جرائم "إزعاج الغير" من كتابة "البوست" لـ"الشير" مرورا بـ"إرسال الرسائل بكثافة".. المشرع تصدى لها فى قانون "تقنية المعلومات".. العقوبة تصل للحبس 6 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه.. وقانونى يوضح متى لا تجرم
جرائم تقنية المعلومات - أرشيفية
الخميس، 10 يونيو 2021 10:37 م
تحولت شبكات التواصل الاجتماعي خلال الآونة الأخيرة إلى منصات للشتائم والسب والقذف والتشهير، وغيرها من الجرائم، وذلك لمحاولة النيل من بعض المشاهير أو من غيرهم، حيث إن شبكة الإنترنت وتنوعات مجالاتها أصبحت جزءًا من الحياة اليومية فى العالم لاعتبارها من أكثر الوسائل المستعملة للتعارف بين الناس، وهو ما جعل الناس يعتقدون أنها فضاءً مباحا ومنطقة فوق القانون وهذا الاعتقاد غير صحيح.
وفى الحقيقة لا يعلم الكثيرين من رواد العالم الافتراضي إن القانون يعتبرك مسئولاَ عن صفحتك الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي، لذا أنت تتحمل كامل المسئولية القانونية عن محتوياتها، وأن قمت بنشر ما يعد مخالفاً للقانون فهذا قد يقودك للحبس، فالواقع الإلكتروني والعالم الافتراضي أفرز العديد من التجاوزات عن طريق الاستخدام غير المشروع لمواقع التواصل الاجتماعي، فتحول بعضها إلي الدعوة للاعتداء علي الحريات الشخصية وشرف الأشخاص واعتبارهم أو النظام العام أو الآداب العامة.
جرائم "إزعاج الغير" من كتابة "البوست" لـ"الشير" مرورا بـ"إرسال الرسائل بكثافة"
في التقرير التالى يلقى "انفراد" الضوء على جريمة تعمد إزعاج أو مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، خاصة بعد أن شاعت فى الآونة الأخيرة جرائم تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات لا سيما بعد انتشار هذه الأجهزة الحديثة من محمول إلى إنترنت إلى صفحات تواصل اجتماعى إلى برامج محادثة وهو ما يشكل فى قانون تنظيم الاتصالات جريمة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز 20 ألف جنيه، والغريب أن معظم من يستخدمون هذه الأجهزة يجهلون أمر هذه الجريمة، وهى جريمة تختص بنظرها المحاكم الاقتصادية – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
المقصود بالإزعاج أو المضايقة
في البداية - يقصد بالإزعاج أو المضايقة الاستخدام السيء لأجهزة الاتصالات بُغية إزعاج الغير أو مضايقته ودون مبرر من خلال مناداة الغير عن طريق هذه الأجهزة كى يجيب النداء دون أى خطاب مفيد ولمجرد العبث بوقته وإقلاق راحته وتكديره ومضايقته، والإزعاج لا يقتصر على السب والقذف بل يتسع لكل قول أو فعل تعمَّده الجاني ويضيق به صدر المواطن وتقع الجريمة متى تحقق الإزعاج أو المضايقة من خلال أي جهاز من هذه الأجهزة – وفقا لـ"صبرى".
ويدخل فى عداد السلوك الإجرامي لهذه الجريمة توجيه السب أو القذف عن طريق أجهزة الاتصالات، وكثرة الاتصال بآحاد الناس دون الرد على صاحب الرقم المطلوب أو الاتصال بآحاد الناس فى أوقات غير مناسبة، كما لو تم الاتصال به ليلا أو فى وقت يكون المجنى عليه نائما أو عن طريق السؤال على زوجته وبناته بشكل يسىء للمجني عليه، وعموما أى سلوك يؤدى لإزعاج أو مضايقة المجنى عليه وتكون وسيلته أجهزة الاتصالات، الأمر الذى يؤدى إلى ضجر الغير أو إخبار الزوجة الغائبة بإصابة زوجها فى حادث عن طريق التليفون أو الاتصال بشركات الطيران أو الفنادق وعمل حجوزات وهمية عن طريق التليفون – الكلام لـ"صبرى".
هل يشترط أن يتحقق ضرراَ حتى يتم الإبلاغ؟
والاتصال قد يكون مباشرا من هاتف محمول أو أرضى إلى هاتف محمول أو أرضى آخر أو بإرسال رسالة نصية أو صوتية أو فيديو أو صورة أو رسما أو قصة بذيئة أو تحمل تلميحات جنسية أو تنطوى على ما يخدش الحياء أو الشرف والاعتبار أو من خلال أى من برامج الاتصال أو الدردشة مثل "واتس آب" أو عبر "الإيميل" أو على صفحة من صفحات التواصل الاجتماعى أو من خلال الفيديو كول أو البريد الصوتى ما دام الاتصال من خلال جهاز من أجهزة الاتصالات أيا كان شكله أو اسمه.
