أصدرت الدائرة (الثامنة) مدني - بمحكمة استئناف طنطا – حكما فريدا من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة القاضي برفض أمر أداء إيصال أمانة بقيمة 950 ألف جنيه، لثبوت تزوير البصمة، والقضاء مُجدداً بقبول الدعوى لوجود توقيع آخر صحيح علي إيصال الأمانة سند الدعوى، مستندة على أنه ليس ثمة ما يمنع من توقيع الورقة بأكثر من توقيع.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 2070 لسنة 73 قضائية مدنى طنطا، لصالح المحامى بالنقض محمد يسرى باظه، برئاسة المستشار محمود على حلمى، وعضوية المستشارين أمير كامل نقولا، وعمرو عبد الرازق محمد، وأمانة سر محمد يونس.
الوقائع.. نزاع قضائى بسبب إيصال أمانة يقدر بـ950 ألف جنيه
تخلص الواقعة فيما ورد بالحكم الصادر من هذه المحكمة في الاستئناف بجلسة 26 نوفمبر عام 2024م ، وكذلك الحكم المستأنف الصادر في الدوى رقم (1142) لسنة 2022م مدني على كفر الزيات، والذين تحيل إليهما في عرض وقائع النزاع إلا أن المحكمة توجز كل منهما بما يكفى لحمل أسباب ومنطوق هذا الحكم في أن المدعى تقدم بطلب إلى رئيس محكمة كفر الزيات الكلية بغية إصدار أمر أداء ضد المدعى عليه بشأن واقعة إصدار الأخير إيصال أمانة بمبلغ وقدره -950 ألف جنيه - تسعمائة وخمسون ألف جنيه مصري، وأرفق بطلبه هذا حافظة مستندات طويت على أصل إيصال الأمانة، وأصل إنذار بالحث على السداد وقيد هذا الطلب برقم (333) لسنة 2022م أوامر أداء كفر الزيات، وصدر قرار برفضه في 14 نوفمبر عام 2022م على أن يعرض الأمر على محكمة الموضوع، وقيدت الدعوى بالرقم المذكور بعالية، وطلب المدعي في دعواه القضاء له بالزام المدعى عليه بأن يؤدى له مبلغ إيصال الأمانة وقدرة تسعمائة وخمسون ألف جنية مصري مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
الدائن يقيم أمر أداء المبلغ ضد المدين للحث على السداد
وبجلسة 28 مايو عام 2023م - قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى والزمت المدعى بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وشيد الحكم قضائه في النزاع على أن إيصال الأمانة لم يصدره المدعى عليه، وفقا لما ثبت لها من تقرير الخبير والذي انتهت معه إلى رد وبطلان هذا الإيصال قبل المدعى من ثم قضت برفض طلبات المدعى.
صدور قرار برفض أمر الأداء.. والمدعى يقيم دعوى قضائية
ولم يرض المدعى بهذا الحكم، فطعن عليه بطريق الاستئناف بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في الخامس والعشرين من شهر يونيو عام 2023 م، وطلب القضاء بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام المستأنف ضده بأن يؤدي للمستأنف مبلغ وقدرة تسعمائة وخمسون ألف جنيه مصري قيمة إيصال الأمانة سند الدعوى، وكذلك إلغاء الحكم التمهيدي الصادر بتلك الدعوى بجلسة 30 أبريل عام 2023م والقضاء بإحالة الأوراق مرة ثانية لمكتب خبراء وزارة العدل بطنطا لبحث الطعن المبدي من المستأنف ضده على التوقيع واستكتاب المستأنف ضده بشأن التوقيع المنسوب صدوره له وإعادة مضاهاة بصمة المستأنف ضده فيما يخص البصمة المنسوبه له، وذلك بمعرفة لجنة ثلاثية من خبراء الأدلة الجنائية مع إلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .
محكمة أول درجة ترفض الدعوى.. والدائن يستأنف على الحكم لإلغاءه
ونعى على الحكم بالآتي:
أولا: الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بأن الحكم المستأنف لم يشتمل على عرض مجمل لوقائع الدعوى وطلبات الخصوم ودفوعهم، ودفاعهم الجوهري منها، وذلك بأن الحكم المستأنف لم يبحث توقيع المستأنف ضده على إيصال الأمانة، حيث أنه ليس ثمة ما يمنع من توقيع الورقة بأكثر من توقيع بحيث تعتبر الورقة حجة على مصدرها إذا ثبت أن أحد هذه التوقيعات صدر صحيحاً منه.
