع الرئيس، كان كل هدفى هو سؤال زملائى الذين حضروا اللقاء عن رد فعل السيسى على هذا الحديث الذى اتسم بالمصارحة، وجاءت كل الإجابات "مفحمة لى"، إذ أكدوا أن "الراجل استقبل كل الكلام بحفاوة وصدر رحب.. انتى فاكراه اتضايق؟! بالعكس، ده كان مبسوط جدًّا، وكلنا صقّفنا، وهو كان بيسمع بحرص شديد، عارفه ده كمان قاله خد بالك كل اللى انت بتقوله ده فى ناس بتسجّله عشان نعمل بيه".

السؤال هنا، إذا كان الرئيس يتقبل كل هذا الكلام والنقد بعيدًا عن النفاق وتلميع الصورة والتطبيل المستمر من قبل مجموعة من الإعلاميين، إذا فالعيب فينا، حينما يأخذ البعض منا مواقف مجانية، بالتأييد على الفاضى والمليان دون تفكير، ودون أن نسأل أنفسنا هل هذا ما يحتاجه الوضع الراهن؟

هل يعرفون أنهم يضللون أنفسهم قبل الرأى العام؟! وأن "الرئيس مش عايز كده"؟ هل يعلمون أن النغمة السائدة هى التطبيل وتقديم معلومات مغلوطة تضر بالدولة وصورتها، لأنها تُصدّر دائمًا فكرة تأليه الرئيس؟ فى النهاية أذكركم وأذكر نفسى بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا لقيتم المداحين فاحثوا فى وجوههم التراب".

print