ولا يلزم لاكتمال الجريمة أن يرفع الشخص المطلوب سماعة التليفون ويسمع شيئا من جانب من طلبه، فحتى إذا لم يرفع هذا الشخص السماعة، وإنما سمع رنين التليفون فحسب وحتى إذا رفعها غير أن مناديه لم ينبس ببنت شفة وأغلق على الفور طريق الاتصال يتحقق الإزعاج المقصود من نص التجريم العقابي عليه، كما لا يلزم أن يتحقق ضرر أو خطر من جراء الجريمة فهي تتحقق بمجرد ارتكاب السلوك المكون لها.
متى يتوفر القصد الجنائى؟
وإذا تضمن الإزعاج سبا أو قذفا تعدد الوصف القانوني للجريمة ويتعين على المحكمة أن تقضى بعقوبة الجريمة الأشد عملا بالمادة 32/1 عقوبات، وهذه الجريمة من الجرائم العمدية التي تقوم على القصد الجنائي العام بعنصرية العلم والإرادة فيتعين أن يكون الجاني عالما بأنه يقوم بإزعاج أو مضايقة الغير على نحو يحظره القانون وأن تتجه إرادته إلى إحداث هذا الإزعاج أو تلك المضايقة أى يقبل النتيجة المترتبة عليه وبمعنى آخر أن تنصرف إرادة مستخدم جهاز الاتصال إلى إزعاج الغير بهذا الجهاز دون استهداف أية غاية أخرى سوى هذا الإزعاج.
ومن ثم فإن حصول الإزعاج عن طريق الإهمال كمن يتصل برقم هاتف يتشابه إلى حد كبير مع رقم شخص آخر عدا آخر رقم منه مثلا فلا تقوم به هذه الجريمة، وكذلك إذا قام شخص بنشر صورة شخص آخر على صفحته دون أن يقصد إزعاجه، كما لو كان يستحسن وجود صورته لديه أو إذا كان صاحب محل تجميل عرائس ينشر على صفحته صور للعرائس التى تولى تجميلهن بحسبان الصفحة خاصة بهذا المحل حيث ينتفي لديه قصد تعمد ازعاج من قام بنشر صورهن، كما لا يتوافر القصد الجنائي إذا كان من يتصل ونتج عن اتصاله ازعاجا للغير قد عبث بجهاز الاتصال عن جهل منه بطريقة استخدامه.
- تسجيل عبارات الإزعاج من تليفون المجني عليه لا يتطلب إذنا
إجراءات وضع التليفون تحت المراقبة لا تسرى على تسجيل ألفاظ الإزعاج أو المضايقة أو السب والقذف من تليفون المجنى عليه الذى يكون له بإرادته وحدها تسجيلها دون حاجة إلى الحصول على إذن من رئيس المحكمة المختصة، وبغير أن يعد ذلك اعتداء على الحياة الخاصة لأحد ومن ثم فلا جناح على المجني عليه إذا وضع على تليفونه الخاص جهاز تسجيل لضبط ألفاظ السباب أو الإزعاج الموجهة إليه توصلا إلى التعرف على الجاني.
جريمة تعمد الإزعاج عن طريق أجهزة الاتصالات لا تنقضي بالتصالح
لا أثر للصلح على جريمة تعمد إزعاج الغير بأجهزة الاتصال الحديثة ولكن للقاضي من خلال ظروف الدعوى وملابساتها أن يأمر أو لا يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها على المتهم وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأنا فيه بل خص قاضي الموضوع به ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه.
ومما يجدر التنبيه إليه هو وجوب لجوء المجنى عليه إلى الجهات المختصة، فإذا كان الإزعاج عن طريق المحمول "رسائل S M S أو شتائم وتم تسجيلها أو كثرة الاتصال دون رد أى عدد كبير من المزدات" فيكون الإبلاغ فى قسم مباحث التليفونات، ويتعين تقديم التليفون لمطالعة الرسائل أو الحديث المسجل لإثباته فى المحضر، وإذا كان الإزعاج عن طريق الانترنت: "مثل رسائل البريد الإلكتروني أو النشر على صفحات التواصل الاجتماعي أو رسائل فى الخاص أو غرف الدردشة أو بالواتس آب وما شابه"، فيكون في مديرية الأمن قسم مكافحة جرائم الانترنت ويتعين تقديم الجهاز لمطالعة الصفحة لإثبات عبارات الإزعاج للوصول إلى جهاز المرسل من خلال تتبع ( I P ) والوصول الى رقم الهاتف المربوط به الجهاز المرسل سواء كان تليفون أرضى أو شريحة هاتف محمول.
