أثار تنامى استخدام عملة "بتكوين" الرقمية جدلا واسعا خلال الفترة الأخيرة، وطُرحت العديد من التساؤلات حول ماهية هذه العملات، وسماتها وآليات عملها، وموقف الحكومات منها، والفرص والمخاطر المحتملة المرتبطة بهذه العملات؟ خاصة مع التطورات المتسارعة فى مجال التطبيقات الخاصة بالأمن السيبرانى، وقد أخذ هذا الجدل فى مصر منحى مهم بعد إصدار الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، فى الأول من يناير 2018، فتوى تحرم استخدام عملة "بتكوين" الرقمية لما تنطوى عليه من مخاطر عالية على الأفراد والدول.
وقال فى بيان له إنه: "لا يجوز شرعًا تداول عملة البتكوين أو التعامل من خلالها بالبيع والشراء والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع من الاشتراك فيها، لعدم اعتبارِها كوسيط مقبول للتبادلِ من الجهات المختصة، ولما تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالة والغش فى مصرِفها ومعيارها وقِيمتها، فضلًا عما تؤدى إليه ممارستها من مخاطر عالية على الأفراد والدول"، إلا أن الدكتور مجدى عاشور، مستشار مفتى الجمهورية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خرج علينا فى 16 أكتوبر الماضى، ليؤكد أن هناك حالة وحيدة يكون فيها التعامل بـ"البتكوين" حلال شرعا وهى أن يخرج علينا البنك المركزى والاقتصاديين والقانونيين ويؤكدوا لنا أن تداول عملة البتكوين أو التعامل من خلالها بالبيع والشراء والإجارة وغيرها لا تضر بالاقتصاد المصرى.
موقف عملة البيتكوين بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعى
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكاليات فى غاية الأهمية تتعلق بعملة البتكوين أو التعامل من خلالها بالبيع والشراء والإجارة من خلال خصائص العملة ونشأتها وكيفية الحصول على البيتكوين، والفرق بين العملة الرقمية والنقود الالكترونية، والموقف الدولى من عملات البيتكوين، وموقف عدد من الدول العربية والأوربية من البتكوين، موقف التشريع المصرى الحالى من البيتكوين، والحكم الشرعى لعلمة البيتكوين فى عدد من الدول العربية حيث أن عملة "البيتكوين" هى عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط دون وجود فيزيائى لها، كما أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأى عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت أو حتى تحويلها إلى العملات التقليدية – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض الدكتور إسلام خضير.
خصائص عملة البيتكوين
فى البداية - عملية تعدين "البيتكوين" تتشابه بدرجة كبيرة مع عملية البحث عن الذهب، لكن فى حالة "البيتكوين" يتم تعدين العملة عن طريق الحاسوب، وهى عملية توثيق التعاملات التى تتم بواسطة "البيتكوين" من قبل المستخدمين الآخرين، والتى تتم مكافأة الفرد العامل فى التعدين عليها وتحقق له ربحا إضافيا من تلك العملة الرقمية، تتسم البيتكوين بأنها عملة ليست فيزيائية، وإنما عبارة عن أرقام ورموز تنتقل بين المحافظ الالكترونية للأشخاص بطرق يتعذر فيها تتبع حيثيات البيع والشراء او هوية المتعاملين بها، وهو ما جعلها من أكثر العملات الالكترونية تداولاً فى مجال حركة الأموال المشبوهة حول العالم، ومن خصائصها ما يلى – وفقا لـ"خضير":
1- إخفاء هوية المتعاملين بها، فلا يتطلب تداولها الافصاح عن أى بيانات أو معلومات شخصية لمستخدميها مقارنة بما يجرى فى باقى العمليات التجارية الالكترونية التى تتوسطها المؤسسات الائتمانية كالبنوك والحكومات.
2- تسمح بتحويل الاموال إلى أى رقعة جغرافية وذلك فى نطاق الهيئات التى تعترف بها.
3- تتسم بالإدارة التلقائية للصفقات المالية والتجارية التى تنجز فى بضع ثوان مع تعتيمها التام لموضوع الصفقات المتداولة فى عملياتها مما يجعل تعقبها بالغ الصعوبة.
4- ليس بإمكان أى جهة خارجية توقيف معاملات البيتكوين فى حال إجرائها مهما كان موضوعها.
