أسدل مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس المجلس، الستار على دور الانعقاد العادى الثانى من الفصل التشريعى الثانى لمجلس النواب، وربما كان من أبرز المشاهد على مدار دور الانعقاد التحول فى العلاقة بين وزارة المالية ولجنة الخطة والموازنة بالمجلس، حيث كانت المالية من أكثر الوزارات حرصا على حضور اجتماعات اللجنة على مدار الفصل التشريعى الأول وحتى نهاية دور الانعقاد العادى الأول من الفصل التشريعى الثانى.
وبدأت العلاقة بين الوزارة واللجنة تشهد توترات أثناء مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022/2023، حيث كانت تلك هى الموازنة الأولى التى تناقشها لجنة الخطة والموازنة دون حضور وزير المالية الذى كان دائم الحرص على حضور اجتماعات اللجنة لمناقشة الموازنات السابقة.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فعلى الرغم من عدم حضور الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أى من اجتماعات لجنة الخطة المخصصة لمناقشة الموازنة العامة للدولة، إلا أن التمثيل الحكومى من جانب وزارة المالية خلال الاجتماعات لم يكن على المستوى المطلوب، ما دفع أعضاء لجنة الخطة والموازنة إلى الإفصاح عن ذلك علنا وتكرار الشكاوى خلال الاجتماعات المتعاقبة من ضعف تمثيل وزارة المالية باجتماعات اللجنة وحضور مسئولين لم يكن لديهم إجابات واضحة ومحددة على استفسارات الأعضاء.
وزادت حدة التوترات جراء ما شهده اجتماع لجنة الخطة والموازنة لمناقشة مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن التجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية، وبتجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 فى شأن إنهاء المنازعات الضريبية، والذى شهد غيابا تاما لممثلى وزارة المالية، على الرغم من أهمية مشروع القانون وتعلقه بمنح إعفاءات ومزايا ضريبية، ما يعنى أن الأمر يخص وزارة المالية بشكل مباشر.
وهنا قررت لجنة الخطة والموازنة بالمجلس التصعيد بشكل رسمى، حيث ذكرت فى تقريرها بشأن مشروع القانون، والذى عُرض على الجلسة العامة لمجلس النواب، إن اللجنة رأت الموافقة على مشروع القانون كما ورد من الحكومة، وذلك على الرغم من عدم حضور ممثلى وزارة المالية اجتماع اللجنة أثناء مناقشة مشروع القانون، حيث كانت اللجنة فى حاجة ماسة إلى الإجابة عن بعض الأمور الفنية الدقيقة المنصوص عليها فى مواد مشروع القانون، لذا فقد تركت اللجنة الحرية للأعضاء لتقديم مقترحاتهم بالتعديل خلال مناقشات الجلسة العامة، الأمر الذى أشعل غضب النواب تجاه وزارة المالية، وتوالت الانتقادات الموجهة للوزارة وممثليها والتى وصلت إلى مطالبة الحكومة بالرحيل.
وبدوره قال المهندس ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن غياب وزير المالية، الدكتور محمد معيط، عن اجتماعات اللجنة لمناقشة الموازنة العامة للدولة كان مرتبطا بالأزمة الاقتصادية العالمية التى يشهدها العالم والتى ترتب عليها الكثير من الالتزامات على وزير المالية والتحرك بين عدد من الدول أثناء مناقشة اللجنة للموازنة، مضيفا: ونحن نتفهم ذلك تماما".
وأضاف عمر، فى تصريح خاص لموقع "برلمانى"، أن الأمر غير المفهوم وغير المبرر هو ضعف تمثيل ممثلى وزارة المالية باجتماعات اللجنة، موضحا أن هذا الأمر غير معتاد من وزارة المالية التى تعد من أكثر الوزارات تعاونا مع لجنة الخطة والموازنة على مدار الفصل التشريعى الأول كاملا ودور الانعقاد الأول من الفصل التشريعى الثانى.
وأوضح وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن اللجنة كان لها تحرك فى هذا الشأن وخاطبى وزير المالية ورئيس مجلس النواب بشأن ضعف تمثيل وزارة المالية، ما يؤثر بدوره على مسار المناقشات والإجابة عل ى العديد من استفسارات النواب أثناء المناقشات، لافتا إلى أن هذا التحرك كان له أثره فى تحسن مستوى التمثيل الحكومى فى آخر اجتماعات للجنة لمناقشة الموازنة العامة للدولة.
وفيما يتعلق بغياب ممثلى وزارة المالية عن اجتماع لجنة الخطة لمناقشة قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بالتجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية، وبتجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 فى شأن إنهاء المنازعات الضريبية، قال عمر، إن اللجنة أبلغت وزارة المالية بموعد الاجتماع صباح نفس يوم الانعقاد، ما أدى إلى غياب ممثلى الوزارة عن الاجتماع، موضحا فى الوقت ذاته أن هذا لا يعد مبررا مقنعا لغيابهم عن الاجتماع، نظرا لأهمية الموضوع محل المناقشة، ونظرا أيضا لقرب مقر وزارة المالية من مقر البرلمان، ما يعنى أنه كان من الممكن تدارك الأمر من جانب الوزارة وإرسال مندوبيها لحضور الاجتماع.
فيما رأى النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، رئيس حزب العدل، أن الأمر تعود جذوره إلى رفض الجلسة العامة لمجلس النواب لمشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 والذى تضمن تعديلات على ضريبة التصرفات العقارية، موضحا أن كل وزارة تطمح دائما فى تمرير أى مشروع قانون تتقدم به للبرلمان، وهو ما لم يحدث مع وزارة المالية.
وأضاف إمام، فى تصريح لـ"برلمانى"، أن مجلس النواب يقوم بدوره التشريعى والرقابى بما يحقق الصالح العام، قائلا: "ويبدو أن وزارة المالية وأى وزارة ترغب فى إخراج القانون كما هو، ويبدو أيضا أن رفض النواب لتعديلات الضريبة على القيمة المضافة كان له أثره على تعاون وزارة المالية مع النواب".
وفى هذا السياق أوضح أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن حضور ممثلى الحكومة اجتماعات اللجان النوعية والجلسات العامة بالمجلس أمرا وجوبيا، ويجب أن يكون هذا التمثيل ملائما، لافتا إلى أن المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، كان واضحا وحاسما فى رسالته للحكومة فى هذا الشأن، وأضاف: "نتمنى ألا يتكرر هذا المر خلال أدوار الانعقاد القادمة، وإلا سيكون هناك إجراءات وفقا لما تنص عليه اللائحة الداخلية لمجلس النواب".