أعلنت الحكومة المصرية عن تنفيذ إجراءات مشددة لضبط الأسواق المحلية ومنع الاحتكار ، وامتصاص الصدمات الاقتصادية التي يمكن ان تخلفها الحرب الدائرة بين روسيا وأكرانيا وتبعيات تلك الحرب، حيث أن هناك مخاوف عالمي من زيادة نسبة التضخم في الدول نتيجة القرارات التي ستتخذها الدول المرتبطة بتلك الحرب.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء قال ان الاقتصاد العالمى مر بالعديد من الأزمات منذ عام 2008 تقريبا، وكلما بدأنا نتعافى من أزمة تتبعها أزمة أخرى جديدة؛ فعلى الرغم من أننا كنا على وشك التعافى من أزمة كورونا وما تلاها من أزمة التضخم واضطراب سلاسل الإمداد، حيث شهدت الأسواق اضطرابا شديدا وارتفاعا فى الأسعار للسلع العالمية بسبب هذا التضخم، وكذلك ارتفاع تكلفة الشحن، فإن الحكومة وهى تراقب عن كثب تلك الأزمات الاقتصادية، بدأت الأزمة الروسية الأوكرانية لتلقى بظلالها على كل دول العالم وليس فقط على هاتين الدولتين المنخرطتين فى هذه الأزمة، وهو ما أدى إلى ظهور موجات تضخمية كبيرة التى تحدث عنها جميع خبراء العالم، كما أن صندوق النقد الدولى أكد أنه ستكون هناك تأثيرات كبيرة جراء هذه الأزمة على اقتصادات العالم والأسواق المالية، وفى كل بلدان العالم، إضافة لما قاله رئيس البنك الدولى، والذى التقيناه الأسبوع الماضى، من أن الأزمة الروسية الأوكرانية اندلعت فى وقت سيئ للغاية يشهد التضخم فيه معدلات عالية وتواصل الأسعار ارتفاعاتها على مستوى العالم، مما زادت معه حدة هذه الأزمة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى أنه بعد 14 يوما فقط من اندلاع الأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا والتى تكبد العالم نحو 400 مليار دولار، حسبما يرى الخبراء، حتى أن دول العالم بدأت تغير لهجتها التفاؤلية مع بدء التعافى من جائحة كورونا لتظهر نظرة تشاؤمية حيال الأزمة الجديدة وانعكاساتها على اقتصادات الدول، وبدلا مما كان متوقعا أن تستمر موجات التضخم لفترة مؤقتة، أصبحت هناك آراء عديدة ترجح استمرار هذه الموجات لفترات أخرى.
وضرب رئيس الوزراء عدة أمثلة تبين حجم الآثار السلبية للموجات التضخمية، التى طالت الدول العظمى نفسها، مشيرا فى هذا السياق إلى أن معدل التضخم فى الولايات المتحدة وصل إلى 7.5%، كما أن دول أوروبا ومنطقة اليورو وصلت بها نسبة التضخم إلى 6%، رغم أن هذه الدول لم يكن معدل التضخم بها يتجاوز 1% أو 2%، وهو الأمر الذى يشير إلى أن معدلات التضخم زادت بمقدار 3 أضعاف فى فترة وجيزة.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن هذه الموجات التضخمية نتج عنها قفزات هائلة فى الأسعار بشكل حاد للغاية على مستوى العالم ولجميع السلع الاستراتيجية؛ ضاربا المثل بالقمح الذى ارتفع سعره عالميا بنسبة 48% بما يمثل أكثر من 100 دولار زيادة على كل طن خلال الـ 14 يوما منذ اندلاع الأزمة، كما زاد سعر الذرة بنسبة 30%، وفول الصويا الذى يدخل فى زيوت الطعام زاد سعره عالميا أيضا بنسبة 24%، كما ارتفعت أسعار السكر عالميا بنسبة 7%، واللحوم المجمدة بنسبة 11% والدواجن بنسبة 10% على مستوى العالم، إضافة إلى أسعار البترول التى قفزت بنسبة 55% منذ اندلاع الأزمة يما يمثل 35 دولارا زيادة، وهى قفزات لم يشهدها العالم منذ عشرات السنين، فضلا عن ارتفاع تكلفة الشحن التى كانت قائمة بالفعل وتفاقمت بعد وقوع الأزمة الراهنة.
