أصدرت الدائرة (الأولى) مدني - محكمة استئناف المنصورة – حكما فريدا من نوعه، ينتصر للعدالة ويحذر من الجلسات العرفية، بإلغاء حكم أمر أداء إيصال أمانة بقيمة 750 ألف جنيه بالفوائد القانونية، بعدما ثبت للمحكمة بشهادة الشهود أن إيصال الأمانة تم توقيعه ضمانا لإنهاء نزاع على أرض زراعية، ووقع داخل جلسة عرفية، وقد تم خيانة المستأنف بأن سلم أمين الجلسة العرفية الإيصال لشخص آخر بالتواطؤ.
ملحوظة:
هناك رأيان قانونيان حول هذا الحكم؛ حيث إن الرأى الأول يرى أنه سيتم إلغاؤه في النقض، لأن ليس هناك دين، لكن هناك التزاما عليه علاوة على التسليم الاختيارى للإيصال، ولا ينال من ذلك أن التوقيع لاحق على صلب الموضوع.
الرأي الثانى: أنه لن يتم إلغاؤه لسبب واحد أن صاحب الشأن المدعى لم يبد ثمة دفاع أمام قضاء المحكمة المستأنفة، وكان من باب أولي التمسك بمبدأ عدم جواز إثبات ما بالكتابة بغير كتابة، ولكن المستأنف ضده "المدعي" لم يفعل، فالمحكمة ليس لها أن تتدخل برفض الإثبات بالبينة، والأصل أنه لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة، ولكن ليس للقاضي من تلقاء نفسه رفض الإثبات بالبينة والقرائن (نقض مدني في جلسة 14/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 279).
الخلاصة:
شائع فى مجتمعنا المصرى أن أى شخص يريد أن يأخذ ضمانا على شخص آخر نظير تصرف ما، أيا كان نوع هذا التصرف يقوم بتوقيعه على إيصالات أمانة، وهذا الأمر يخالف القانون تماما، حيث إن خيانة الأمانة لها شروط وضوابط فى القانون الجنائى (أركانها القانونية)، والواقع يختلف نهائيا عما هو مدون فى صلب إيصال الأمانة، فهنا لو تم التحقيق الجنائى والمدنى فى صلب ما هو مدون بالايصال تحقيقا قضائيا شفافا سنجد هنا أن الجانى سيصبح مجنى عليه والمجنى عليه سوف يكون جانيا، وسوف تتغير المراكز القانونية.
وهنا يكمن الأمر - وقد قضت محكمة استئناف المنصورة بإلغاء حكم أمر أداء إيصال أمانة بقيمة 750 ألف جنيه بالفوائد القانونية بعدما ثبت للمحكمة بشهادة الشهود أن إيصال الأمانة تم توقيعة ضمانًا لإنهاء نزاع على أرض زراعية، ووقع داخل جلسة عرفية، وقد تم خيانة المستأنف بأن سلم أمين الجلسة العرفية الإيصال لشخص آخر بالتواطؤ، فإياكم والوثوق في الجلسات العرفية.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد بالجدول العمومي تحت رقم 6489 لسنة 74 قضائية، برئاسة المستشار فتحى محمود محمد سالم، وعضوية المستشارين عبد اللطيف فوزي الشرنوبي، وعبد الحفيظ محمود شحاته، وأمانة سر طارق إبراهيم أبوزيد.
