الحادث ليس استثناء فى عالم الطيران والشركة مشهود بكفاءتها
لو تأكد أن السبب فى نكبة الطائرة المصرية القادمة من فرنسا يوم الخميس الماضى هو عمل إرهابى خسيس، فمن الطبيعى أن يقودنا ذلك إلى حقيقة أن الإقدام على نوعية هذا العمل الجبان ليس صدفة، أما لو كان السبب عطلا فنيا أو خطأ بشريا، فمن الطبيعى التعامل معه على أنه حدث وارد فى عالم الطيران، ومع كل الشركات العالمية المعنية، وفى كل المطارات الدولية.
أقول ذلك، لأنه لا يوجد حتى الآن حقيقة قاطعة حول سبب الفاجعة، مما يعنى أن كل الاحتمالات مفتوحة، والمتبع فى مثل هذه الحالات أن الانتظار حتى تظهر نتيجة التحقيقات هو الأصوب، حتى لا يتورط أحد فى إصدار أحكام ضارة، وعلينا أن نستدعى درس الطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء، الذى بدأ باجتهادات شتى وصلت إلى حد التخاريف ممن يطلقون على أنفسهم خبراء، ويتحدثون بوصفهم عارفين ببواطن الأمور، وبالرغم من أن الرواية السائدة الآن أن الطائرة الروسية تعرضت لعملية إرهابية، فإنه حتى الآن مازال الجميع فى انتظار التقرير النهائى الذى يقول كلمة الفصل فيها. فى الفرضيات الخاصة بنكبة الطائرة القادمة من فرنسا، يساوى البعض فرضية العمل الإرهابى مع فرضية الخطأ الفنى فيما يتعلق بالنظرة إلى شركة مصر للطيران، فيوجه الطعنات إلى هذه الشركة الوطنية التى تعد رغم أى شىء مفخرة وطنية عظيمة لمصر، والعمل بهذا النهج إثم عظيم، فلو كان ما حدث هو عمل إرهابى فالمسؤولية عنه تقع على الجهة التى أقلعت منها الطائرة، وليس مسؤولية شركة مصر للطيران، أما لو كانت الكارثة سببها خطأ فنى، فهناك، كما قلت، حوادث عالمية مماثلة، و«مصر للطيران» ليست استثناء فى ذلك.
لجماعات الإرهاب مقاصد، ووسائلهم للوصول إليها تقوم على سفك الدماء دون التفرقة بين الأبرياء والمسؤولين، وبين الطفل والشيخ، وبين الرجل والمرأة، وبين الشجر والحجر، هم يجمعون هذه الوسائل لتحقيق مقصدهم الأكبر، وهو إحداث حالة من الفوضى الشاملة، كخطوة لتحقيق مقصدهم الأكبر وهو إقامة حكمهم البغيض، وفى هذا السياق يسعون إلى تخريب المؤسسات حتى تصل إلى الشلل الكامل، وانطلاقا من ذلك سيكون من السهل أن نفهم أهداف الإرهابيين أو من يساندونهم فى حق شركة مصر للطيران، لكن من غير المفهوم أن يتورط البعض ممن يرفضون الإرهاب وجماعاته فى الهجوم على الشركة.
يمكننا أن نذكر عشرات الأمثلة لندلل بها على أن «مصر للطيران» شركة ناجحة عالميا فى مجالها بالمقاييس الخاصة فى عالم السفر الجوى وما يتعلق به من خدمات مختلفة يتم تقديمها للمسافر، وهى بالطبع تخوض منافسة شرسة مع الشركات فى الدول الأخرى، ويمكننا أن نؤكد وبكل ثقة، كفاءة الطيارين المصريين العاملين على أسطول طائرات الشركة، وأنا ممن سافروا عليها كثيرا، ولمست كم الثقة والكفاءة التى عليها الطيارون فى كل مراحل الرحلة مهما طال زمنها بدءا من الصعود وانتهاء بالهبوط، ويصاحب ذلك طبيعة الخدمة الرائعة التى يتم تقديمها من طاقم الضيافة.
افتخارى على هذا النحو بـ«مصر للطيران» ليس من قبيل الإعلان المجانى لها، وإنما أراه فرضا على كل مصرى فى هذه المرحلة، فرضا نبطل به منصات التخريب التى يطلق منها البعض صواريخه ضد مؤسساتنا الوطنية التى لا يملكها حاكم نحبه أو نكرهه، وإنما يملكها الشعب كله، وفرضا نواجه به الأغراض الخبيثة لأى أطراف إقليمية لا تريد لمصر أى نوع من الاستقرار، فإضعاف مصر يساوى قوة لهذه الأطراف، ومن هنا فإن أقل ما يجب تقديمه من تضامن مع «مصر للطيران» هو حرص كل مسافر مصرى على أن يسافر عبرها ويجعلها مصدر فخر له.