وقال رئيس الوزراء : كان من الطبيعى أن تتأثر الدولة المصرية بكل هذه الارتفاعات وتلك الموجات التضخمية المتلاحقة التى طالت كل بقعة فى العالم، فنحو 35% من التضخم فى مصر يرد من الخارج تأثرا بتلك الموجات، لافتاً إلى أن الدولة تعى وتدرك تماما شكوى زيادة وغلاء الأسعار، ولذا فقد قامت قبل وقوع الأزمة الروسية الأوكرانية، ومنذ بدء موجة التضخم العالمية بالعمل على مدار الساعة، لامتصاص أكبر قدر ممكن من التأثيرات السلبية لموجات التضخم، مشيراً إلى أن دولاً أخرى كثيرة تقوم بتحويل كل هذه الزيادة مباشرة على المستهلك والمواطن، ضارباً المثل بسعر البترول الذى زاد سعره بنسبة 100% فى الدول الأوروبية فقط خلال الـ 14 يوماً الماضية، وهو ما يعكس اتجاه بعض هذه الدول إلى تحميل المواطن مباشرة زيادة الأسعار التى تطرأ على أى سلعة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى أن الحكومة المصرية تعى تماماً أن لديها وضعا خاصا ومختلفا عن تلك الدول، وبالتالى فهى دائماً ما تراعى البعد الاجتماعى، ولذلك كانت التنسيقات مع الوزراء فى المجموعة الاقتصادية، وبالأخص وزير المالية، تركز على سبل استيعاب الآثار الناجمة عن هذه الموجات التضخمية بأكبر قدر ممكن، وتحميل المواطن جزء يسير منها فقط، موضحاً أن هذه هى سياسة الحكومة وستواصل السير على هذا النهج، طالما أن الدولة قادرة على الاستيعاب بأكبر قدر ممكن فى ضوء الموازنة الحالية والاحتياطيات، مضيفاً أنه من المؤكد حدوث زيادات، ولكن الأمر يتعلق بنسبة هذه الزيادات فى مقابل الزيادة الفعلية التى يشهدها العالم، والتى تؤثر بالتالى على الدولة المصرية.
واستشهد رئيس الوزراء بشكوى المواطنين من ارتفاع سعر الدقيق فى مصر بنسبة 9% قبل الأزمة، و17% بعد الأزمة، إلا أن الواقع يؤكد أن سعر الدقيق زاد فى العالم بنسبة 48% مرة واحدة، موضحاً أن نسبة الزيادة فى مصر لا تزال تعتبر أقل من النصف مقارنة بالزيادات العالمية، وهو ما ينطبق على نسبة زيادة السكر والزيت كذلك، فعلى الرغم من زيادة سعر الزيت بنسبة 10% فى مصر، إلا أن زيادته العالمية وصلت إلى 32%، مجدداً التأكيد أن الدولة المصرية تسعى دوماً فى ضوء الإمكانيات والقدرات المتاحة لاستيعاب جزء كبير من التضخم على موازنتها.
من جانبهم أشاد نواب البرلمان بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة حيث أكدت النائبة هناء سرور عضو لجنة الصحة بمجلس النواب ،أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال اليومين الماضيين من أجل ضبط الأسواق المحلية في ظل الظروف الطارئة التي يتعرض لها العالم بعد الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا والتي يتوقع جميع خبراء الاقتصاد بإن هناك مرحلة من التضخم سيتعرض لها العالم بسبب تبعيات تلك الحرب ، تعد بمثابة خطوة إيجابية للحفاظ على استقرار الوضع الاقتصادى المصرى ، وتحقيق الأمن الغذائي الذى يحمى أبناء الوطن .
وأضافت سرور في تصريحات خاصة لبرلمانى أن توصيات الرئيس للحكومة بضرورة توفير السلع الغذائية الاستراتيجية في الأسواق لمدة تكفى ل6 أشهر تكشف مدى حرص الرئيس على الحفاظ على أبناء الوطن من الصدمات الاقتصادية التي يتعرض لها العالم .
وأشارت عضو مجلس النواب إلى أن الحكومة أعلنت عن إجراءات مشددة ضد أي محاولات لاحتكار السلع أو تخزينها من قبل التجار ، متوقعة أن تضرب الحكومة بيد من حديد لكل من توسل له نفسه للعبث بمقدرات وأبناء الوطن واستغلال الأوضاع الاقتصادية العالمية .
ولفتت سرور إلى أن اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية أعطى توجيهات صارمة للادارات المحلية بالمحافظة لضبط المخالفين والذين يحاولون تخزين السلع داخل المخازن بعد عمليات التفتيش المستمر على المخازن المرخصة والتي يمنع فيها تخزين السلع الاستراتيجية ، حيث قام بعض التجار باستخدام الوحدات السكانية لتخزين السلع وهو ماضبطته المحافظة .
أشاد النائب السيد المنوفى عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل التصدي لموجة ارتفاع الأسعار ، مشيرا إلى أن الأزمة التي يتعرض لها العالم من تبعيات الحرب الجارية في أوكرانيا قد تتسبب في حدوث حالة من التضخم داخل الأسواق .
وأضاف المنوفى في تصريحات لبرلمانى أن الدولة بناءات على توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذت عدة إجراءات صارمة بغرض منع احتكار أي سلعة وتشديد الرقابة على الأسواق بما يضمن تحقيق التوازن بالأسواق ، وخاصة في السلع الأستراتيجية .
وأشار المنوفى إلى أن الدولة نجحت بشهادة جميع خبراء الاقتصاد في العالم في العبور لبر الأمان خلال الأزمة الأخيرة والخاصة بأزمة كورونا حيث في الوقت الذى كانت دول العالم تشهد تزاحما كبيرا في الأسواق كانت مصر تنعم باستقرار في الأسواق وتوافر في جميع السلع .