الوقائع.. إيصال أمانة وقع في جلسة عرفية لإنهاء نزاع
بعد سماع المرافعة الشفوية ومطالعة الأوراق والمداولة قانونا، حيث إن وجيز واقعات التداعي سبق وأن أحاطت بها الأحكام الآتية: الحكم المستأنف الصادر في الدعوى 367 لسنة 2022 م.ك بلقاس، والحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 8 مارس 2023 / وبجلسة 4 ديسمبر 2023 والتي تحيل إليها المحكمة جميعاً في هذا الشأن منعا من التكرار وكجزء لا يتجزأ من أسباب هذا القضاء إلا أن المحكمة توجزها بالقدر اللازم لربط أوصال التداعي في أن المستأنف ضده كان قد تقدم بطلب استصدار أمر أداء طلب في ختامه الأمر بإلزام المعروض ضده (المستأنف) بأن يؤدي له مبلغ 750 ألف جنيه والفوائد القانونية لهذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتي السداد والمصاريف والأتعاب على سند من أنه يداينه بذلك المبلغ بموجب إيصال أمانة، وأنه أنذره رسميا بالسداد دون جدوي في 10 مارس 2022، فتقدم بطلبه الذي سانده بالإيصال والإنذار آنفي البيان فتأشر على طلبه بالرفض وتحديد جلسة مع تكليف الطالب "المستأنف ضده" باستيفاء باقي الإجراءات.
أحد الطرفين يتقدم للمطالبة بأمر أداء مبلغ 750 ألف جنيه
وحيث إنه ونفاذا لذلك أعلن المدعي أمر الرفض بصحيفة بذات الطلبات المبينة بختام صحيفة طلب أمر الأداء، وقيدت برقمها الكلي، وتداولت بالجلسات أمام محكمة أول درجة ولدى ذلك مثل المدعي بوكيله دون المدعي رغم إعلانه قانونا، وحيث أنه وبجلسة 25 أبريل 2022 قضت محكمة أول درجة بإلزام المدعي عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 750 ألف جنيه والفوائد القانونية لهذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية والمصاريف والأتعاب.
محكمة أول درجة تقضى بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 750 ألف جنيه والفوائد
إلا أنه لم يرتضي المحكوم ضده ذلك القضاء، فطعن عليه بالاستئناف الراهن بصحيفة موقعة من محام، ومودعة قلم كتاب المحكمة في 7 سبتمبر 2022 ومعلنة قانونا للمستأنف ضده بطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف طالب الطعن بالتزوير على الإيصال سند الدعوى صلبا وتوقيعا، واحتياطيا بإحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات عدم المديونية، وأن الإيصال كان ضمانا لإنهاء نزاع على قطعة أرض بين المستأنف ومن يدعي "محمد. س"، والذي سلم الإيصال للمستأنف ضده بتواطؤ من أمين الجلسة العرفية تمهيدا لإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء برفض الدعوى لأسباب حاصلها أن الإيصال كان ضمانا لحل نزاع يتعلق ببيع قطعة ارض زراعية ونقل حيازتها.
المحكوم ضده يستأنف على الحكم لإلغائه
وفى تلك الأثناء - تداول نظر الاستئناف بالجلسات ولدى ذلك قرر المستأنف بالطعن بالتزوير على الإيصال سند الدعوى وأعلن بشواهده، وبجلسة 8 مارس 2022 قضت المحكمة بندب خبير مصلحة أبحاث التزييف والتزوير والذي أودع تقريره والذي خلص فيه إلى أن الطاعن "المستأنف" هو الكاتب لتوقيعه أسفل الإيصال سند الدعوى، ولم يحرر بيانات صلب الإيصال التي حررت في ظرف كتابي لاحق ومغاير على ظروف إثبات بصمة الأصبع وتوقيعه.
المستأنف يطعن بالتزوير.. والمحكمة تقضى بصحة إيصال الأمانة
وحيث إنه وبجلسة 6 ديسمبر 2023 قضت المحكمة وفى موضوع الطعن بالتزوير بصحة إيصال الأمانة سند الدعوى المؤرخ بدون.......، ثانيا: بإعادة الاستئناف للمرافعة مع تحديد جلسة للمناضلة في الموضوع.
