أصدرت الدائرة "31 - جيزة" – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين الأسر المصرية، حيث يعد من أوائل الأحكام الجنائية التى تتصدى للطلاق الشفوى، فقد ناشدت المحكمة المشرع بتحديد مدة زمنية لإثبات الطلاق الشفوى.
صدر الحكم فى القضية المقيدة برقم 3424 لسنة 2019 جنايات مركز الجيزة، والمقيدة برقم 5716 لسنة 2019 كلى جنوب الجيزة، برئاسة المستشار صلاح محجوب، وعضوية المستشارين إبراهيم الميهى، وخالد مصطفى محمد، وبحضور كل من عبد اللطيف محمد فرج، وكيل النيابة، وأحمد محمد الهادى، أمين السر.
الوقائع.. الزوج الثانى يتهم زوجته بالتزوير بسبب طلاقها شفويا من زوجها الأول
وتضمنت قائمة الاتهامات: اشتركا المتهمان "سعاد. ر"، وآخر سبق الحكم عليه، بأنهما فى غضون 15 مايو 2018 بطريق المساعدة مع موظف عمومى حسن النية مأذون ناحية "..." فى تزوير محرر رسمى هو "وثيقة الزواج رقم 5 بالدفتر رقم ........"، المنسوب صدورها لنيابة الجمالية لشئون الأسرة، وذلك بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة بأن أقرا للموظف العمومى المختص بإصدار تلك المحرر مفاده خلو المتهمة الأولى من ثمة موانع شرعية غير متزوجة بأخر على خلاف الحقيقة لكونها زوجة "أحمد. ز"، فأنزلها المأذون بالوثيقة، فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة.
تتحصل وقائع القضية فى اعتقاد "سعاد" أن الزوج الجديد سيعوضها مأساتها ويخفف عنها معاناتها التى عاشتها مع الزوج الأول الذى لم تدم بينهما العشرة عامين، حتى طلقها الطلقة الثالثة دون أن يثبتها فى الأوراق، فكان صدمتها الثانية، قيام الزوج الثانى بتقديم بلاغا ضدها يتهمها فيه بقيامها بتزوير الأوراق التى قدمتها للمأذون تثبت فيها أنها طالق للمرة الثالثة، وأنه ليس هناك موانع شرعية تمنعها من الزواج، وأخفت عن الزوج الجديد تعنت الزوج الأول ضدها فى اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إثبات الطلقة الثالثة التى حضرها العديد من الشهود.
الزوج الثانى يتقدم ببلاغ رسمى ضد الزوجة
فى تلك الأثناء - تقدم الزوج الجديد "م. م" ببلاغ إلى مباحث مركز الجيزة يتهم فيه زوجته بقيامها فى 15 مايو 2018 بالاشتراك مع مأذون ناحية "...." – حسن النية - فى تزوير محرر رسمى وهو وثيقة عقد الزواج المنسوب صدورها لنيابة الجمالية لشئون الأسرة، بأن قام الموظف المختص بإصدار المحرر بخلو المتهمة من ثمة موانع شرعية غير متزوجة بآخر على خلاف الحقيقة لكونها زوجة "أحمد. ز".
وعلى الفور - أحالت النيابة العامة الزوجة بعدما تقدم الزوج ببلاغه ضدها والمتضمن قيامها بالزواج منه فى 15 مايو 2015 وهى على ذمة زوجها السابق، وذلك لأنها طلقت منه بتاريخ 29 مايو 2018، ولم تخبره بذلك، وأن ما قدمته حال تحرير وثيقة الزواج شهادة الطلاقة الثانية فى 22 مايو 2015، وشهدت على أنها خالية من الموانع الشرعية.
تحقيقات النيابة العامة فى الواقعة
استندت النيابة العامة إلى ما شهد به المقدم "حسن. ص" بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بمديرية أمن الجيزة، بأن تحرياته السرية توصلت إلى صحة الواقعة، وثبت من خلال الاستعلام من مصلحة الأحوال المدنية، بوجود واقعة زواج باسم الزوجة "أحمد. ز"، والزوجة المتهمة بتاريخ 15 نوفمبر 2014 وطلاق فى 12 مايو 2015، وواقعة زواج أخرى بنفس الأسماء فى 15 يناير 2016 وطلاق لهما بتاريخ 29 مايو 2018، كما ثبت وجود واقعة زواج باسم الزوج الشاهد الأول والمتهمة بتاريخ 15 مايو 2018، وأقرت المتهمة "سعاد" بأنها كانت متزوجة من المدعو "أحمد. ز"، وطلقها شفويا قبل سنتين من تاريخ زواجها الثانى ولم يحصل أن ردها لعصمته ورفض تطليقها بوثيقة رسمية، مما اضطرت معه لاستعمال وثيقة الطلاق الأخيرة، وتقديمها للمأذون المختص بتحرير عقد زواجها.
