"إنجاز القضايا المتأخرة بالمحاكم خلال العام القضائى الجارى".. هو التكليف الأهم والأبرز خلال الفترة المقبلة الذى ستولى وزارة العدل الاهتمام البالغ للوصول لتحقيقه مع الأخذ فى الاعتبار المجهود بالغ الأثر الذى تبذله الوزارة فى الانتهاء من القضايا حيث أن القضايا المدنية المتداولة بالمحاكم قبل عام 2020 تمثل 12% من إجمالى القضايا المدنية المتداولة فى الأول من يناير 2020، كما أن قضايا الأسرة المتداولة بالمحاكم قبل عام 2021 تمثل 3,5% من إجمالى القضايا المتداولة فى الأول من يناير 2021.
المطالبات المستمرة بسرعة التقاضى والانتهاء من القضايا وإنجازها هو الملف الأبرز الذى بدأته وزارة العدل منذ عامين تقريبا، ما أُطلق عليه حينها بـ"العدالة الناجزة"، وذلك لأهمية سرعة الفصل فى القضايا التى أثبت الواقع العملى أنها تستغرق وقتا طويلا لأسباب متعددة، منها كثرة عدد القضايا فضلا عن أن الإجراءات الجنائية أو المدنية فيها من التعقيدات ما يؤدى إلى تأجيل الدعاوى الى فترات متباعدة بسبب تدخل العامل البشرى فى هذه الإجراءات، وعلى سبيل المثال وليس الحصر إعلان الخصوم بصحف الدعاوى المبتدئة وما يتم فيها من صدور أحكام تمهيدية أو شطب الدعوى أو وقفها أو انقطاع سير الخصومة فيها، وذلك من خلال إجراءات الإعلان بواسطة أقلام المحضرين وانتقالهم إلى موطن المعلن إليهم.
كيف تنتهى وزارة العدل من القضايا المتأخرة بالمحاكم؟
من جانبه – يقول المستشار أحمد عبد الرحمن الصادق، رئيس المحكمة السابق – أن مسألة إنجاز القضايا المتأخرة بالمحاكم خلال العام القضائى الجارى تأتى نتيجة ازدياد أعداد القضايا والخصومات ويتأجل الفصل فيها على مختلف درجات المحاكم وتعددها، ورغم زيادة عدد المحاكم على مستوى المحافظات إلا أننا نتطلع دائما إلى منظومة كاملة حتى نصل للعدالة الناجزة بشكل كامل للقضاء على معاناة المتقاضين والقضاة من كثرة المنازعات، ولذلك يبدو الحل فى مواجهة هذه الأسباب المتعلقة بكثرة التقاضى والمنازعات فى ضرورة تعميق ثقافة التسامح والتصالح حتى نقلل من أعداد المنازعات التى وصلت لنسب وأرقام كبيرة فى بعض الأحيان.
وعن الإجراءات المطولة والمعقدة والتحايل على النصوص – يوضح "الصادق" فى تصريح لـ"برلمانى" - أنه يجب مواجهتها بتبسيط الإجراءات بشكل كبير وإدخال تشريعات من شأنها أن تسهل سرعة تحقيق انجاز القضايا المتأخرة بالمحاكم خلال العام القضائى الجارى، أو بمعنى أدق الوصول للعدالة الناجزة، وإقامة دورات تدريبية بشكل أعم وأوسع للمسئولين، ثم يأتى دور السلطة التنفيذية فى تنفيذ هذه الأحكام، وبذلك يقل عدد القضايا أمام المحاكم ويرسخ لدى المواطن فكرة سيادة القانون وإنفاذه وتحقيق العدالة بشكل أكبر، وذلك فى ضوء مبادئ الدستور الذى ينص على تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، وهو ما تعمل وزارة العدل على تحقيقه منذ أزمة كورونا فى أواخر عام 2019.
قضايا الأحوال الشخصية
والمتابع الجيد للمحاكم – الكلام لـ"الصادق" – يجد أن "رول" الجلسة الواحد قد يصل فى كثير من الأحيان إلى 400 قضية فى الجلسة الواحدة، فاكتظت المحاكم بالقضايا، كما أن قضايا الأحوال الشخصية تكتظ بها ساحات المحاكم سواء أمام محكمة الأسرة أو النيابة، الأمر الذى يتطلب إعادة النظر فى تشريعات الأحوال الشخصية وإجراءاتها حتى يمكن الوصول إلى عدالة ناجزة ورعاية شئون الأسرة، فلدينا قضايا بالملايين ولا توجد أو تخلو أسرة واحدة فى مصر من وجود قضية أو اثنتين، لذلك كان من الضرورى تعميق ثقافة التصالح والتسامح بين الأسر وبعضهم البعض، كما أن اللجوء إلى لجان فض المنازعات التى اشترط القانون اللجوء إليها قبل رفع الدعوى، ثبت من خلال الواقع العملى أنها أصبحت عبئا على المواطنين دون جدوى بل تثقل عليهم ولم تحقق الهدف الذى أنشئت من أجله، وهو الأمر الذى يجب التصدى له لتحقيق إنجاز القضايا المتأخرة بالمحاكم خلال العام القضائى الجارى.
زيادة قاعات المحاكم
ومن الأسباب التى ستساعد على إنجاز القضايا المتأخرة بالمحاكم خلال العام القضائى الجارى، هو السعى لزيادة عدد القاعات فى المحاكم، خاصة فى الدعاوى المدنية والتجارية والأحوال الشخصية والضرائب والعمالية، فيمكن أن تخصص لها القاعات فى الفترة المسائية وذلك حتى تتمكن وزارة العدل من إنشاء العدد الكافى من القاعات لاستيعاب الدوائر الجنائية والمدنية التى تحتاج إليها، ولابد لتحقيق سرعة إنجاز القضايا إصدار قوانين الأحوال الشخصية والإجراءات الجنائية وقوانين المرافعات المدنية والتجارية والإدارية المعروضة على مجلس النواب منذ فترة طويلة، وزيادة عدد القضاة.