المحكمة تقضى بإحالة الاستئناف للتحقيق
وحيث إنه وبجلسة 6 مارس 2024 قضت المحكمة بإحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات ونفي بعض عناصره وتحيل المحكمة في هذا الشأن للحكم التمهيدي آنف البيان منعا للتكرار كجزء لا يتجزأ من أسباب هذا القضاء، ونفاذا لذلك استمعت المحكمة لشهادة شاهدي المستأنف وهما "..........."، والتي احملت شهادتهما في أن اتصال الأمانة سند الدعوى تم تحريره لضمان نزاع بين المستأنف ومن يدعى "...."، يتعلق ببيع المستأنف قطعة أرض زراعية للأخير وأن المستأنف لم يتسلم من المستأنف ضده المبلغ النقدي موضوع الإيصال، وكان ذلك من المستأنف والطرف الآخر كل على ومن يدعى خلال جلسة عرفية لحل هذا الخلاف استوقعت والطرف الآخر كل على إيصال أمانه ضمانا لحل النزاع.
المستأنف ضده لم يقدم ثمة شهود
وحيث لم يقدم المستأنف ضده ثمة شهود فقررت المحكمة إنهاء التحقيق وإعادة الدعوى للمرافعة ونبهت على الحاضرين عن الخصوم، وحيث أنه ولدى تداول الاستئناف بالجلسات قدم وكيل المستأنف مذكرة بدفاعه صمم فيها على ما جاء بقوال الشهود، كما صمم على عدم تسليمه المبلغ النقدي موضوع الإيصال الذي تم تحريره ووقع عليه المستأنف ضمانا لحل الخلف والنزاع آنف البيان وطالعتها المحكمة وبجلسة المرافعة الأخيرة مثل طرفي الاستئناف كل بوكيل، والمحكمة قررت حجزه للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن شكل الاستئناف: وقد فصلت فيه المحكمة بجلسة 8 مارس 2023 ومن ثم فلا داعي لإعادة بحثه، وحيث أنه وعن الدفع بعدم تسليم المبلغ النقدي موضوع الإيصال وكان المقرر قضاء أن واقعة تسليم المبلغ النقدي موضوع الإيصال هي واقعة مادية، ومن ثم يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا ومنها شهادة الشهود، ومن المقرر قضاء أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص واقع الدعوى منها هو من اخلافات محكمة الموضوع ما دامت لم تخرج بالشهادة عن مدلولها.
"الاستئناف" تلغى حكم أمر أداء إيصال أمانة بقيمة 750 ألف جنيه بالفوائد القانونية
وبحسب "المحكمة": وحيث إنه وباعتبار ما سلف وهديا به - وكان الثابت بأقوال شاهدي المستأنف أن إيصال الأمانة سند الدعوى المستأنفة تم التوقيع عليه بالبصمة والتوقيع من المستأنف ضمانا لحل خلاف ونزاع بين المستأنف وأخر يتعلق ببيع المستأنف لقطعة أرض زراعية نيابة عن زوجة نجله، وأن المستأنف لم يتسلم المبلغ النقدي موضوع الإيصال سند الدعوى المستأنفة، وكانت المحكمة تطمئن الشهادة شاهدي المستأنف سيما وأن الأخير قدم ضمن مستنداته صورة رسمية من المحضر 8446 لسنة 2021 إداري بلقاس بتوقيعه على ذلك الإيصال ضمانا لحل النزاع القائم بينه وبين من يدعي "محمد. س".
وتضيف "المحكمة": وحرر ذلك المحضر بتاريخ 7 نوفمبر 2021 أي بتاريخ سابق على تاريخ إقامة الدعوى المستأنفة، كما قدم ما يفيد صلته بمن تدعي "شريهان. ح"، زوجة نجله وكذا ما يفيد النزاعات القضائية على قطعة الأرض أنفة البيان الأمر الذي تنتهي معه المحكمة لعدم تسليم المستأنف للمبلغ النقدي موضوع الإيصال سند الدعوى المستأنفة، وإذ خالف الحكم المطعون عليه ذلك النظر بما يتعين على المحكمة الغاؤه والقضاء مجددا برفض الدعوى المستأنفة.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة أولا بقبول الاستئناف شكلا، ثانيا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى المستأنفة، وألزمت المستأنف ضده المضاريف عن الدرجتين ومائة وخمسة وسبعون جنيها مقابل أتعاب المحاماة.
"الاستئناف" تلغى حكم أمر أداء إيصال أمانة بقيمة 750 ألف جنيه بالفوائد القانونية 1