الزوجة توضح حقيقة الأمر للمحكمة
المحكمة واجهت المتهمة بقيامها بالاشتراك فى التزوير، فأوضحت بأنها تزوجت زواجا صحيحا شرعيا بطلاقها من "أحمد. ز" طلاقا بائنا منذ أكثر من سنتين قبل زواجها من "م. م"، وشهد شقيق زوجها الأول بأن شقيقه كان زوجا للمتهمة، ثم حدث بينهما خلافات فقام بتطليقها الطلقة الثالثة التى لا رجعة فيها منذ عام 2016 وكان ذلك أمام شهود بينما لم يقم باتخاذ إجراءات الطلاق الرسمية بسبب كيده للمتهمة.
المحكمة تؤكد أن هناك نوعان من الحقائق
المحكمة فى حيثيات حكمها قالت إن هناك نوعان من الحقائق، أولهما الحقيقة الافتراضية، وهى تلك الثابتة بالمحررات الرسمية سواء أكانت محررات رسمية أو محررات عرفية، وهناك حقيقة أخرى هى الحقيقة الواقعية، وهذه الحقيقة هى تلك الوقائع التى حدثت بالفعل فى الحياة سواء كان هناك دليل على وجودها وانتفى الدليل عليها، فهناك من يهدف إلى إخفاء الحقيقة الواقعية سواء بعد الإخطار بها أو التبليغ عنها أو إثباتها بالدفاتر والسجلات الرسمية.
وثبت للمحكمة من شهادة الشهود - أن المتهمة كانت متزوجة من "أحمد. ز"، وقد طلقها الطلقة الثالثة البائنة، وأنه ارتكب أبشع الجرائم الاجتماعية التى لا يعاقب عليها القانون الجنائى، ألا وهى الطلاق الشفوى دون إثباته، أمام المأذون الرسمى، وأن تلك الجريمة الاجتماعية البشعة التى تدخل البيوت بمعرفة شياطين الإنس من مثل هؤلاء الأزواج، فتكون العلاقة الزوجية أمام الله سبحانه وتعالى قد انقطعت بالطلاق، ويكون من حق المطلق الملعون حقوقه الزوجية تجاه زوجته اغتصابا على الرغم من انتفاء المستند الرسمى للطلاق للدفاع على شرفها وعرضها وعدم ارتكابها لجريمة الزنا مع طليق خائن للعهد وللدين وللإنسانية .
"الجنايات" تطالب بإصدار تشريع يحدد مدة زمنية لإثبات الطلاق الشفوي
وانتهت المحكمة إلى أن المتهمة كانت وقت الزواج خالية من الموانع الشرعية عند تحرير وثيقة زواجها، ومن ثم يجوز لها الزواج من آخر، ويكون عقد زواجهما خاليا تماما من ثمة تزوير لأنه صادف الحقيقة التى لا ينال منها عدم وجود قسيمة طلاق لاحقة من الزوج الأول لأنها فى حقيقة الأمر وثيقة تصديق على طلاق حدث فى 2016، ويكون ما توصلت إليه المحكمة هى الحقيقة الواقعية.
أهابت المحكمة بالمشرع المصرى سواء من ناحية قوانين الأحوال الشخصية، وما يخص الزواج أو الطلاق أو المشرع الجنائى فيما يخص عن عدم التبليغ عن واقعة الطلاق الشفوى الصادر من الزوج وتجريم هذا الفعل السلبى، بأنها جريمة سلبية بالامتناع عن توثيق واقعة الطلاق خلال مدة يجب أن يحددها المشرع ويخطر بها الزوجة المطلقة، وذلك لإشباع حاجة المجتمع من تنظيم هذا الأمر الذى يجد خلوا من التشريعات المنظمة له، ويسند عبء ثقيل على المحاكم يمكن تجنبه ويضاف إلى ذلك خلال مدة التقاضى ما تلاقيه هذه المرأة من معاناة يعلم الله بها.
ولهذه الأسباب:
قضت المحكمة بصحة وثيقة الزواج الثانى واستمرار العمل بها أمام الكافة دون حاجة إلى النص على ذلك فى منطوق الحكم التى قضت فيه ببراءة المتهمة مما أسند إليها من اتهام.