فى الوقت الذى تواجه فيه بريطانيا عدد من الأزمات الكبيرة فى مقدمتها تداعيات "البريكست" والتضخم الذى صاحب الإغلاق بسبب فيروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، انشغل أعضاء مجلس اللوردات البريطانى "الغرفة العليا للبرلمان" بأزمة مختلفة تماما، بعد أن سجل أعضاء المجلس عدد من الشكاوى فيما يخص جودة النبيذ والوجبات المقدمة لهم داخل مطاعم المجلس، الأمر الذى أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وموجة غضب ضد أعضاء المؤسسة التشريعية.
واشتكى أعضاء مجلس اللوردات البريطانى من جودة الطعام والنبيذ المقدم لهم فى البرلمان، وقال أحد المتذمرين فى رسالة إلكترونية للمسئولين: "لا يوجد سوى الكثير من سلطات السلمون المدخن أو الجمبرى التى يمكن للمرء تناولها أسبوعًا بعد أسبوع، هى نوعية رديئة حقًا هل يمكن فعل شيء ما؟".
ووفقا لعدد من الصحف البريطانية، تم تقديم الشكاوى فى رسائل للبريد الإلكترونى والتى تم إرسالها بشكل متكرر على مدار السنوات الثلاث الماضية، ويأتى ذلك فى أعقاب الأخبار التى تفيد بأن دافعى الضرائب دفعوا 25 مليون جنيه إسترلينى لإنقاذ الحانات والمطاعم فى جميع أنحاء البرلمان فى السنوات الثلاث الماضية، ويشمل هذا دعمًا بقيمة 3 ملايين جنيه إسترلينى لغرفة طعام الأعضاء الحصرية فى مجلس اللوردات، والتى لا يمكن استخدامها إلا من قبل أقرانهم الحاليين والمتقاعدين - وضيوفهم الشخصيين.
ومجلس لوردات المملكة المتحدة هو الغرفة العليا فى البرلمان ويعقد اجتماعاته فى قصر وستمنستر، ويملك المجلس حاليًا 788 عضوًا، وهو ثانى أكبر هيئة تشريعية فى العالم بعد مجلس الشعب الصينى، ويتم اختيارهم من طبقة النبلاء المكونة من اللوردات الروحانيين واللوردات الدنيويين، ويبلغ عدد اللوردات الروحانيين 26 بين رؤساء للأساقفة فى كنيسة إنجلترا الرسمية للدولة.
ومعظم اللوردات الدنيويين من النبلاء مدى الحياة، ويعينهم الملك بناءً على نصيحة رئيس الوزراء أو لجنة التعيينات فى مجلس اللوردات، ولكنهم يشملون أيضًا النبلاء بالوراثة.
ويدقق مجلس اللوردات فى مشاريع القوانين التى وافق عليها مجلس العموم، ويراجع ويعدل بانتظام مشاريع القوانين الصادرة، ويمكن للمجلس أن يؤخر مشروعات القوانين ويجبر مجلس العموم على إعادة النظر فى قراراتهم، فى حين أنه غير قادر على منع تمرير مشاريع القوانين، إلا فى ظروف محدودة ومعينة.
ولا يحصل أعضاء مجلس اللوردات على راتب، لكن يمكنهم المطالبة بمبلغ 323 جنيهًا إسترلينيًا عن كل يوم يحضرون فيه إلى البرلمان، ولم يمنع ذلك البعض من تقديم شكاوى غاضبة بشأن الطعام المخفض الذى يحق لهم الحصول عليه.
واحتوت رسالة أخرى على قائمة بالمشاكل تم إرسالها إلى رئيس مجلس النواب، تضمنت أسئلة حول سبب وجود "الكثير من الخس" فى السندويشات، ولماذا لم يعد هناك خيار للحصول على خبز الحبوب.
وفى أكتوبر من العام الماضى، كتب عضو آخر ليشتكى من سعر الطعام فى مطعم Barry Room المخصص للأعضاء فقط، والذى تلقى 1.1 مليون جنيه إسترلينى من الإعانات الممولة من دافعى الضرائب منذ عام 2019.
وقالت الرسالة: "أصبحت غرفة Barry Room باهظة الثمن للغاية دون زيادة متناسبة فى الجودة"، واشتكى أحدهم من "النطاق المحدود" لـ"السندويشات المعبأة مسبقًا"، والتى كانت "مخيبة للآمال للغاية"، وسأل آخر: "هل يمكن تقديم السندويشات على طبق مع قليل من السلطة بدلاً من الورق المقوى؟".
وحاز الخبر على اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعى الذين صبوا غضبهم ضد الطبقة الحاكمة والمجلس التشريعى، كما خصص أحد البرامج الصباحية "صباح بريطانيا" حلقة خاصة عن تلك الشكاوى طارحا تساؤلا حول "هل من العدل دعم أغذية السياسيين".
وأجمعت تعليقات رواد موقع تويتر على أن السياسيين فى هذا البلد يعيشون فى عالم منفصل عن المواطن، ولا يعرفون ما يعانى منه عامة الشعب، وقال "دان جي": "انا اشعر بالأسف عليهم، لو بإمكانى لمنحتهم طعام مدرسة أو مستشفى ثم اسألهم عن رأيهم"، فيما قال إيفيت وينستون: "إنها حقيقة أخرى تؤكد أنهم جميعًا يعيشون فى واقع آخر غيرنا".
وعلقت هيلين آر واتس إحدى المتابعين: "لماذا يشربون الكحول أثناء يوم العمل، على أى حال هذا يفسر سبب نوم نصفهم على المشاع"، وقال شارون: "لا، هذا ليس عدلاً، أنا أعمل فى مجال الرعاية الصحية والاجتماعية، نوبات 12 ساعة ولا أحد يشترى غدائى أو عشاء. نحن ندفع أجور أعضاء البرلمان وما زالوا يتوقعون المزيد".
ومن ضمن التعليقات ما دونه تونى ماكدونيل: "لماذا ندعم الغذاء لأصحاب الملايين فى وظيفتهم الثانية أو الثالثة؟؟"، فيما قالت ناتالى كيو دبليو: "جودة الطعام؟ ماذا عن الأشخاص الذين ليس لديهم طعام بالمعنى الحرفى للكلمة؟ الناس الذين يحاولون تغطية نفقاتهم؟"، وقالت جوجو: "إنه وصمة عار مطلق. صفعة أخرى على وجوهنا. من الأفضل أن يستيقظ الناس ويعيدوا التفكير فى من يوضعون فى السلطة".