نشأة البيتكوين
نشأة البيتكوين جاءت حينما بدأ "ساتوشى ناكاموتو" العمل على مبدأ بيتكوين فى العام 2007 فى اليابان، ويقال بأن ناكاموتو هو اسم مستعار جماعى لأكثر من شخص واحد، فى شهر أغسطس من العام 2008، تم تسجيل موقع bitcoin.org كنطاق وتم إطلاق النسخة الأولى من العملة فى شهر يناير 2009، وسعر صرف الإصدار الأول من bitcoin حدد قيمتها عند 1309.03 Bitcoin لكل دولار أمريكى، باستخدام المعادلة التى تتضمن تكاليف الكهرباء لتشغيل الكمبيوتر الذى يصدر وحدات Bitcoin، وقد تأسس سوق بتكوين كبورصة لعملة بيتكوين فى شهر فبراير 2010 وأول تعامل عالمى حقيقى باستخدامها حدث عندما تم دفع 10,000 بيتكوين مقابل بيتزا على منتدى بيتكوين عند ذلك الوقت، سعر الصرف لشراء البيتزا كان حوالى 25 دولار أمريكا – الكلام لـ"خضير".
يشار إلى أنه عندما تم تقديم bitcoin فى البداية، أن أغلب الناس كانوا مترددين بشأن العملة الافتراضية ولم يعلموا ما يصنعون بعملة لا يمكن مشاهدتها ولا لمسها، والحقيقة أنها قدمت كعملة لا مركزية من دون أى تشريع على الإطلاق وفى نوفمبر 2008، تم نشر ورقة فى قائمة بريدية مشفرة تحت اسم "ساتوشى ناكاموتو" بعنوان بيتكوين فى نظام النقد الإلكترونى "الند للند"، وتناولت هذه الورقة طرقا مفصلة لاستخدام شبكة لخلق ما وصف بأنه: "نظام للمعاملات الإلكترونية دون الاعتماد على الثقة".
كيفية تطور عملة البيتكوين
وفى يناير 2009، خرجت شبكة بيتكوين إلى حيز الوجود مع ظهور أول عميل بيتكوين وإصدار العملات الأولى - واحد من أوائل المؤيدين، والمتبنين، والمساهمين فى بيتكوين، وأول من تعامل بالبيتكوين كان المبرمج "هال فينى”، فقد قام بتحميل برمجيات موقع بيتكوين فى نفس اليوم الذى صدر فيه، وتلقى 10 عملات من "ناكاموتو" فى أول معاملة بيتكوين فى العالم، وكان من بين أوائل المؤيدين الآخرين "وى داى” منشأ الموقع التالى بعد بيتكوين b-money، ونيك زابو، منشأ الموقع bit gold، وفى الأيام الأولى، يقدر أن "ناكاموتو" كان يمتلك مليون بيتكوين، قبل أن يختفى من أى تورط فى بيتكوين، وقام "ناكاموتو" بتسليم المقاليد إلى المطور "غافن أندرسن"، الذى أصبح بعد ذلك مطور بيتكوين الرائد فى مؤسسة بيتكوين .
كيفية الحصول على البيتكوين
يتم الحصول على البيتكوين من إحدى الطريقين:
الأول: الشراء
يقوم من خلاله الشخص بشراء البيتكوين من وسطاء أو مواقع تمتلك البيتكوين، وغالباً ما تتم عملية الشراء بعملات أخرى كالدولار أو أى عملة يرتضيها البائع وبالطريقة التى يتفق عليها الطرفين.
الثانى: التعدين أو التنقيب أو التوليد
ويقصد بتعدين البيتكوين أى استخراجه وتنقيبه ولتبسيط المفهوم فالعملية تشبه استخراج الذهب من باطن الأرض، فكما أن الذهب يحتاج لاستخراجه معدات مخصصة فإن البيتكوين يحتاج أجهزة معدات وبرامج مخصصة لفك الشفرات والعمليات الحسابية المعقدة، وهذه الطريقة تقوم على شراء جهاز خاص بالتوليد وهو جهاز يتمتع بمواصفات فائقة من حيث القوة والسرعة والأداء ويقوم بما يشبه بحل المعادلات والخوارزميات ويولد بيتكوين مع مرور الوقت وتنحصر مهمة الشخص فى شراء الجهاز وتشغيله فقط، ومهما كانت الطريقة التى يحصل منها الشخص على البيتكوين فإنه يحب أن يحصل على محفظة إلكترونية "حساب بنكى إلكترونى" ليتم تحويل البيتكوين عليه.
الفرق بين العملة الرقمية والنقود الإلكترونية
قبل ظهور ثورة العملات الرقمية كان هناك نوع من النقود يُعرف بالنقود الالكترونية، ويمكن تعريفها بأنها: "مخزون إلكترونى لقيمة نقدية على وسيلة تقنية، يُستخدم للقيام بمدفوعات لمتعهدين غير من أصدرها، دون الحاجة إلى وجود حساب بنكى عند إجراء الصفقة، وتستخدم كأداة محمولة مدفوعة مقدما".
فهى تشبه العملات الالكترونية من حيث أنه يتم تخزينها على الحواسيب والوسائط الالكترونية، وأيضا من ناحية أنه يتم تداولها عن طريق الشبكة الالكترونية، ولكن الفرق بينهما أن النقود الالكترونية فى أصلها هى نقود حقيقية مثل الدولار أو اليورو أو الدرهم، تم تحويلها إلى وحدات إلكترونية ً، ومخزنة على الاجهزة الالكترونية، وغير مرتبطة بحسابات بنكية، أما العملات الرقمية فلا تمثل أى عملة من العملات الحقيقية القانونية، إنما هى عملة مستقلة فى ذاتها وغير مغطاة بأية عملة أخرى ولا مرتبطة بأية جهة سيادية أو مركزية، لذا فإن حكم النقود الالكترونية هو نفس حكم النقود القانونية المتداولة بين أيدى الناس، لأنها مجرد تحويل شكل النقود المعهود إلى وحدات إلكترونية باستخدام الوسائل التقنية.
الموقف الدولى من عملات البيتكوين
يختلف الوضع القانونى للبيتكوين بشكل كبير من دولة لأخرى، ولا يزال غير محدد أو متغير فى كثير منها؛ فى حين أن غالبية الدول لا تعتبر استخدام البيتكوين نفسه غير قانونى، وقد اعترفت بهذه العملة كل من: "المانيا وكندا والسويد والمملكة المتحدة والنمسا وسويسرا"، أما الدول التى حظرت أو حذرت من التعامل بالبيتكوين هو: "الصين وايسلندا وفيتنام، وبوليفيا والإكوادور وقيرغيزستان وروسيا، وبنغلاديش"، فقد قال البنك المركزى البنغلاديشى أن عقوبة مستخدى العملة هى السجن التى تصل الى 12 سنة.
ومن البلدان العربية فقد منعته " السعودية ولبنان والمغرب"، ووضعها كأموال "أو سلعة" يختلف، مع تبعات تنظيمية مختلفة، وبينما سمحت بعض الدول صراحة باستخدامها وتجارتها، فإن البعض الآخر حظرها أو قيدها، وبالمثل، فقد صنفت مختلف الوكالات الحكومية والإدارات والمحاكم البيتكوين بشكل مختلف.
موقف أمريكا من البيتكوين
حصلت البيتكوين على مزيد من الشرعية عالميا، وبالتحديد من إحدى الدول التى كانت تحاربها بالتصريحات والتضييقات، فقد تلقت البنوك الأمريكية الضوء الأخضر من المنظمين لتقديم خدمات تخزين العهدة لبيتكوين والعملات المشفرة الأخرى، وفق ما أصدره مكتب المراقب المالى فى الولايات المتحدة (OCC)، الذى ينظم جميع البنوك الأمريكية الوطنية والأجنبية وكذلك جمعيات الإدخار الفيدرالية، ومن المتوقع أن تبدأ البنوك العاملة فى السوق الأمريكية، بتجهيز منتجات وبرامج مصرفية تتيح لعملائها الاحتفاظ بكل البيانات المشفرة التى تحفظ حقوقهم فى العملة الافتراضية، مقابل اشتراكات معينة، وبذلك تنتقل هذه البيانات والرموز من أجهزة القرص الصلب لأصحابها إلى الخزائن الافتراضية، فتضمن على الأقل عدم ضياع هذه البيانات التى تتيح للعملاء الوصول إلى عملاتهم المشفرة دون أية مشاكل.
موقف فرنسا من البيتكوين
أوصى محافظ بنك فرنسا بأن يقوم الاتحاد الأوروبى ببناء إطار تنظيمى حول العملات المشفرة للحفاظ على هيمنته المالية، وأكد محافظ بنك فرنسا أنه مع وجود العملات المشفرة، فإن الأداء الدولى لليورو مهدد، مع ذلك فإن العديد من البلدان الأخرى، مثل فرنسا وكندا والولايات المتحدة وروسيا التى تتطلع إلى ابتكار العملة الالكترونية للبنك المركزى لا تزال فى المراحل الأولى من تنفيذ عملتها الرقمية، كما يجرى العمل على اتفاقية العملة الرقمية للبنك المركزى فى فرنسا CBDC، من أجل إتقان العملية، حيث عمل بنك فرنسا مع بنك سوسيتيه جنرال لاختبار المعاملات الرقمية، وترميز الأوراق المالية، وتسوية المعاملات على البلوكشين الخاص.
موقف التشريع المصرى الحالى من البيتكوين
وقد حذر البنك المركزى المصرى من التعامل بالعُملات المشفرة أو الإتجار فيها أو الترويج لها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها داخل السوق المصرية، حيث نصت المادة (206) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020 على حظر إصدار العُملات المشفرة أو الإتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها وطبقا لقانون البنك المركزى المصرى رقم 194 لسنة 2020، يعاقب بالحبس أو وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 10 ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أيًا من أحكام المادة (206) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى، كما نص القانون على أنه فى حالة العودة لمخالفة أحكام المادة 206 من القانون، يحٌكم بالحبس والغرامة معًا.
وتنص المادة 206 من القانون على: "يحظر إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية، أو الاتجار فيها، أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها، بدون الحصول على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزى طبقا للقواعد والإجراءات التى يحددها".
الحكمة من تجريم البنك المركزى ما يلى
1- احتوائه على مخاطر مرتفعة وغرر فاحش، ويَغلُب عليها عدم الاستقرار والتذبذب الشديد فى قيمة أسعارها؛ نتيجة للمضاربات العالمية غير المُرَاقَبَة التى تتم عليها، مما يجعل الاستثمار بها محفوفاً بالمخاطر ويُنذِر باحتمالية الخسارة المفاجئة لقيمتها نتيجة عدم إصدارها من أى بنك مركزى أو أى سُلطة إصدار مركزية رسمية.
2- هذه العُملات ليس لها أصول مادية ملموسة.
3- لا تخضع لإشراف أى جهة رقابية على مستوى العالم، وبالتالى تفتقر إلى الضمان والدعم الحكومى الرسمى الذى تتمتع به العُملات الرسمية الصادرة عن البنوك المركزية.
4- الاختراق: فعلى الرغم من صعوبة اختراق الحساب إلا أنه عند اختراق المحفظة فان المخترق يكون قاداً على نقل البيتكوين من المحفظة الإلكترونية المخترقة إلى محفظته بشكل فورى.
الحكم الشرعى لعلمة البيتكوين
فتوى دار الإفتاء المصرية
فى عام 2018 - أصدرت دار الافتاء المصرية فتوى حرمت فيها التعامل بعملة "بتكوين"، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ فى مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، وذلك يدخلُ فى عموم قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"، فضلًا عما تؤدى إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول، والقاعدة الشرعية تقرر أنه: "لا ضرر ولا ضرار".
فتوى دار الإفتاء الفلسطينية
وعلى غرارها أصدرت دار الإفتاء الفلسطينية بالتحريم لاحتوائها على الغرر الفاحش وتضمنها المقامرة كما أنه لا يجوز بيعها وشراؤها لأنها مازالت عملة مجهولة المصدر ولا ضامن لها ولأنها شديدة التقلب والمخاطرة والتأثر بالسطو على مفاتيحها ولأنها تتيح مجالاً كبيراً للنصب والاحتيال والمخادعة.
فتوى الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف بدبى
وقد جاء فى ملخص فتواها البيتكوين عملة رقمية لا تتوفر فيها المعايير - الشرعية والقانونية - التى تجعلها عملة يجرى عليها حكم التعامل بالعملات القانونية الرسمية المعتبرة دولياً، كما أنَّها لا تتوفر فيها الضوابط الشرعية التى تجعل منها سلعة قابلة للمقايضة بها بسلع أخرى، ولهذا: فإنه لا يجوز التعامل بالبيتكوين أو العملات الالكترونية الأخرى التى لا تتوفر فيها المعايير المعتبرة شرعاً وقانوناً، وذلك لأن التعامل بها يؤدى إلى عواقب غير سليمة: سواء على المتعاملين، أو على الأسواق المالية والمجتمع بأكمله، وسواء اعتبرناها نقداً أو سلعة فالحكم يشملها على كلتا الحالتين .
أخيراً: موقف المشرع من البيتكوين
إجراءات التحقيق
أولاً: مرحلة جمع الاستدلالات
1- وتعد هذه المرحلة أولى مراحل الدعوى الجنائية التى تتضمن اتصال علم جهات التحقيق بوجود جريمة سواء عن طريق بلاغ يقدم الى مأمورى الضبط القضائى أو حالة تلبس أو أى طريق كان يؤدى إلى اتصال علم تلك الجهة بوجود جريمة.
2- ويجب على مأمورى الضبط القضائى وفقاً لنص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية أن يجمعوا الإيضاحات اللازمة لكشف الحقيقة بمجرد ورود البلاغ إليهم، ثم يقوموا بإثباتها فى محضر ويتم إرسالها الى النيابة العامة المختصة.
3- وبإنزال ما سبق من ثوابت قانونية على واقعة الاتجار فى العملات الرقمية؛ إذ يستنجد بك أحد موكليك يحدثك عن البيتكوين فإنه غالباً ما يحدثك عن واقعة نصب حدثت له أن احد الاشخاص "المتهم"، قام بالاستيلاء على أمواله بإيهامه بأنه يقوم بعملية تعدين البيتكوين أو لديه بيتكوين ويريدك أن تشترى منه أو تشاركه فى التعدين فيوهمك بهذا المشروع للاستيلاء على اموالك.
4- فما عليك إلا التوجه الى إدارة مكافحة جرائم النقد والتهريب التابعة لمباحث الأموال العامة بقطاع الأمن الاقتصادى لتحرير محضر بالواقعة.
5- وعلى الفور ستقوم الادارة بعمل التحريات اللازمة.
6- لتقوم النيابة بالتحقيقات اللازمة وصدور قرار بضبط واحضار المتهم بناء على تحريات المباحث وتقوم بسماع اقوال الشاكى والمتهم.
7- ثم توجه له عدة اتهامات كلها أو بعضها منها:
أ- النصب
ب- إصدار او اتجار أو ترويج أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بالعملات المشفرة دون الحصول على الترخيص.
ج- جريمة تحويل الأموال من والى البلاد خارج نطاق البنوك بالمخالفة للقانون.
د- من جرائم امن المعلومات حيث المادة (27) من القانون رقم 175 لسنة 2018 قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات نصت علي: "فى غير الأحوال المنصوص عليها فى هذا القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشا أو أدار أو استخدم موقعا أو حسابا خاصا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانوناً".
و- جناية غسل أموال.
ثانيا: الادعاء المدنى
1- يجوز للمجنى عليه أو وكيله الادعاء المدنى فى مرحلتى الاستدلال والتحقيق بشرط صراحة الادعاء أو طلب التعويض فى الشكوى التى يقدمها الى النيابة العامة أو الى أحد مأمورى الضبط القضائى أو فى ورقة مقدمة منه بعد ذلك؛ وذلك وفقاً لنص المادة 27 و28 من قانون الإجراءات الجنائية.
2- وتظهر أهمية الادعاء المدنى فى عدة أمور أهمها جواز استئناف الامر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من النيابة العامة، وذلك وفقاً لنص المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية.
3- ويحصل الطعن بتقرير فى قلم الكتاب – الجدول – فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان المدعى بالحق المدنى بألا وجه.
4- ويرفع الطعن الى محكمة الجنايات منعقدة فى غرفة المشورة فى مواد الجنايات والى محكمة الجنح المستأنف منعقدة فى غرفة المشورة فى مواد الجنح والمخالفات، ويتبع فى رفعه والفصل فيه الاحكام المقررة فى شأن استئناف الاوامر الصادرة من قاضى التحقيق.
5- كما أن للمدعى بالحق المدنى حضور التحقيق ماعد حالتى الضرورة والاستعجال وتقديم الطلبات والدفوع، ويجب إعلانه بأوامر المحقق التى تصدر فى غيبته فى ظروف أربعة وعشرين ساعة من تاريخ صدورها وذلك وفقاً لنص المادة 526 من التعليمات القضائية للنيابات.
6- وعنما تجد النيابة العامة ثبوت الاتهام فى حق المتهم فإنها تحيل الموضوع برمته الى المحكمة الاقتصادية ليواجه التهمتين بالحبس والغرامة التى قد تصل الى 10 مليون جنيه أو أحدهما أو السجن إذا تم تكييفها جناية، مع حق موكلك بالادعاء بالحق المدنى المؤقت ليحصل بعد أن يصبح الحكم الجنائى الانتهائى الى تعويض مدنى عما اصابه من ضرر مادى وادبى متمثل فى استيلاء المتهم على امواله مع الفوائد القانونية، وكذا ما تكبده من خسارة واتعاب المحاماة وما فاته من كسب وغيره فتسلك السلك المدنى.