الحكومة حصلت من البرلمان على ما سعت إليه وما أرادته. ثقة البرلمان فى حكومة شريف إسماعيل وفى برنامجها مر بالأغلبية رغم تحفظات وملاحظات بالجملة عليه. الحكومة والبرلمان عليهما مسؤولية كبيرة أمام الرأى العام. ومصداقية السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية على المحك وثقة الناس فيهما مشروطة بالجدية سواء فى التنفيذ من جانب الحكومة أو فى الرقابة والمتابعة الدورية على أداء الحكومة والوزراء من جانب البرلمان.
الثقة البرلمانية فى برنامج الحكومة من المفترض ألا يكون نهاية المطاف أو الاعتقاد أنها تفويض نهائى من البرلمان باستمرار الحكومة فى مقاعدها للأربع سنوات القادمة. ملاحظات وتحفظات النواب وغيرهم من باقى فئات الشعب على برنامج الحكومة جديرة بالاهتمام.. البرنامج استنساخ لبرامج قديمة لحكومات سابقة بنفس الكلمات والمصطلحات، ولم تحقق هذه البرامج شيئا وكانت وعودا كاذبة وكلمات لامعة براقة عن المستقبل المشرق والحياة الرغدة السعيدة للمواطنين.
البرنامج جاء فضفافا لكل القضايا فى الصحة والتعليم والعشوائيات والأسعار والطرق وغيرها دون تحديد برنامج زمنى وتوقيتات محددة لتنفيذ هذه البرامج ووضع حلول لها. البرنامج لا يعبر عن «العدالة الاجتماعية» والانحياز للفقراء.
وعدم وضع مدة زمنية للبرامج المطروحة خاصة مشروعات الصرف الصحى ومياه الشرب على مستوى الجمهورية وكيفية القضاء على البطالة وتوفير فرص عمل للشباب. فهل تراهن الحكومة على عامل الوقت وذاكرة النسيان لدى الناس. ليس لدينا رفاهية الوقت حتى يتم عرض البرنامج دون مواقيت زمنية محددة. وهنا المسؤولية تقع على البرلمان.
والتوصل إلى اتفاق بين نواب المجلس على دورية المتابعة والمراقبة كل 6 أشهر على البرنامج والمشروعات التى أعلنت عنها الحكومة قد يكون حلا وسطا وإرضاءً لكل الأطراف.
والأمر يتوقف على مدى جدية الرقابة والمتابعة وتقديم تقرير شامل فى نهاية الفترة عن مدى التزام الحكومة بتنفيذ وعودها. والبرلمان أو السلطة التشريعية هى المسؤولة عن مراقبة أداء الحكومة وأداء وزرائها.
ولجان المجلس عليها دور كبير فى الرقابة والمتابعة على كل المشروعات والبرامج المتخصصة. معظم النواب يدركون أن برنامج الحكومة ليس هو البرنامج المثالى أو المطلوب لتحقيق أمال الشعب والغالبية العظمى منه. وأن تنفيذه يحتاج إلى إرادة سياسية وتخطيط على أعلى مستوى خاصة فى مجال الصحة والتعليم والعشوائيات والخدمات.
ومع ذلك فقد وافقوا عليه لعل وعسى، وحتى لا تنشب أزمة جديدة بتشكيل حكومة جديدة، والوضع لا يحتمل أزمات جديدة ويكفى المشاكل التى تحيط بمصر من كل اتجاه. بحكم الدستور البرلمان شريك أساسى فى صنع القرار والسياسات العامة وقادر أيضا على سحب الثقة من الحكومة ومسؤوليته وصورته أمام الشعب كبيرة والثقة فيه وفى دروه مرهونه بمدى جديته وقوته وصرامته فى الرقابة على الحكومة ومدى التزامها فى تنفيذ برنامجها ومشروعاتها.
وإلا فالحساب سيكون عسيرا وسيفقد البرلمان ثقة الناس فيه وفى نوابه. وإذا فقد الناس الثقة فى البرلمان وفى الحكومة فسوف ندخل نفس الدائرة الجهنمية القديمة، الناس فى واد ومؤسسات وسلطات الدولة فى واد آخر إلى «أن يقضى الله أمرا كان مفعولا». وهذا ما لا نريده.
فالحكومة ملزمة بتطبيق برنامجها وتحويله إلى واقع على الأرض ولو بنسبة مقبولة. والبرلمان مسؤول عن رقابة الحكومة ومتابعة أدائها ومحاسبة رئيسها وأعضائها.
فلو حدث واستطاع البرلمان سحب الثقة من أحد الوزراء بسبب ضعف أدائه بعد مدة الـ6 أشهر، فسوف يعمل باقى وزراء الحكومة ألف حساب للبرلمان ويصبح له هيبته ودوره القوى وفقا للدستور. الحكومة والبرلمان وجها لوجه فى معركة البرنامج والخروج منها بأقل الأضرار فى مصلحة الجميع.