من المتعارف عليه من الناحية القانونية أن الزوجة تستحق النفقة في القانون نظير حق احتباس الزوج لها على ذمته، ومن البين من نص المادة الأولى من القانون 25/1920 على النفقة المستحقة للزوجة وتشمل: "الغذاء والمسكن والكسوة ومصاريف العلاج؛ إضافة لكافة المصاريف الأخرى"، ومن المقرر أن نفقة الزوجية واجبة على الزوج شرعًا لقاء احتباسها عليه وأن النفقة للزوجة دينًا عليه فى ذمته لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء طبقًا للمادة الأولى من القانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة1985 وإذا توافر شروط الاستحقاق فهنا تستحق الزوجة النفقة مع يسار او اعسار الزوج طالما كان قادرا على الكسب.
للمتضررات.. هل الزوج ملزم بدفع مصاريف الحمل والولادة بعد الطلاق؟
وكل هذه الحقوق تكون للزوجة حال استمرار رابطة الزوجية، ولكن تتساءلن الكثيرات عن حقوقهن بعد الطلاق، وخاصة إذا كانت حاملا وفى حاجة لمصاريف الولادة، فهل الزوج ملتزم بمصاريف الحمل والولادة وهل من حقها أن تحدد الولادة بالمستشفيات الحكومية أم الخاصة؟ وهل تعتبر مصاريف الولادة من النفقة الشرعية الواجبة على الزوج أو أب المولود والتي عليه دفعها للزوجة؟ هل مصاريف الولادة من مصاريف علاج الزوجة؟ ومن الملزم بأجر القابلة أو الطبيب؟ هل يختلف الأمر إذا الولادة تمت والمرأة مطلقة؟ وما أثر عدة الحامل المطلقة على موقف المطلق بشأن مصاريف الولادة، وأجر الطبيب من حيث إلزامه أو عدم إلزامه بها؟
الولادة في المستشفيات الحكومية
وللإجابة على حزمة الأسئلة هذه – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض شريف طه الحكيم - من المعروف أن من لحظة الزواج تكون الزوجة مسئولة مسؤولية كاملة من الزوج شرعا وقانونا، ولكن عند الخلاف من المحتمل أن يتنصل الزوج من هذا الالتزام، وفى جهة أخرى يمكن أن تحاول الزوجة إرهاق الزوج ماديا وخاصة في مصاريف الحمل والولادة، وهنا يلتزم الزوج بسداد مصاريف الحمل والولادة الخاصة بالزوجة في المستشفيات الحكومية إلا إذا تقدمت الزوجة بما يثبت أن ظروف الزوج المادية، ووضعه الاجتماعي تسمح بالولادة بمكان أفضل، وفى حالة كون الزوج فقيرا أو ظروفه لا تسمح بمصاريف الولادة في المستشفيات الخاصة، وأن الزوجة تحاول إرهاقه برفع دعوى قضائية لإلزامه بدفع مصاريف الولادة في المستشفيات الخاصة، يبحث القانون ظروف الزوج وإذا ثبت أنه لا يستطيع سداد هذه النفقات فيعفى منها الزوج أو يعفى من جزء منها، بما يتناسب مع وضعه.
الولادة في المستشفيات الخاصة
وبحسب "الحكيم" في تصريح لـ"برلماني" أنه في حالة أن ظروف الزوج تسمح بمصاريف الولادة في المستشفيات الخاصة، فالقانون يلزمه بسداد هذه النفقات، دون أي تخفيض، وفى جميع الأحوال فإن الأصل العام في القانون، أن هناك دعوى تسمي مصاريف حمل، ومصاريف ولادة، فعلى الزوجة تقديم الأوراق الخاصة بالإشاعات والتحاليل وروشتات العلاج، وكذلك فاتورة المستشفى بالولادة وإذا امتنع الزوج عن سدادها، فمن حقها قانونا أن تقوم برفع دعوى قضائية عليه للمطالبة بتلك المصروفات، وعلى القانون إلزامه بها.
ووفقا للخبير القانوني: من خلال الاجابة على هذه التساؤلات نستطيع اقتراح صياغة نص قانوني لهذا الموضوع، وذلك نظرا لكون هذا الموضوع يخلو من النص القانوني وعملا بقاعدة أن أرجح الأقوال في المذهب الحنفي هي المعمول بها في المحاكم، فقد نصت المادة 1/3 من قانون رقم 25 لسنة 1920 "المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985" – كما رأينا – علي أن نفقة الزوجية تشمل مصاريف العلاج، وهي المصاريف اللازمة لعلاج مرض بالزوجة، والولادة لا تعتبر مرضاً، وقد فرق الفقهاء بينهما وبين النفاس وعلي ذلك لا تندرج مصاريف الولادة ضمن مصاريف العلاج التي نصت عليها الفقرة المذكورة ولا يلزم بها الزوج.
رأى المذهب الحنفي في مسألة مصاريف الولادة
ويضيف "الحكيم": وإذا خلا القانون من نص علي الملزم بمصاريف ولادة الزوجة، فانه يتعين الرجوع في ذلك إلى الرأي الراجح في المذهب الحنفي عملا بالمادة الثالثة من قانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع واجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، وفى هذا الشأن يرى فقه المذهب الحنفي علي أن أجر القابلة "المولده أو الداية قديما" علي من استأجرها، فإن استأجرها الزوج فعليه وأن استأجرتها الزوجة فعليها، أما إذا جاءت القابلة دون استئجار، فقال البعض أن أجرتها علي الزوج لأنها مؤنة الجماع، وقال البعض أن أجرتها علي الزوجة كأجرة الطبيب، وقد رجح العلامة ابن عابدين الرأي الأول لأن نفع القابلة معظمه يعود إلي الولد فيكون علي أبيه.
مصاريف الولادة؟
والشأن في الطبيب المستحضر عند الولادة أن يستقبل الولد ويقوم بجميع ما تقوم به القابلة بل أكثر منه فيكون حكمه حكمها، ويلحق بأجر القابلة الطبيب وثمن الأدوية والمستحضرات الطبية اللازمة للزوجة في الولادة لأنها أثر من آثارها، وبذلك يكون مصاريف الولادة للزوجة تعد من نفقة المولود على ابيه وليس من نفقة الزوجة حيث إن مصاريف الولادة للزوجة تعد من نفقة المولود على ابيه وليست من نفقة الزوجة، وتقدر مصروفات العلاج فى ضوء حالة الزوج المالية يسراً وعسراً بصرف النظر عما تقدمه الزوجة من أوراق وعما تكبدته من مصروفات للعلاج ويخضع الأمر لتقدير قاضى الموضوع.
سلطة المحكمة التقديرية في تقدير مصاريف العلاج
وللمحكمة السلطة التقديرية في تقدير مصاريف العلاج، فاذا أقامت الزوجة الدعوى بغية القضاء لها بمصاريف علاج للصغير ودللت على ذلك بعدد من روشتات طبية باسم الصغير وأشعة سونار وكذا فواتير صادرة من صيدلية واحدة، وحيث أن نفقة علاج الصغار هى من بين النفقات التى تقع على عاتق الأب وأن المحكمة تطمئن إلى الروشتات الطبية الخاصة بالصغير، وأثير بشأن فواتير الصيدلية مثلا أنها بدون تاريخ ودون توقيع أو خاتم عليها ولم يدون بها اسم الصغير أو المدعية، الأمر الذى لا تطمئن معه المحكمة لتلك الفواتير مع مراعاة يسار او اعسار الاب وهو أمر متروك لتقدير المحكمة.