انقضت الانتخابات البرلمانية فى لبنان على نحو لم يتوقعه أحد، حيث أفرزت نتائجها رغبة حقيقية لدى اللبنانيون لتغيير أوضاع بلادهم المتردية، وأن الروح الثورية التى ثارت ضد الفساد فى 2019 لم تتوقف عند حد التظاهر والشعارات، بل إنها ذهبت إلى الصندوق الانتخابى لتمكين قوى جديدة لديها نية حقيقية للتغيير.
وحملت نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية عدد من المفاجأت ففى حين كان هناك تخوف داخلى وخارجى من سيطرة حزب الله والتيار الشيعى على البرلمان الجديد، بعد انسحاب سعد الحريرى زعيم السنة اللبنانية وتيار المستقبل بالكامل من السباق الانتخابى، كانت المفاجئة بخسارة حزب الله وحلفاؤه الأغلبية البرلمانية.
وأظهرت النتائج أن حزب الله وحلفاؤه خسروا الأكثرية في البرلمان اللبناني الجديد، وفق ما أظهرت النتائج النهائية للانتخابات التي أعلن وزير الداخلية بسام المولوي، وكان حزب الله، يحتفظ مع حلفائه بقرابة سبعين مقعداً من إجمالي 128 في البرلمان المنتهية ولايته، فى حين لم يجنى من الانتخابات الجديدة سوى 27 مقعدا فقط.
وكانت المفاجئة الثانية هى دخول عدد من المستقلين للبرلمان الجديد، حيث فازت لوائح المعارضة المنبثقة عن التظاهرات الاحتجاجية ضد السلطة السياسية التي شهدها لبنان قبل أكثر من عامين بـ13 مقعداً على الأقل في البرلمان الجديد، وفق ما أظهرته النتائج النهائية، و12 من الفائزين هم من الوجوه الجديدة ولم يسبق لهم أن تولوا أي مناصب سياسية.
ويرى مراقبون للأوضاع اللبنانية أن نتائج الانتخابات أظهرت عدم حصول أى من الأحزاب على أغلبية، بل ضم كتلاً متنافسة ما سيجعله عرضة أكثر للانقسامات.
ويُنتظر خلال أيام انتخاب رئيس للمجلس الجديد قبيل 22 مايو الجاري موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، في وقت سيدعو الرئيس ميشال عون إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات.
وتوالت ردود الفعل الدولية على نتائج الانتخابات حيث هنأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس اللبنانيين على الانتخابات النيابية التي أجروها، مؤكداً أنه ينتظر بفارغ الصبر أن تشكل سريعاً حكومة جامعة، فيما اعتبر السفير السعودي في لبنان وليد بخاري أن نتائج الانتخابات تؤكد حتمية تغليب منطق الدولة على عبثية فوائض الدويلة المعطلة للحياة السياسية.
وعقب إعلان نتائج الانتخابات توجه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برى بكلمه للفائزين مؤكدا أنه على القوى السياسية والكتل النيابية في مجلس النواب الجديد تأكيد صدق نواياهم واستعدادهم وانفتاحهم لحوار حول عدد من الموضوعات أولها نبذ خطاب الكراهية وتصنيف المواطنين.
ووجه دعوة مفتوحة لكل القوى السياسية والكتل البرلمانية للبدء فورا وبعد الانتهاء من إنجاز المجلس النيابي الجديد لمطبخه التشريعي رئيساً وهيئة مكتب ولجان، بحوار جدي بالشراكة مع كافة قوى المجتمع المدني المخلصة والجادة من أجل إلغاء قانون الانتخابات الحالي، حيث وصفه بري أنه مسيء للشراكة ويمثل وصفة سحرية لتكريس المحاصصة وتعميق الطائفية والمذهبية.