جريمة التعدى على القيم الآسرية
وتخضع جرائم النشر لمواد قانون العقوبات المادة 102 والمواد من 171 حتى المادة 191 وتكون عقوبتها الحبس والغرامة، وتعتبر الاتهامات التي يمكن أن توجه لمرتادى مواقع التواصل الاجتماعي، هى السب والقذف والتشهير وانتهاك حرمة الحياة الخاصة وخصوصية الغير ونشر الأخبار الكاذبة، مما يدخل فى نطاق جرائم النشر أو غيرها وتضع مرتكبها تحت طائلة القانون.
كما تنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018، والخاص بـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات" أنّه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة..".
وفلسفة القانون المصرى بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات تقوم على عقاب المجرم المعلوماتي وليس رقابيا على رقاب الناس، فيمنح المواطنين الحرية في الفضاء الإلكتروني أيا كانت وسائله طالما كانت تلك الحرية تمارس في إطار القانون دون المساس بالأمن القومي للبلاد أو بسمعة المواطنين أو خرق حياتهم الخاصة بما يسيء اليهم فى ارتكاب أفعال السب والقذف والتشهير والابتزاز والإساءة، ويعتبر أول تطبيق لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وهو حماية حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وكل اعتداء على المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، فإذا ما قام صاحب الشأن أو المصلحة بالإبلاغ عما يراه جريمة نشر، فيحق للنيابة العامة حينما تتيقن من صحة ارتكاب الواقعة وترى بها ما يخالف القانون أن تحيل الواقعة للقضاء ليحكم بما قرره القانون عقابا لهذه الجريمة.
الحالة الوحيدة التى لا يجرمك القانون فيما تنشره
والحالة الوحيدة التى لا يجرمك القانون فيما تنشره، إذ كنت تنشر فى جروب مغلق أو لدائرة الأصدقاء فقط، ما لم يكون ما كتبته ضد أحد المشاركين فى هذا الجروب أو أحد الذين تضمهم الدائرة المغلقة للأصدقاء، أما إذا قمت بنشر مشاركات ما " شير بوست" (تحديث حالة، رابط، صورة،..إلخ) وبجانبه تكتب تعليق أى كلمات تفيد تأييدك أو تحبيذك لما تضمنه الخبر أو الصورة، وكانت تلك المشاركات فيها تعمد ازعاج الغير وإساءة استعمال أجهزة الاتصالات للإضرار بالغير يكون الشخص قد ارتكب الجريمة المؤثمة بالمواد رقم (1، 5 /4، 6، 13 /7، 70/ 1 بند 2، 76 ) من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الإتصالات.
مشاركة بوست أو تعليق عليه.. هل مجرم؟
أما فيما يتعلق بالتعليقات؛ إذا كان هناك تعليق من قِبل أحد أصدقائك أو أحد المستخدمين على أحد منشوراتك، فالمسئولية القانونية تقع على صاحب التعليق وليس عليك، وهو ما ينطبق أيضًا على التعليقات التى تصدر منك على منشورات الأخرين، لذلك يجب علينا حماية أنفسنا أثناء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي فيما تنشره ، فلابد من الالتزام بالقانون وبالموضوعية والمصداقية لأن هذا يعني عدم التجريح أو التحريض أو السب والقذف أو نشر الأخبار الكاذبة، فلا ننشر الأمور التى نشك فى صدقها أو الأخبار التى لا نثق فى صحتها فى صيغة تساؤل أو استفسار إلا إذا كان لها مصدر، فذكر المصدر – مثل رابط لمقال أو خبر أو صورة - يلقى بالمسئولية على الناشر الأصلي وليس عليك.
الخلاصة
فرض قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمعروف إعلاميا باسم "جرائم الإنترنت"، عقوبات رادعة في حالة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، بعد حالة الفوضى التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وانتهاك الحياة الخاصة للمواطنين.
المادة 25 في الفصل الثالث من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه في الجرائم التالية:
1. كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة.
2. كل من أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته عبر "فيس بوك" و"واتس آب".
3. كل من نشر عن طريق الإنترنت معلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة.
كما عاقب التشريع بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه، كل من تعمّد استعمال برنامج في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.
يشار إلى أنه فى حالة تعرضك لتلك الرسائل المزعجة توجه ببلاغ رسمي إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والذى يقم بفحص البلاغ وإحالته إلى نيابة الشئون المالية والتجارية، وبعد التحقيق في الواقعة يتم إحالة القضية إلى المحكمة الاقتصادية المختصة، وفقا للقانون ونص المادة 25 المتعلقة بالجرائم الاعتداء على حرمه الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع.