المتعارف عليه فى العرف والثقافة المجتمعية أن "الصداق" أو ما يعرف فى الإسلام بـ"المهر" هو ما يدفعه الرجل للمرأة عند الزواج، ومفهوم الصداق يعنى أن يلتزم الزوج بدفع المهر للمرأة، وهي حق لها من الزوج، والصداق هو وجه مِن أوجه تكريم الله تعالى للمرأة، ومقدار المهر لَم يحدد مِن قبل الإسلام نهائياَ لأنه مبنى على اتفاقِ أهلِ الزوج والزوجةِ على قيمة محددة، وعلى قدر استطاعة الزوج دون تكليف، وكما يعتقد البعض أن "المهر" هو ما يدفعه الرجل للمرأة عند الزواج، وهذا مفهوم خاطئ حيث أن المعروف شرعا وقانونا أن "المهر" هو مجموع المقدم والمؤخر، والمقدم هو ما يدفعه الرجل عند الزواج، والمؤخر هو ما يدفعه الرجل عند الطلاق "إذا كان هو صاحب قرار الطلاق"، وذلك كتعويض مادي للمرأة.
ومؤخرا – كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي بفتح ملف "قانون الأحوال الشخصية" الذى يضعنا أمام العديد من المقترحات والرغبات من كلا الطرفين "الرجال – النساء"، حيث جاء التكليف بتشكيل فريق من القضاة الأجلاء لتدشين حوار وطني مجتمعي قانوني حول قانون الأحوال الشخصية، وإمكانية تعديله بما يخدم الأسرة والمجتمع ويزيد الوعي الأخلاقي وينهي صراعات الرؤية والنفقة والطلاق، هو أمر محترم وحلقة هامة من حلقات الحوار الوطني الذي بدأه الرئيس بحوار مائدة الإفطار ولجنة العفو الجديدة، حيث بدأت الهيئات والجمعيات والمنظمات الحقوقية ورجال الفقه والقانون تقديم الرغبات والمقترحات ومناقشاتها عبر وسائل الإعلام المختلفة.
المُشرع فرق بين مقدم الصداق ومؤخر الصداق والصداق المسمى بيننا
فى التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكاليات مقدم الصداق ومؤخر الصداق، ولفظة الصداق المسمى بيننا من حيث الماهية والشروط التى يجب مراعاتها والآثار المترتبة عليها وعدد من النقاط والنصائح المتعلقة بـ"الصداق" - بحسب الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى الشأن الأسرى عبد الحميد رحيم.
فى البداية، لدينا هنا عدة نقاط تتعلق بـ"المهر" فقد تناول الكثير موضوع المغالاة فى المقدم وأثره على المجتمع "عزوف الشباب عن الزواج وزيادة العنوسة"، لذلك لن أتحدث فى هذا الموضوع وإنما سأتحدث عن المغالاة فى المؤخر حيث يعتبر الكثير من الآباء أنه عندما يكتب لابنته مؤخر كبير فهو "بيأمن مستقبلها"، و يا له من مفهوم شديد السطحية والتخلف، حيث إن الرجل عندما يكره زوجته لا يمنعه شيء من طلاقها حتى المؤخر الكبير، وحتى لو استدان الزوج سوف يطلقها لو قرر ذلك، وهناك الحل الأسهل وهو أن يهمشها أي أن يعيش حياته وكأنها غير موجودة فيها، وذلك لمجرد أن يتجنب الطلاق بتبعاته المادية – وفقا لـ"رحيم".
للأسف الكثير من الرجال يكونون فى حالة سعادة ونشوة ويقبلون كتابة أى رقم فى خانة المؤخر معتقدين أن احتمال الطلاق غير وارد، وبالتالي من غير المحتمل دفع هذا المبلغ، أو يوافقون كنوع من التأكيد لأهل الزوجة على مدى تمسكهم بالزواج، وهذا للأسف تفكير خطأ من الناحية العملية والقانونية، بدليل أننا لو سألنا أى شخص طلق زوجته سيقول إن الطلاق لم يكن وارد في بداية الزواج، بل أن بعضهم تزوج بعد قصة حب عنيفة استمرت سنوات طويلة ولم يتخيل يوما أنه سيطلق حبيبته، وذلك نظرا لقلة الخبرة وعدم معرفته بطبائع الأمور وتغيرها وتبديل الحال – الكلام لـ"رحيم".
وقانونى: يكشف حيل كتابتها بين أهل الزوج والزوجة على خلاف المدفوع فى الحقيقة
باختصار نصيحة لكل رجل مقبل على الزواج يجب عدم الموافقة على كتابة أى رقم مبالغ فيه تحت أى ضغط ولابد من الاعتدال في الأمر ولا تبخس الزوجة أيضا، حقها فالمؤخر حق شرعي للزوجة ولكن باعتدال، ونأتى لنقطة هامة وهي كتابة المهر فى قسيمة الزواج، فقد جرى العرف على أن يتم كتابة مقدم رمزى "على خلاف المدفوع فى الحقيقة" مثلا 20 جنيها وأن تتم كتابة المؤخر كامل، وهذا خطأ كبير يرتكبه الزوج فى حق نفسه.
الفرق بين مقدم الصداق ومؤخر الصداق والصداق المسمى بيننا
مقدم الصداق:
فى الحقيقة أن أى فتاة مقبلة على الزواج لها من الناحية الشرعية "مهرًا" يكون هذا المهر جزء منه فى الشبكة مثلاً أو مبلغ معين يتم الاتفاق عليه حسب العرف وظروف كل أسرة وإمكانية كل زوج ويكون الاتفاق مثلاَ أن الزوج يدفع جزء من المهر فى بداية الزواج ويتم إثباته فى قسيمة الزواج وهذا يُطلق عليه "مقدم الصداق"، ويكون مكتوب فى القسيمة، واتفق الطرفان على مبلغ الصداق وقدره كذا والحل منه كذا ومعنى كلمة الحال هو ما تم دفعه وقت إبرام العقد – هكذا يقول "رحيم".
مؤخر الصداق:
أما مؤخر الصداق يكون المؤخر أو المؤجل ويظن البعض أن هذا المؤخر يدفعه الزوج فى حالة الطلاق وهذا الفهم خاطئ وغير صحيح، حيث أن «مؤخر الصداق» يكون دينا فى رقبة الزوج ومن الممكن أن تطالب به الزوجة حتى وإن كانت متزوجة حديثا وعلى ذمة الزوج، ولو الزوج توفى يحق للزوجة مطالبة مؤخر صداقها من الورثة طالما لم يثبت فى القسيمة أن مؤخر الصداق يستحق عند أحد الأجلين "يعنى فى حالة الطلاق أو الوفاة أو إنهاء العلاقة الزوجية"، وبخلاف ذلك يحق للزوجة المطالبة بمؤخر صداقها أى وقت ولابد أن نعلم جيداَ أنه دين فى رقبة الزوج يستحق الأداء.
الصداق المسمى بيننا:
أما عن الصداق المسمى بيننا، يظن البعض أنه طالما مكتوب في القسيمة جملة "الصداق المسمى بيننا" يكون ليس من حق الزوجة مؤخر صداق، وهذا أيضاَ فهم خاطئ وغير صحيح على الإطلاق، لأن معنى جملة "الصداق المسمى بيننا" هو صداق المثل يعنى إيه؟ يعنى من حقها مؤخر صداق مثل مؤخر صداق أختها أو بنت خالتها أو بنت عمها أو أى فتاة فى نفس سنها ونفس مستواها، وهذا أمر فى منتهى السهولة من الناحية العملية أن نثبته.
