انتبه المشرع المصري إلى ضرورة إجراء تعديلات حاسمة لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسي، لا سيما مع تزايد حالات الجريمة الشاذة في الفترة الأخيرة، وكذلك تشديد عقوبة التحرش الجنسي، حيث شمل التصديق على قانون التحرش بتاريخ 19 أغسطس 2021 الماضي، وذلك بعد موافقة مجلس النواب، القانون رقم 141 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، والخاصة بتشديد العقوبات على التحرش الجنسي.
وفى الحقيقة - يُعد التحرش الجنسي ضد النساء والفتيات مشكلة عالمية وليست محلية فقط، وهو شكل من أشكال العنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي، ويشكل التحرش الجنسي انتهاكاَ لحقوق الإنسان، ويؤدى هذا النوع من العنف إلى استدامة الأشكال النمطية لأدوار النوع الاجتماعي التي تهدر الكرامة الإنسانية للفرد، فغالبية العظمى من ضحايا العنف الجنسي، والناجين منه، هم من النساء والفتيات.
تغليظ عقوبة التحرش "المباشر والإلكترونى" بالقانون الجديد
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في موقف المشرع من التحرش بـ"عاهرة" ولو باللفظ حتى لو صادر بحقها أحكام في قضايا دعارة سواء كان ذلك التحرش مباشرا أو الكترونيا؟ وهل تعتبر جنحة أم جناية حيث أن التحرش الجنسي أو ما يعرف بجرائم العنف الجنسي بصفة عامة يصعب من الناحية العملية تحليلها وحصر المجني عليهم أو ضحايا هذا العمل المشين، حيث أن جميع دول العالم تعاني من مشكلة التحرش ولكن بنسب متفاوتة، واليوم أصبحت الدول العربية تنافس دول أفريقية وأوروبا والأميركتين في عدد ضحايا التحرش الجنسي، ففي السنوات الأخيرة زادت نسبة التحرش بشكل ملحوظ – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض حسام حسن الجعفرى.
فى الحقيقة - فإن ظاهرة التحرش بالطبع تخالف قواعد وتقاليد وأعراف وعادات المجتمع العربي، والتحرش له نوعان الأول جسدي وهذا أكثر بشاعة ومن أكبر الجرائم الذي يعاقب عليه قانون الدولة وأى دين غير معترف بهذه الأفعال والثاني تحرش لفظي وهذا أقل نسبياً من الناحية العملية، حيث أصبحت تلك الظاهرة تؤرق النساء حول العالم، وفي إحصائية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فإن واحدة من كل أربعة نساء تتعرض للتحرش بشكل يومي – وفقا لـ"الجعفرى".
موقف المشرع من التحرش بـ"عاهرة" ولو باللفظ؟
أما عن التحرش بـ"عاهرة" ولو باللفظ – يُجيب "الجعفري" – هناك حكم صدر من محكمة النقض عام 1940 – أي منذ 80 سنه – وكان حكما رادعا تمثلت الواقعة في قيام شاب بمعاكسة فتاة والتحرش بها من خلال ترديد بعض الجمل والألفاظ مثل: "رايحة فين يا باشا، يا سلام يا سلام يا صباح الخير، ردي يا باشا، هو حرام لما أنا اكلمك، انت الظاهر عليك خارجة زعلانة معلش"، حكم محكمة النقض اعتبر الجملة سبا وخدشا لحياء الأنثى تستوجب العقاب، وأن التعرض لأنثى أو خدش حيائها يكون معاقب عليه، حتى لو كانت الأنثى عاهرة محترفة.
فقد رفضت محكمة النقض دفاع المتهم بمعاكسة أنثى، حينما ذكر أنها تعمل في الدعارة وأنه عاكسها وهي ذاهبة لمنزل الدعارة التي تعمل به، بدليل صدور أحكام ضدها بتهمة ممارسة الدعارة، إلا أن المحكمة حينما تأكدت من ثبوت جريمة السب والقذف وخدش حيائها أصدرت حكمها بتأييد حبسه، وقالت في حيثيات حكمها أن كون المجني عليها صادر ضدها أحكام بتهمة ممارسة الدعارة، فلا يقدح من كونها أنثى ينبغي حفظ شرفها واعتبارها وعدم المساس به رغما عنها – الكلام لـ"الجعفرى".
ما هو تعريف جريمة التحرش؟
وجاء بالقانون رقم "141" لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم "58" لسنة 1937 الخاص بإعادة تنظيم جريمة التحرش وتغليظ العقوبة حيث عرفت التحرش بإنه إتيان فعل مادي سواء لفظي أو جسدي من الجاني على المجني عليه بما يخدش الحياء أو يأذي المجني عليه، وقد يحدث من ذكر على أنثى أو العكس أو ذكر على ذكر أو أنثى على أنثى.
ما هي عقوبة التحرش بالتعديلات الجديدة؟
وفقا للمادة 306 مكرر أ: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 4 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى".
ما هي العقوبة في حالة تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه وفي حالة العودة؟
تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفي حالة العودة تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.
ما هي عقوبة التحرش إذا كان الجاني من أصحاب السلطة أو مارس الضغط على المجني عليها بسبب سلطة وظيفية أو أسرية؟
طبقا للمادة 306 مكرر ب: "يعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة (306 مكرر أ) من هذا القانون، بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات. وإن كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون، أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه، أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه".
من هم الذي نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة "267" عقوبات؟
1-إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه.
2-أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها.
3-أو ممن لهم سلطة عليها.
4-أو كان خادماً بالأجرة عندها.
ماذا لو ارتُكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاح؟
لو ارتُكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا؛ تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن 7 سنوات.
كيف تحولت جريمة التحرش من جنحة إلى جناية؟
شمل التعديل بالمادة 306 مكررا "ب"، بأن جريمة التحرش أصبحت جناية عقوبتها السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وكان قانون العقوبات السابق، وطبقا للمادة 306 مكررا "ب" قبل التعديل كان يعتبر جريمة التحرش الجنسي جنحة، ويعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 20 ألف جنيه، وبإحدى هاتين العقوبتين، وشملت التعديلات:
1- معاقبة الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 4 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية.
2- جرّم القانون استخدام وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى كأداة للتحرش الجنسى.
3- تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفى حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فى حديهما الأدنى والأقصى.
4- يُعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 306 مكررًا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجانى بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات.
5- إذا كان الجانى له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه أو مارس عليه أى ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه، أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهما على الأقل يحمل سلاحًا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن 7 سنوات.