في ظل العالم الرقمي والتطور التكنولوجي السريع، وما يحمله للبشرية من خدمات، وتعزيز حياة الرفاهية، ولكن طفت مؤخرًا على السطح، آثارًا سلبية، وجرائم مستحدثة ناجمة عن الاستخدامات الخاطئة لشبكة المعلومات الدولية الإنترنت، أبرزها الوقائع الأخيرة لابتزاز الفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال "فبركة" صور لهن، قادت بعضهن للانتحار، وما سبقهم من جرائم مماثلة.
ومع التطور المخيف والمتعاقب، للعالم الرقمي، وسيطرة مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية بشتى صورها، أصبح الاعتماد عليها بشكل واضح، وظهر مصطلح الجريمة الإلكترونية، وتصدى المشرع في عدد من الدول العربية للجريمة الالكترونية وعلى رأسها المشرع المصري من خلال قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، إلا أنه من ازدياد هذه النوعية من القضايا في المحاكم أصبح المتهمين أكثر وعيا مما قبل بسبب التوعية القانونية المستمرة حول جرائم الانترنت، ما يؤدى معه إلى صدور أحكام بالبراءة.
هل حمى القانون "الدليل" في جرائم "الفيس بوك"؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية يتعرض لها الضحايا على يد المجرم الإلكتروني، ألا وهي إخفاء الأدلة الإلكترونية حال وقوع جريمة عبر مواقع التواصل، حيث أن هناك العديد من التحديات الرئيسية تعطل إثبات الجريمة الإلكترونية، وذلك بسبب غياب الدليل الجنائي وصعوبة تتبع المتهمين عبر قدرتهم على إخفاء أي إثبات يؤكد تورطهم بالقضية سواء كانوا متواجدين داخل البلاد أو خارجها – بحسب الخبير القانوني والمحامي اسلام عاطف عبد العال.
في البداية – مسألة إثبات الجريمة الإلكترونية لم يصبح بالأمر الصعب كما كان في السابق، فعلى سبيل المثال فقد أصبح مجرد أخذ "برنت سكرين" من بوست على صفحة المدعى عليه أو رسالة وإرفاقها بالبلاغ أو المحضر كفيلة بأن تؤدى به في غياهب السجن، خاصة بعد صدور قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، ولكن هناك تحديات وصعوبات لإثبات هذه الجريمة أحيانا أبرزها التطور السريع والمستمر للتقنيات الحديثة، ما يجعل ضبط المتهمين وإثبات إدانتهم، خصوصاً المحترفين تقنياً، أمراً صعباً، فضلا عن غياب التزام الشركات المزودة لخدمات التواصل الاجتماعي بتوفير تسهيلات للجهات القضائية بهدف الحصول على معلومات وبيانات تخص المتهمين، ما يساهم في إخفاء الجريمة نتيجة إخفاء أدلتها – وفقا لـ"عبد العال".
إخفاء الأدلة الإلكترونية حال وقوع جريمة عبر مواقع التواصل
وضحايا القضايا الإلكترونية يؤكدون دوما أن حقوقهم ضاعت، ولم يستطيعوا إثبات الجريمة على المتهمين، خصوصاً أن البعض منهم يعرفونهم تماماً، ولكن الدليل لم يكن قاطعاً، وبالتالي العديد منهم لا يستطيعوا الإبلاغ عن المتهمين لإثبات إدانتهم، لغياب الدليل، وهذا ما تصدى له القانون في صورة جريمة إخفاء الأدلة الإلكترونية حال وقوع جريمة عبر مواقع التواصل، حيث يعمل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والمعروف إعلاميا بـ"مكافحة الجرائم الإلكترونية"، على تحقيق التوازن بين مكافحة الاستخدام غير المشروع للحاسبات وشبكات المعلومات، وحماية البيانات والمعلومات الحكومية، والأنظمة والشبكات المعلوماتية الخاصة بالدولة – الكلام لـ"عبد العال".
كما يهدف القانون إلى الحفاظ على سرية بيانات أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، من الاعتراض أو الاختراق أو العبث بها أو إتلافها أو تعطيلها بأي صورة، والحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة التي كفلها الدستور للمراسلات الإلكترونية، وعدم إفشائها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مُسبّب، فضلاً عن ضبط الأحكام الخاصة بجمع الأدلة الإلكترونية، ومنح قانون مكافحة جرائم الإنترنت، والصادر بالقانون رقم 175 لسنة 2018، الأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو الوسائط الإليكترونية، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أى وسيلة لتقنية المعلومات نفس قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي.
عقوبة إخفاء الأدلة الإلكترونية
فقد نصت المادة رقم 11 من القانون على أن: "يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط الدعامات الإليكترونية، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات نفس قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الاثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف ولا تجاوز 200 ألف أو إحدى هاتين العقوبتين، كل مسئول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد إلكتروني أو نظام معلوماتي، إذا أخفى أو عبث بالأدلة الرقمية لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون والتى وقعت على موقع أو حساب أو بريد إلكتروني بقصد إعاقة عمل الجهات الرسمية المختصة، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة 28 من ذات القانون.