ثانيا- إهدار محكمة أول درجة لحقوق الدفاع، وذلك بأن إيصال الأمانة يحمل توقيع وبصمة وأن لم يتم تحقيق دفاع المستأنف بشأن توقيع المستأنف ضده، وذلك بأن تقرير الخبرة المرفق بالأوراق لم يرد به رد بشأن مدى صحة توقيع المستأنف ضده من عدمه على إيصال الأمانه، فكان يجب أن يتم إحالة الأوراق المصلحة الطب الشرعي قسم أبحاث التزييف والتزوير لاستكمال الطعن بالإنكار المبدى من المستأنف ضده ( المدعى عليه أمام محكمة أول درجة.
ثالثا - مخالفة المنطق والواقع، وذلك بأن المستأنف ضده يستطيع التوقيع على الأوراق بإسمه، وذلك بدليل توقيعه على المحضر المقيد برقم (37227) لسنة 2022 م جنح كفر الزيات، وبالتالي فإنه لا يجوز أن يضيع حق المستأنف لمجرد حدوث تلاعب في الإيصال سند الدعوى .
محكمة الاستئناف تحقق في الوقائع
وفى تلك الأثناء - تداول الاستئناف أمام المحكمة وحضر طرفي الاستئناف كل منهما بوكيل عنه محام، وبجلسة 26 نوفمبر عام 2024م حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوع الدفع بالإنكار بصحة إيصال الأمانة، وبنسبة توقيعه إلى المستأنف ضده، وحددت جلسة 26 يناير عام 2025م للتناضل في الموضوع .
وبجلسة المرافعة الأخيرة 26 يناير عام 2025م مثل المستأنف وقدم مذكرة طلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام المستأنف ضده بأن يؤدى للمستأنف مبلغ وقدره تسعمائة وخمسون ألف جنية قيمة الأيصال سند الدعوى مع إلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، وحضر المستأنف ضده بوكيل عنه وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم.
"الاستئناف" تؤكد: ليس ثمة ما يمنع من توقيع الورقة بأكثر من توقيع
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف وبشأن النعي على الحكم المستأنف بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وذلك بأن الحكم المستأنف لم يبحث توقيع المستأنف ضده على إيصال الأمانة حيث أنه ليس ثمة ما يمنع من توقيع الورقة بأكثر من توقيع بحيث تعتبر الورقة حجة على مصدرها إذا ثبت أن أحد هذه التوقيعات صدر صحيحاً منه، وكان النعى صحيحاً إذ أنه من المقرر قانونا، أن على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه، ويعتبر المحرر العرفي صادراً ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إلية من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمه وكان التوقيع ببصمة الأصبع ليس هو المصدر القانوني الوحيد لإضفاء الحجية على الأوراق العرفية، بل يتساوى التوقيع بالإمضاء أو بصمة الختم وفقا لما تقضى به المادة رقم (14/1) من قانون الإثبات.
ثغرة تقديم براءة الذمة من الدين محل الإيصال
ولما كان ذلك، وكان الثابت المحكمة صحة توقيع المستأنف ضده على إيصال الأمانة وفقا لما شهد شاهدى المستأنف الذين اطمئنت المحكمة إلى أقوالهما، فاستخلصت من قولهم نسبة توقيع المستأنف عده على إيصال الأمانة، مما قضت معه بصحة الإيصال ونسبته إلى المستأنف ضده، وكان الأخير لم يقدم للمحكمة ما يفيد براءة ذمته من الدين محل هذا الإيصال وقدره تسعمائة وخمسون ألف جنية مصري، إذ أنه استلم هذا المبلغ من المستأنف ليسلمه إلى شخص يدعى (س. ج)، ولا ينال من ذلك من تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية والثابت به اختلاف البصمة المزيل بها إيصال الأمانة عن بصمة المستأنف ضده، إذ أنه لا يشترط لصحة الورقة العرفية إلا توقيع من نسبت إلية بالإمضاء أو ببصمة الختم أو ببصمة الأصبع، إذ يكتفي المشرع بإحدى هذه الطرق ويسوى بينها في الحكم بصحة التوقيع على الورقة العرفية.
ولما كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر الأمر الذي تقضى معه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإلزام المستأنف ضده بأن يؤدى للمستأنف مبلغ وقدره تسعمائة وخمسون ألف جنية مصرى قيمة إيصال الأمانه سند النزاع وفقا لما سيرد في المنطوق.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء باللزام المستأنف ضده بأن يؤدى للمستأنف مبلغ وقدرة تسعمائة وخمسون ألف جنية مصري قيمة إيصال الأمانه سند النزاع وألزمت المستأنف ضده بالمصاريف ومائة خمسة وسبعين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.
المحامى بالنقض محمد يسرى باظه - مقيم الاستئناف