لم يدر بخلد أحد قبل سبعة عقود أن حلفاء الأمس بالحرب العالمية الثانية والذين جمعهم النصر على دول المحور سيقفون اليوم شاهرين الأسلحة في وجه بعضهم البعض في حرب جديدة، ففي الذكرى الـ77 لانتصار الحلفاء على النازيين تواجه أوكرانيا - والتي كانت وقتها جزءا من الاتحاد السوفيتى - هجوما عسكريا من روسيا.
تلك الذكرى التي تمثل حدثا تاريخيا هاما لأوروبا وروسيا اختلف شكل الاحتفال بها هذا العام، فبعد أن جمع الاحتفال بالنصر كل من روسيا وفرنسا وبريطانيا وأوكرانيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى، شهد هذا العام تبادل للاتهامات بين كافة الأطراف حول من أشعل الحرب الدائرة على الأراضى الأوكرانية ومن سينتصر فيها.
وعلى وقع احتفالات كبيرة احتفت موسكو بذكرى النصر عام 1945 على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، إذ كان العالم يترقب هذا الاحتفال السنوي وتوجهت مركبات عسكرية إلى الساحة الحمراء في موسكو للاحتفال، وانطلقت عروض عسكرية وفعاليات أخرى على التوالي في المدن الروسية من أقصى شرق البلاد إلى غربها.
وفي كلمته خلال العرض العسكري الكبير بالساحة الحمراء، أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن الجيش الروسي يقاتل حاليا في أوكرانيا من أجل شعب دونباس ومن أجل أمن ومستقبل وطنه، مشيرًا إلى أن موسكو اضطرت لصد عدوان محتوم عليها، بتحرك استباقي.
ودافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قراره بشن عمل عسكري في أوكرانيا قائلا إن الغرب كان يستعد لغزو أراضينا، مضيفا أن العملية العسكرية الخاصة كانت ضرورية وفي الوقت الملائم والقرار الصحيح الوحيد، وأشار إلى أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) كان يثير تهديدات على حدود بلاده، مؤكدا أن المتطوعين في دونباس والقوات الروسية يقاتلون من أجل وطنهم الأم.
وأوضح أن الغرب كانت لديه خطط أخرى غير الاستماع إلينا، لافتا إلى ما قال إنه محاولة لتشويه التاريخ، ولفت بوتين إلى أن من وصفهم بـ"أعدائنا" حاولوا استخدام الإرهابيين ضد بلادنا، وتعهد بمساعدة عائلات القتلى والمصابين في العملية العسكرية الخاصة، وشدد الرئيس الروسي على ضرورة "بذل كل الجهود لتفادي أهوال حرب شاملة".
وفى المقابل ألقى الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى الذى تواجه بلاده قصفا من القوات الروسية، خطابا مؤثرا في ذكرى يوم النصر الذي تحيي فيه أوروبا تاريخ استسلام ألمانيا الرسمي للحلفاء في الحرب العالمية الثانية، حيث اعتبر أن الشر عاد إلى بلاده.
وقال في رسالة عبر الفيديو، من أمام منزل مكون من 9 طوابق دمر بالكامل بالصواريخ الروسية، إن "روسيا قتلت أكثر من 20 ألف أوكراني خلال هذه الحرب"، كما اعتبر أن "الحياة التي قاتل الجنود من أجلها في تلك الحرب العالمية، انتهت في 24 فبراير عندما غزت القوات الروسية بلاده." وأضاف "لقد عاد الشر مرة أخرى، بشكل مختلف وتحت شعارات مختلفة ولكن للغرض نفسه"، إلا أنه أكد في الوقت عينه أن بلاده وحلفاءها سيفوزون".
وتابع، وفقا لرويترز، قائلا "لا يفلت شر من المسؤولية ولا يختبئ في قبو"، في تذكير بالأيام الأخيرة التي قضاها الزعيم النازي أدولف هتلر في قبو تحت الأرض ببرلين، خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن ينتحر لاحقاً.
وتأتي تك التصريحات الأوكرانية في رد على ما تعتبره موسكو عملية عسكرية "خاصة" أطلقت على أراضي الجارة الغربية في 24 فبراير الماضي بهدف "نزع سلاح أوكرانيا وتخليصها ممن تصفهم بالنازيين ومن القومية المعادية لها".
وسيطرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاحتفالات في مختلف أوروبا كان أبرزها بالعاصمة الألمانية برلين حيث شهد النصب التذكاري السوفيتي في متنزه "تريبتاور" الذي يخلد ذكرى الجنود السوفييت المقتولين تجمع عدد من المؤيدين لروسيا يحملون حوالي 20 علما روسيا ، وفي المقابل، خرج متظاهرون آخرون للاحتجاج على هجوم روسيا على أوكرانيا، ومنعت الشرطة كلا الطرفان من رفع اعلام روسيا أو أوكرانيا منعا للإصطدام.