كتبت ريم عبد الحميد
دافع راشد الغنوشى، زعيم حزب النهضة التونسى، عن تنظيمه وقال إنه واحدا من الأحزاب السياسية الأكثر تأثيرا فى العالم العربى، وقوة أساسية فى ظهور تونس كدولة ديمقراطية.
وقال الغنوشى، فى مقال له بدورية "فورين أفيرز" الأمريكية، إن النهضة أعلن مؤخرا تحولا تاريخيا، بعد تجاوزه كحزب إسلامى وتبنى هوية جديدة تماما، كحزب للمسلمين الديمقراطيين، مشيرا إلى أن التنظيم الذى شارك فى تأسيسه فى الثمانينيات، لم يعد حزبا سياسيا ولا حركة اجتماعية، وقد أنهى كل أنشطته الثقافية والدينية، ويركز الآن، على السياسة فقط.
واعتبر الغنوشى، تطور النهضة يعكس المسار السياسى والاجتماعى الأكبر فى تونس، فقد ظهر الحزب فى البداية كحركة إسلامية، ردا على القمع على سد نظام سلطوى علمانى، حرم المواطنين من الحرية الدينية ومن حقوق حرية التعبير والارتباط، لكن الثورة التونسية أنهت الحكم المستبد، وفتحت المجال أمام المنافسة السياسية الحرة والنزيهة.
وأوضح الغنوشى، أن دستور تونس الجديد الذى ساهم أعضاء من النهضة فى صياغته والتصديق عليه فى 2014، يثرى الديمقراطية ويحمى الحريات السياسية والدينية، وبموجب الدستور الجديد، فإن الحريات الدينية للتونسيين محفوظة، كما أنه يضمن الهوية العربية والإسلامية للبلاد، ومن ثم فإن النهضة لم يعد بحاجة لتركيز طاقاته على القتال من أجل هذه الحريات، وبذلك، لم يعد الحزب يقبل تصنيف الإسلام السياسى، وهو المفهوم الذى تم تشويهه تمام من قبل المتطرفين الراديكاليين، وفى هذه المرحلة الجديدة من التاريخ التونسى لم يعد الأمر العلمانية فى مواجهة الدين، ولم تعد الدولة تفرض العلمانية بالقمع، ولم يعد هناك حاجة لكى يدافع النهضة أو أى حزب آخر عن الدين أو يحميه كجزء أساسى من النشاط السياسى.
واستطرد الغنوشى: بالطبع ماتزال قيم الإسلام توجه أفعالنا باعتبارنا مسلمين، إلا أننا لم نعد نأخذ فى الاعتبار النقاشات الإيديولوجية القديمة عن أسلمة المجتمع أو علمنته كأمر ضرورى أو ذى صلة، فالتونسيين الآن، أقل اهتمام بدور الدين عن بناء نظام حكم ديمقراطى وشامل ويلبى تطلعاتهم لحياة أفضل، وكشريك صغير فى الائتلاف الحاكم فى تونس، فإن النهضة يهدف إلى إيجاد حلول للمشكلات التى تشغل جميع مواطنى الدولة وسكانها.
وأكد الغنوشى، أن تطور النهضة هو نتاج لـ 35 عاما من التطور الذاتى، وأكثر من عامين من النقاش المكثف على مستوى القاعدة، لافتا إلى أنه فى مؤتمر حزب النهضة الذى عقد فى مايو الماضى، صوت أكثر من 80% من المندوبين على هذا التحول الرسمى الذى لا يمثل تغييرا كبيرا بقدر ما هو إقرار لمعتقدات قديمة، وفى ظل حالة عدم الاستقرار والعنف التى تعصف بالشرق الأوسط بأكمله، والتى تعقدها صراعات حول علاقة مناسبة بين الدين والسياسة، فإن تطور النهضة يجب أن يكون دليلا على أن الإسلام متوافق تماما مع الديمقراطية، وأن الحركات الإسلامية يمكن أن تلعب دورا حيويا وبناء فى تعزيز التحولات الديمقراطية الناجحة، مشددا على أن هذا الفصل بين الدين والسياسة، سيساعد على تجهيز تونس بشكل أفضل لمحاربة التطرف.