خطوة نادرة الحدوث في العالم العربى أقدمت عليها المغرب، حيث دخل القنب بشكل قانونى حيز التنفيذ في الأغراض الطبية والصناعية، بعد أن أنهت الحكومة المغربية الإطار التشريعي للاستعمالات المشروعة ونشر القرار في الجريدة الرسمية بعد عام تقريبا من تصويت البرلمان على القانون، لتصبح الرباط بهذا أول دولة في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تسير في اتجاه تقنين الاستعمالات المختلفة لنبتة القنب الهندي.
ويأتي القرار الذى دخل حيز التنفيذ رسمياً في سياق القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المقننة لنبتة القنب الهندي، الذي سبق لمجلس النواب المغربي الموافقة عليه عام 2021، ويهدف لـ"تجاوز مجموعة من الآثار السلبية التي تخلفها زراعة النبتة واستعمالاتها غير المشروعة".
وعقدت وكالة تقنين زراعة القنب الهندي بالمغرب أول اجتماع لمجلس إدارتها الخميس الماضى، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية، في ما يشكل خطوة حاسمة قبل دخول تقنين هذه الزراعة، لاستعمالات صناعية وطبية، حيز التنفيذ بعدما استعملت لعقود لإنتاج مخدر الحشيشة.
وقالت الوزارة في بيان، إن الوزير عبد الوافي لفتيت ترأس الاجتماع الأول "لمجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي"، وتعنى هذه المؤسسة خصوصا بمنح المزراعين تراخيص لممارسة هذه الزراعة، التي يعيش منها نحو نصف مليون شخص وتجعل من المغرب أهم منتجي مخدر الحشيشة في العالم.
وكانت المملكة أقرت العام الماضي تقنين هذه الزراعة لاستعمالات طبية وصناعية في ثلاث محافظات بشمال البلاد اشتهرت تاريخيا بممارستها، رغم منعها رسميا منذ 1954. تتضمن خطة عمل الوكالة لهذا العام خصوصا "اعتماد دفاتر التحملات التي تحدد المواصفات التقنية" الخاصة بزراعة وتحويل النبتة، إضافة الى "الشروع في إجراءات الترخيص للفاعلين الوطنيين والدوليين في صناعة القنب الهندي الطبي والصناعي"، وفق وزارة الداخلية.
وتباينت ردود الأفعال على دخول القانون حيز التنفيذ بين مؤيد لتقنين هذه النبتة المخدرة في استعمالات طبية مما يجلب استثمارات عالمية إلى البلاد، وبين رافض لهذا القرار بدعوى أن التقنين قد يفضي إلى توسيع مجالات الاتجار بالقنب الهندي.
وتضمن القانون تحديد نماذج عقد بيع محاصيل القنب الهندي ومحضر التسليم، ومحاضر الإتلاف الخاصة بفوائض إنتاجه، وكذلك بذوره وشتائله ونباتاته ومحاصيله، كما تم وضع شروط وكيفيات اعتماد بذور القنب الهندي وشتائله من جانب الوكالة الوطنية.
ووفقا للقانون سيتم ترخيص زراعة القنب الهندي واستعماله في مجالات معينة، تنص أيضاً على تحديد المناطق التي يجوز فيها الترخيص، وتحديداً أقاليم (محافظات) الحسيمة وشفشاون وتاونات، مع إمكانية إضافة محافظات أخرى حسب إقبال المستثمرين المحليين والدوليين على الأنشطة المرتبطة بسلسلة إنتاج القنب الهندي.
وليست المغرب وحدها في المنطقة العربية التي أقدمت على تلك الخطوة، ففي إبريل 2022 أقرّ البرلمان اللبناني مشروع قانون يسمح بزراعة الحشيش للاستعمال الطبي والصناعي، وتزامن القانون مع تعرض لبنان لأزمة اقتصادية طاحنة، فتم اللجوء إلى تقنين القنب لتصدير محصول القنب الذى يتم زراعته في لبنان، ويصدر من لبنان نحو 3000 طن سنويا من هذه النباتات.
وفيما يخص تقنين استخدام القنب عالميا فإن القارة الأوروبية تحتل المرتبة الأولى حيث سمحت كل من ألمانيا والنمسا وبريطانيا وإسبانيا وفنلندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والبرتغال والجمهورية التشيكية ورومانيا وسلوفينيا وكرواتيا، ببيع بعض المنتجات المشتقة من القنب الهندي- نبتة الحشيش- لتسكين آلام بعض الأمراض، وبيع المنتجات المشتقة من “الماريجوانا” والتي تحتوي على مادة “تي إتش سي” للمرضى المصابين بالسرطان والصرع والإيدز .
وفي المرتبة الثانية تأتي دول أمريكا اللاتينية؛ قامت كولومبيا بإصدار مرسوم رئاسي، يسمح باستخدام القنب الهندي لأغراض العلاج، ويجيز منح رخص لشراء بذور القنب الهندي و”الماريجوانا” وزراعتها لأغراض طبية وعلمية بحتة.
واتخذت العديد من الدول الأخرى، منها تشيلي والمكسيك، النهج نفسه، حيث سمحوا بموجب مرسوم بتسويق أدوية مشتقة من “الماريجوانا” في الصيدليات؛ لكن تحت مراقبة مشددة.
وبالرغم من أن القانون الفيدرالي بالولايات المتحدة الأمريكية يحظر زراعة القنب الهندي وبيعه واستخدامه، لكن 23 ولاية شرعت في استخدام القنب الهندي لأغراض طبية، كما سمحت كندا بموجب قانون صادر في عام 2001 باستخدام القنب الهندي لأغراض طبية.