مؤخر الصداق في حالة وفاة أي من الزوجين
يستحق مؤخر الصداق كاملا بوفاة أي من الزوجين حتى ولو كانت الوفاة قبل الدخول أو الخلوة، فإذا كان موجب استحقاق مؤخر الصداق هو الوفاة استحق المؤخر كاملا في تركة الزوج قبل قسمتها بين الورثة ودون استنزال نصيب الزوجة فيه، لأن استيفاء الديون مقدم على حقوق الورثة، أما إذا ماتت الزوجة يكون لورثتها استيفاء مؤخر الصداق من الزوج بعد خصم نصيبه في تركتها باعتباره من ورثتها.
وكثيرا من الناس عندما يسأله المأذون الشرعى عن الصداق أو المؤخر، كما هو شائع بين الناس، فيقول ليس هناك مؤخر، ويردد قائلا: "مش هنكتب مؤخر وهنكتبه المسمى بيننا"، فما هو المسمى بيننا في مؤخر الصداق؟
أولاَ: الصداق أو المهر: هو ما أوجبه الله تعالى من مال أو منفعة للمرأة مقابل النكاح وهو واجب شرعا وأن كان ليس شرطا أو ركنا من أركان الزواج أي أن عدم كتابة المؤخر أو ذكره في وثيقة الزواج العرفي أو وثيقة الزواج الرسمية عن مأذون شرعي لا تبطل الزواج ويكون الزواج صحيحا، إلا أن المهر أو الصداق واجب على الزوج وحق المرأة حتى لو لم يسمى لها مهرا ويكون لها مهر المثل، أي أنه إذا ذكر في وثيقة الزواج أن المؤخر هو المسمى بيننا فيكون للمرأة مهر المثل أي مهر مثلها من أخواتها أو أقاربها أو من هو في نفس حالة تعليمها ومستواه الاجتماعي.
والصداق أو مؤخر الصداق هو أثر من أثار الزواج ومن أحكام الزواج التي تترتب عليه حتى لو تم الاتفاق على أن الزواج أو النكاح بدون مهر فوجب للمرأة مهر المثل، وبهذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تزوجت ولم يكن لها مهر ثم مات زوجها قبل الدخول، فحكم لها بمهر المثل.
والصادق المسمى ليس معناه أن المرأة ليس لها صداق، فكثيرا من الناس عندما يسأله المأذون الشرعي عن الصداق أو المؤخر أثناء العقد، كما هو شائع بين الناس فيقول ليس هناك مؤخر، "مش هنكتب مؤخر واكتبه المسمى بيننا.. فما هو المسمى بيننا في الصداق؟
فهو واجب شرعا وأن كان ليس شرط أو ركنا من أركان عقود الزواج عند المأذون أي أن عدم كتابة المؤخر أو ذكره في وثيقة الزواج العرفي أو وثيقة الزواج الرسمية عن مأذون شرعي لا تبطل الزواج ويكون الزواج صحيحا، إلا أن المهر أو الصداق واجب على الزوج وحق المرأة حتى لو لم يسمى لها مهر ويكون لها مهر المثل.
ومقدم الصداق هو ما يدفعه الزوج إلى الزوجة من مال في بداية عقد الزواج عند المأذون الشرعى، ومؤخر الصداق هو ما تستحق المرأة في حالة أبعد الأجلين سواء كان الطلاق أو الوفاة.
أما الصداق المسمى: هو المقدار المتفق عليها عند كتب الكتاب عند مأذون شرعى.
قد يذكر في وثيقة الزواج عند المأذون الشرعي أن جملة الصداق هو المسمى بيننا، والمسمى بيننا هو ما تم الاتفاق عليه بين الزوج والزوجة عند مأذون أو لها من مقدار معين وليكن خمسون ألف جنيه صداق، فرغبة من الزوج والزوجة بعدم دفع رسوم كثيرة للمأذون، فيتفق الطرفان على كتابة المسمى بيننا وهو المقدار المتفق عليها عند عقد القران عند المأذون، وقد يكون تم الاتفاق بينهما على مقدار الصداق أو المهر إلا أنهم لا يريدوا أن يعرف الناس قدر المهر أو الصداق المتفق عليه، وفى الاختلاف يلجأ إلى محكمة الأسرة.
