المشرع الزم كل «مسجل» بتقديم إقرار عن كل فترة ضريبية مدتها شهر ميلادي طبقا للإجراءات والمواعيد المعلومة للكافة يقر فيه «المسجل» بحجم مبيعاته ومشترياته خلال تلك الفترة، كما يتضمن الإقرار عن الضريبة وضريبة الجدول المستحقة وتؤدى الضريبة عنه مع التقدم بالإقرار في مواعيد تقديمها القانونية، وذلك على النماذج المعدة سلفا من جانب مصلحة الضرائب، وإذا لم يقدم «المسجل» هذه الإقرارات وفى المواعيد القانونية يتم تقدير الضريبة عن الفترة الضريبية إلى جانب مسائلة «المسجل» جنائيا .
في التقرير التالي يتناول «انفراد» «المسجل» الذي تقدم طواعية للتسجيل والتزم بكافة أحكام القانون من التقدم بالإقرارات والإخطارات اللازمة وتقديم البيانات والمستندات المطلوبة عند طلبها، فهل من الناحية القانونية والإجرائية تملك مصلحة الضرائب المصرية حق تعديل هذه الإقرارات ؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض المتخصص في قضايا الضرائب جمال الجنزورى.
فى الحقيقة يجوز طبقا لأحكام قانون ضريبة القيمة المضافة ولائحته التنفيذية للمصلحة تعديل الإقرار، بل هو واجب عليها إذ أن المشرع نص على: «على المصلحة تعديل الإقرار ..» فأصبح حق لها وواجب عليها .
ولكن هناك مجموعة من الإجراءات و الضوابط التشريعية وجب على المصلحة وقبل التعديل إتباعها وإلا كان التعديل الذى قامت بإجراءه معرض للمطاعن القانونية، فما هى هذه الإجراءات والضوابط القانونية لتعديل الإقرار ؟
تتمثل الضوابط القانونية للتعديل في الآتى :
أولاَ: عدم جواز التعديل عن أية فترة ضريبية بعد انقضاء «ثلاث سنوات كاملة عن الفترة الخاضعة لقانون الضريبة العامة على المبيعات الملغى» و«خمس سنوات ميلادية كاملة عن الفترة الخاضعة لأحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة»، وفقا لأحكام القانونين سالفى الذكر، هذه المدة تبدأ من اليوم التالي لإنتهاء المدة المحددة لتقديم الإقرار عن الفترة الضريبية محل التعديل .
ثانيا: التعديل بعد انقضاء المدة المذكورة سلفا لا يكون جائز قانونا ويترب على عدم الجواز السقوط والبطلان وعدم ترتيب ثمة أثر قانونى، إذ أن هذا الميعاد هو ميعاد حتمى، والمقصود بالميعاد الحتمي؛ هى مواعيد حتمية ملزمة يترتب علي عدم الالتزام بها آثار قانونية إذ أنها محددة بنص قانوني والميعاد الحتمي - هدياً بما سبق - هو ذلك الميعاد الذي يجب الإتيان بالفعل أو التصرف القانوني خلاله، لذا يترتب علي عدم مراعاته واحترامه السقوط أو البطلان «م5 مرافعات» - والبطلان عموماً هو وصف يلحق بالتصرف القانوني فيصير معيباً، وهذا التصرف يعد معيباً بسبب مخالفته لأحكام القانون المنظمة لإنشائه، فيجعله غير صالح لأن ينتج آثاره القانونية المقصودة .
ثالثا: ويترتب على ما سبق أيضا: عدم جواز تصحيح إجراء تعديل هذه الإقرارات بعد انقضاء مواعيد تعديلها إذ أن التصحيح وإن كان يجوز قانونا إلا انه مشروط باجراءه خلال الميعاد القانونى المحدد، طبقا لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية والتى تنص على: «يجوز تصحيح الإجراء الباطل ولو بعد التمسك بالبطلان على أن يتم ذلك فى الميعاد المقرر قانونا لاتخاذ الإجراء»، وذلك حتى لا يتخذ من إجراء المواعيد ثغرة للعبث بالمواعيد .
رابعا: لا المحكمة ولا لجان الطعن من باب أولى يملكان إجراء التصحيح بل لمن يرى ضرورة التصحيح من الخصوم يطلب منهما وللمحكمة ولجنة الطعن سلطة التصريح .
خامسا : إذا قدم طلب التصحيح بعد الميعاد وجب علي المحكمة – ولجنة الطعن- القضاء برفض الطلب وتشير تسبيباً للرفض إلي أن الطلب قدم بعد فوات مواعيد الإجراء.
وتتمثل إجراءات التعديل في الآتى :
أولا: أن يتم التعديل على إقرارات مقدمة عن الفترات الضريبية محل التعديل خلال مواعيد التعديل السابق سردها بالند السابق .
ثانيا : يجب على المصلحة إثبات عدم مطابقة الإقرارات للحقيقة بموجب محضر إثبات مستقل عن مذكرة التعديل مسببه ومستندة إلى بيانات ومستندات ومقدمات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك عدم المطابقة .
ثالثا: محاضر المناقشات والمعاينات التي تتم قبل اجراء التعديل وما تتضمنه هى قرائن بسيطة يجوز للمسجل إثبات عكس ما ورد بهما بكافة طرق الإثبات القانونية كأن يثبت أن ما ورد بمحضر المعاينة كان لحظيا وليس الوضع هكذا خلال الفترات المراد تعديلها .
