كتب مؤمن مختار
اعتذار الرئيس التركى للرئيس الروسى، لا يمكن اعتباره سوى الخطوة الأولى من أجل عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، بينما مناخ الثقة يحتاج إلى الكثير من الجهد من جانب النخبة الحاكمة فى تركيا، إذ يصعب تجاوز العقيدة العسكرية والسياسية التى دفعت إلى استهداف القوات الروسية التى تكافح الاٍرهاب فى سوريا.
وقالت وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" فى مقالة مطولة، إنه على الرغم ما يحمله الاعتذار من دلالات سياسية؛ إلا أنه يتعين ارتباطه بخطوات ملموسة تجاه الأحداث الجارية على الأرض، ومواقف تعكس حسن النوايا فى بناء مناخ جديد من الثقة، وألا يتوقف الأمر عند إرسال خطاب يحمل كلمات الأسف والندم على ما اقترف من ذنوب وخطايا.
وأوضحت الوكالة الروسية، أنه من اللافت أن خطاب الاعتذار جاء بالتزامن مع قرار الإفراج عن العسكريين المتورطين فى استهداف القوات الروسية، فى حين هؤلاء اقتصر دورهم على تنفيذ قرار عسكرى تمت صياغته سياسياً من دوائر صنع القرار التركى، وبالتالى فإن تحديد المسئولية محسوم فى حال صدقت نوايا محاسبة المتورطين، لإثبات أن الأمر يخلو من المراوغة السياسية التى يجيدها أنصار تيار "الإسلام السياسى".
وأشارت "سبوتنيك" إلى أن العلاقات الاقتصادية مهمة، لكن الاقتصاد لا يمكن أن يكون بمعزل عن استراتيجية الحفاظ على الأمن القومى بمفهومه الشامل، فالقوات الروسية تواجدت فى سوريا ليس بهدف مزاحمة قوى أخرى؛ بل للحفاظ على مصالحها والقضاء على البؤر الإرهابية والأخطار التى تحاول الاقتراب من حدودها وقطع الطريق أمام محاولات تطويق روسيا وافتعال أزمات هنا أو هناك.
وأوضحت الوكالة الروسية أن النخبة الحاكمة مطالبة بقطع جميع الاتصالات مع الجماعات الإرهابية، واتخاذ خطوات جادة لمحاربة التنظيمات الإرهابية، والتى تبدأ بإغلاق المنافذ الحدودية أمام عبور السلاح والعناصر الإرهابية التى تستهدف القوات الروسية العاملة فى سوريا؛ وتتوقف عن التدخل فى الشؤون الداخلية لدول الجوار وتترك للشعب السورى حرية تقرير مصيره واختيار قيادته؛ كذلك تحديد موقفها النهائى من استعادة روسيا سيادتها على شبه جزيرة القرم وتتوقف عن سياسة تحريض "تتار القرم" واحترام نتائج الاستفتاء.
وقالت إنه نظريا، ووفق وجهة النظر قصيرة المدى، يمكن اعتبار خطاب الاعتذار كاف على أقل تقدير سياسيا ومبرر لعودة العلاقات بين البلدين، لكن من وجهة النظر الاستراتيجية طويلة المدى والمعطيات السابقة والمواقف الثابتة للنخبة الحاكمة فى تركيا، إلى جانب الصفات الشخصية للرئيس التركى المتفرد بإقرار سياسة بلاده، المتبنى فكر ونهج أجداده العثمانيين فى إطار عقيدة عسكرية وسياسية تتعلق بسياسية حلف شمال الأطلسى بمواقفه المعروفة تجاه روسيا، فإن الاعتذار غير كاف.