ملحوظة: إذا لم يتفق الزوج والزوجة أثناء الزواج على صداق مسمى ومحدد، فللمرأة مهر المثل.
أي أنه إذا ذكر في وثيقة الزواج عند المأذون الشرعي أن المؤخر هو المسمى بيننا، فيكون للمرأة ما تم الاتفاق عليه بينهما فإن لم تستطيع المرأة اثباته فلها تلجأ إلى القضاء بمهر المثل أي مهر مثلها من اخواتها أو أقاربها او من هو في نفس حالة تعليمها ومستواها الاجتماعي.
ملحوظة: وزواج أحد الرجال المرأة زواج على أنها بكر فوجدها ثيبا يلزمه كل المهر أو الصداق بموجب عقود الزواج الشرعية يحكم به القاضي التابع لمجلس محاكم الأسرة بوزارة العدل بعد تقديم الطلب.
وزير العدل يشكل لجنة خبراء لإعداد قانون الأحوال الشخصية
يشار إلى أن المستشار عمر مروان وزير العدل، أصدر القرار الوزاري رقم 3805 لسنة 2022، بتشكيل اللجنة القضائية القانونية المختصة في قضايا ومحاكم الأسرة، لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويضم تشكيل اللجنة كلا من، المستشار عبد الرحمن محمد عبد الرحمن حنفى رئيس محكمة استئناف طنطا، عضو مجلس القضاء الأعلى الاسبق رئيسا للجنة، وعضوية المستشار أحمد خيرى رئيس الاسئتناف ومساعد وزير العدل لشئون المحاكم المتخصصة، والمستشار يوسف عبد الفتاح مستشار بمحكمة النقض وعضو المكتب الفنى بإدارة التشريح والمختص بتشريعات الأسرة، والمستشار أشرف على عبد الهادى رئيس اللجنة الفنية بإدارة التفتيش القضائى على محاكم الأسرة، والمستشار أحمد محمد محب وكيل إدارة التشريع بوزارة العدل والمختص بتشريعات الأسرة.
كما تضمنت اللجنة، عضوية المستشار محمد محمود عبد الوهاب رئيس بمحكمة استئناف القاهرة شئون الأسرة، والمستشار راضى أبو الفتوح رئيس الاستئناف والقائم بأعمال المحامى العام الأول للنيابة العليا لشئون الأسرة، والمستشارة داليا إبراهيم أحمد رئيس بمحكمة استئناف القاهر شئون الأسرة، والمستشارة أمنية إسماعيل أحمد هوارى نائب رئيس بمحكمة الاستئناف ومساعد رئيس محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية وعملت بمحاكم الأسرة، والمستشار شريف أحمد أشرف رئيس أ بمحكمة القاهرة الجديدة والمستشار هشام محمد رئيس أ بمحكمة القاهرة الجديدة.
البريد الإلكتروني لتلقى المقترحات
وحددت اللجنة البريد الإلكتروني [email protected] لتلقى المقترحات الخاصة بالتعديلات خلال 15 يوما من تاريخ القرار، ومن المقرر أن تكون هذه اللجنة من القضاة والقاضيات المختصين فى محاكم الأسرة والأحوال الشخصية وكذا اساتذة القانون.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه المستشار عمر مروان وزير العدل لتشكيل اللجنة القضائية القانونية المختصة في قضايا ومحاكم الأسرة، والتي تكون مهمتها إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسلمين بحيث يراعى المصالح المتعددة لجميع الأطراف المعنية بأحكامه وعلى نحو متوازن يعالج القضايا الأسرية والذي يأتي وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس خلال لقائه مع وزير العدل، كما كلف أجهزة الدولة المعنية وبصفة خاصة وزارة الداخلية والنيابة العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بإمداد لجنة إعداد القانون بالمعلومات والبيانات الدقيقة اللازمة لدعمها في أداء مهامها بكل مهنية وموضوعية.