رابعا: لابد من وجود بيان واضح من مصلحة الضرائب المصرية يبين أن قيمة الضريبة الواجب الإقرار عنها تختلف عما ورد بالإقرار المقدم خلال الفترة الضريبية محل التعديل .
حالات تعديل الإقرار مختلفة إلى حالتين :
الحالة الأولى: القيام بالتعديل خلال الثلاث سنوات الأولى والتي تبدأ من تاريخ انتهاء المدة المحددة قانونا لتقديم الإقرارات عن الفترة الضريبية محل التعديل هنا وعند حساب الضريبة الإضافية عن الفترة التالية لانتهاء الثلاث سنوات، هذه الفترة يجب ألا تتجاوز سنتين تاليتين لانتهاء مدة الثلاث سنوات، وذلك تتمة وتكملة مدة الخمس سنوات الجائز خلالها للمصلحة إجراء التعديل وحتى تاريخ السداد .
الحالة الثانية :القيام بالتعديل بعد مضى الثلاث سنوات الأولى لها حكمان :
الحكم الأول : أن يقوم المسجل بالسداد في التاريخ المحدد بالإخطار وهنا يتم حساب الضريبة الضريبة الإضافية عن مدة الثلاث سنوات الأولى فقط .
الحكم الثاني: عدم قيام المسجل بالسداد أو قيامه بالسداد بعد التاريخ المحدد بالإخطار: يتم حساب الضريبة الإضافية عن الثلاث سنوات بالإضافة إلى الفترة الزمنية من تاريخ الإخطار وحتى السداد .
إشكالية حساب الضريبة الإضافية ما بين القانون واللائحة والتطبيق :
أينما كانت حالة التعديل هناك إشكالية في حساب الضريبة الإضافية ما بين القانون واللائحة والتطبيق، هذه الإشكالية تتمثل فى تاريخ ووقت حساب هذه الضريبة؟ هل تحتسب من بداية اليوم التالي لانقضاء موعد التقدم بالإقرار الضريبي عن الفترة الضريبة محل التعديل باعتبار أنها ضريبة كانت واجبة الأداء والسداد مع الإقرار المقدم ؟ أم إنها تحتسب من تاريخ الإخطار الذي تم إخطار المسجل به والذى تتضمن أسس التعديل وفروق الضريبة المستحقة من واقع التعديل الذي أجرته مصلحة الضرائب المصرية ؟
لو عدنا إلى القانون نجد النص فيه على «حساب الضريبة الإضافية عن الفترة» ولم ينص على حسابها من بداية الفترة، ولو عدنا إلى اللائحة نجدها نصت على «حساب الضريبة الإضافية عن الفترة»، ولم تنص كذلك على حسابها من تاريخ معين .
وبالرجوع إلى باقى نصوص القانون فى الضريبة المستحقة واجبة الأداء من خلال نصوص القانون نجد النص القانونى رقم «31» والذى تحدث عن عن استحقاق الضريبة الإضافية فى حال عدم أداء الضريبة رفق الإقرار الشهري ولم يتحدث عن تاريخ حسابها بالنسبة للضريبة المستحقة من واقع التعديل ؟
كما أن نص المادة 41 من اللائحة التنفيذية المصاحبة للقانون عدد حالات اعتبار الضريبة واجبة الأداء من واقع الإقرار الضريبي والاتفاق باللجنة الداخلية وقرار لجنة الطعن وحكم المحكمة الواجب النفاذ ؟ إلا أن الإشكالية تنبع من التزيد الذى مارست فيه السلطات المعنية سلطة التشريع لا التنفيذ ونص فى قراره الصادر باللائحة التنفيذية فى الفقرة الأخيرة من المادة 41 منه على: «وفى جميع الاحوال تحتسب الضريبة الإضافية من تاريخ انتهاء المدة المحددة لتقديم الإقرار حتى تاريخ السداد».
وهذا النص الذى لم يرد به نص مقابل فى القانون هو الذى يحدث الاشكالية عند التطبيق إذ انه ورغم كونه ليس نص تنظيمى أو تنفيذى يستمد أصله من القانون إلا انه كذلك يتناقض مع القواعد العامة ونصوص القانون المدنى فى شروط واستحقاق وبداية تاريخ حساب الفوائد ومقابل التأخير .
ومقابل التأخير هو مبلغ إضافي من النقود يحدد على أساس نسبة مئوية من مقدار الالتزام الأصلي، سواء كان اتفاقي أو قانوني، ويشترط لاستحقاقها أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب «وقت الإخطار» ولا عبرة بتاريخ مصدر الالتزام بصراحة نص المادة 227 من القانون المدنى؟ بل تشدد القانون المدني في تحديد بدء سريان الفوائد التأخيرية، فجعلها من وقت المطالبة وليس من وقت الإخطار أو الأعذار .
الإخطار بالضريبة والضريبة الإضافية :
خامسا: تقوم المأمورية المختصة بإخطار المسجل بالتعديل والأسس التى استندت عليها على نموذج «15ض.م.ق»، والإخطار بدون أسس لا يترتب عليه اثر قانوني، كما تقوم المأمورية المختصة بالإخطار بالضريبة الإضافية على نموذج «16ض.م.ق»، وتلك الإخطارات بموجب خطاب موصى علية مصحوبا بعلم الوصول أو بأية وسيلة الكترونية لها حجية فى الإثبات وفقا لقانون التوقيع الالكتروني أو بأى وسيلة قانونية تتحقق بها العلم اليقينى .