عندما تزداد الفجوة بين المسئول والمواطن ترتفع درجة الإحتقان والسخط الشعبى، هذا هو الحال الآن في إيران بعد أن شهدت البلاد حالة من الغضب تجاه رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، والذى اتهمه البعض أنه يعيش في ترف ولا يشعر بالواقع المرير الذى يعانيه المواطن الإيراني جراء ارتفاع التضخم لنسبة غير مسبوقة.
رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف احتل مواقع التواصل الاجتماعى في ايران خلال اليومين الماضيين بعد انتشار مقطع فيديو لعائلته خلال عودتهم من إسطنبول محملين بعدد كبير من الحقائب تحمل مشتريات مبالغ بها، في وقت تعيش فيه البلاد تحت وطأة العقوبات الدولية وظروف اقتصادية صعبة.
وقال موقع إيران انترناشونال أنه تم نشر عدة صور لامرأتين ورجل وصلوا إلى مطار الخميني بطهران قادمين من إسطنبول، يحملون كمية كبيرة من البضائع، تبين أنهم زوجة وابنة رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، وصهره "أمير رضا بحيرايي"، وقد كانوا في رحلة إلى تركيا لشراء "لوازم المولود لإبنته".
ويأتي هذا في الوقت الذى من المنتظر إجراء الانتخابات البرلمانية الداخلية الأسبوع المقبل، حيث يتم تعيين رئيس وأعضاء هيئة الرئاسة لمدة عام واحد، وتحدثت بعض الأوساط البرلمانية في إيران عن احتمال خسارة قاليباف للأصوات في الانتخابات المقبلة.
ورغم أن رئيس البرلمان لم يٌعلق على الصور والأخبار التي انتشرت، إلا أن إلياس قاليباف، نجل رئيس البرلمان، كتب في صفحته على إنستجرام، مؤكدا سفر أفراد عائلته إلى تركيا: "أختي وزوجها فعلا شيئًا خاطئًا بالتأکيد"، مؤكدا أن سلوك أخته وصهره مخالف لرأي وسياسة وعقيدة الأب" وأضاف: "يجب على من يريد إلقاء اللوم بخطأ الابن علی الأب، أن يعرف أن هذا قد عارضه الوالد بالفعل، ولكن للأسف تم تجاهله".
وطالبت عدد من الصحف الإصلاحية، وعلى رأسها "آفتاب يزد"، رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، بالاستقالة والتنحي من منصبه بعد انتشار خبر سفر أسرته إلى تركيا للتسوق، في الوقت الذي لا يتوقف المسؤولون وأنصار التيار الأصولي عن الدعوة إلى الاعتماد على المنتجات الداخلية.
وعلقت صحيفة "آفتاب يزد" على سفر زوجة قاليباف وابنته وصهره إلى تركيا لشراء "لوازم المولود" بالقول:" يا سيد قاليباف! من فضلك استقل"، وأضافت: "سيكتب التاريخ أنه وعندما كان الإيرانيون يعانون أشد المعاناة في توفير قوت يومهم تسافر زوجة رئيس البرلمان وابنته إلى تركيا لشراء لوازم المولود".
وكان قاليباف من أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية، التي تنتقد بذخ المسؤولين وعوائلهم في ظل تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد، ففي عام 2017 عندما ترشح لمنافسة حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية، ادعى قاليباف أنه يمثل %96 من المجتمع، مقابل %4 من الرأسماليين، الذين يشترون ملابسهم وحاجاتهم من الماركات العالمية من إيطاليا، قائلا :"وزير التربية والتعليم (في حكومة روحاني) يأتي بملابس الأطفال من إيطاليا، والشعب يعتقد أن اقتصادنا سيكون على ما يرام.. أبدًا".
وقال وحيد أشتري، الناشط الإعلامي، وفقا لإيران انترناشونال، ردا على سفر أفراد عائلة رئيس البرلمان إلى تركيا لشراء لوازم المولود: "لا يمكن الجلوس في الأعلی وإلقاء الخطابات علی الناس عن الإنتاج الوطني وحظر استيراد الأجهزة المنزلية، وإنتاج السيارات الوطنية، وإرسال الأسرة إلى تركيا لشراء لوازم المولود".
كما دعا الناشط السياسي والمدرّس الجامعي، رحمة الله بيغدلي، على صفحته على تويتر، إلى استقالة قاليباف، وكتب: "فقط استقالة قاليباف تزيل هذه الوصمة".
ويعانى الاقتصاد الايرانى من أزمة كبيرة في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه، وتداعيات جائحة كورونا، وقال مركز الإحصاء الإيراني، مارس الماضى إن معدل التضخم في البلاد وصل إلى معدل ارتفاع بشكل غير مسبوق، فيما يبرهن على وضع اقتصادي خطير.
وأظهرت إحصائيات المركز أنه "حتى نهاية العام الإيراني في 20 مارس الجاري، وصل معدل التضخم في البلاد إلى 40.2% وهو معدل غير مسبوق".، وحظر البرلمان الايرانى خلال الأشهر الماضية استيراد العديد من الأجهزة والمستلزمات وطالب المواطنين بالاستغناء عها.