جاء العيد هذا العام بمذاق وشكل مختلف بسبب عودة تحذيرات تفشى وباء أو فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 - بالابتعاد عن التجمعات البشرية وهو على غير المتعارف عليه فى الأعياد والمناسبات، فضلا عن ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية حيث التجمعات فى الحدائق والمنتزهات، وذلك من أجل الحفاظ على صحة المواطنين من تفشى الوباء.
ولكن الغريب والعجيب فى هذه الأيام هو ورود العديد من الشكاوى لموقع "برلمانى" على مستوى محافظات الجمهورية، لمناشدة المسئولين بإزالة القمامة والمخالفات الموجودة فى الشوارع وأراضى الفضاء طيلة شهر رمضان حيث أن الشكاوى لم تتوقف، ما يؤكد معه أن هناك حالة من عدم المسئولية للخطر الذى يحدق بالمواطن بسبب عدم المحافظة على البيئة.
احذر إلقاء "زبالة العيد" فى الشارع
في التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية فى منتهى الخطورة تواجه المجتمع المتمثلة فى إلقاء القمامة فى الشوارع والميادين والأراضي الفضاء على الرغم من الاستجابة الفورية للجهات المسئولة بإزالة تلك القمامة بشكل مستمر، وكيفية تصدى القانون لمثل هذه المخالفات التى تهدد صحة المواطن، وذلك فى الوقت الذى صدرت فيه العديد من القوانين للقضاء على العادات السيئة التي يتبعها البعض بإلقاء القمامة في الشوارع، وكان من أبرز هذه القوانين قانون إلقاء القمامة فى الشارع – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمد رشوان.
فى البداية – الغرض الرئيسي من هذه القوانين هو تحقيق الردع العام والخاص للحد من انتشار ظاهرة إلقاء المخلفات فى غير الأماكن المخصصة لذلك، على نحو يُشكل خطورة تهدد البيئة والأفراد وتكدر سكينتهم فضلًا عن تعريض أرواحهم وسلامتهم للخطر بالتزامن مع تفشى فيروس كورونا – كوفيد 19 - ولكن الغريب في الأمر أن هذه القوانين لم تجد نفعا بالنسبة للمخالفين ولم تنجح ويمكن أن يرجع ذلك إلى عدم وجود الرقابة الكافية لحل هذه المشكلة والقضاء علي الأزمة، كما أنه يمكن أن تكون العادات المجتمعية الخاطئة سببا وجيها حول عدم التزام المواطنين بإلقاء القمامة في المناطق المخصصة أو تسليمها للعاملين علي جمعها بمقابل رمزي – وفقا لـ"رشوان".
تشريعات مستمرة للحفاظ على البيئة
هذا وقد أصبح موضوع حماية البيئة من أكبر التحديات التى تواجهها البشرية جمعاء، والهاجس الذي يؤرق المختصين هو إيجاد حلول لذلك، ولهذا حاليا يتداول هذا الموضوع بشكل حاسم على المستوى العلمي والأكاديمي عبر محاور عديدة، ومن بينها المحور القانوني، حيث يحاول رجال القانون فى هذا الجانب وضع منظومة تشريعية وآليات تطبيق كفيلة بالحد من التدهور البيئي الذي يعتبر الإنسان المتسبب الأول فيه، فقد أصبح التقدم الحقيقي مرتبط بمعيار حماية الإنسان للبيئة والموارد الطبيعية، والكل أصبح معنيا بمعالجة هذا الأمر ليس على المستوى الإقليمي فحسب بل على المستوى العالمي – الكلام لـ"رشوان".
لكن موضوع حماية البيئة ليس بالأمر الهين، فهو يعتبر من أعقد القضايا التي تستحوذ على اهتمام المختصين، وبلا شك فإن دور القانون الجنائي يعتمد على أهم عنصر فيه وهو التجريم الذي يعد جوهر موضوعه، وبما أن القانون الجنائي البيئي حديث النشأة ومتميز بموضوعه، فذلك حتما يثري إشكالات قانونية عديدة تخص الجريمة البيئية بأركانها الثلاثة، ولاسيما الركن المادي منها الذي يعد العمود الفقري فى أي جريمة، وتوصيفه وتحديده ومحاولة إيجاد حلول قانونية تسهم فى تفعيل الحماية الجنائية للبيئة.
جرائم تلويث البيئة
يحظر قانون حماية البيئة أعمال صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف الصحي وغيرها في مجاري المياه على كامل أطوالها ومسطحاتها إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الري في الحالات ووفق الضوابط والمعايير التي يصدر بها قرار من وزير الري بناءا على اقتراح وزير الصحة ويتضمن الترخيص الصادر في هذا الشأن تحديد المعايير والمواصفات الخاصة بكل حالة على حدة – هكذا يقول "رشوان".
طبيعة جرائم تلويث البيئة
نستشف من نصوص التجريم المنوه عنها أن جريمة تلويث البيئة هي جريمة شكلية اختلقها القانون خلقاً بحظر نشاط هو في الأصل كان عملاً مباحاً، وقيد ممارسة هذا النشاط بالحصول على الترخيص اللازم من الجهة المختصة بحيث يلقي المشرع على هذه الجهات التأكد من معالجة الصرف الصحي والصناعي قبل إلقائه في المجاري المائية، ويلقي على المخاطب بأحكام القانون عبء إثبات أنه لم يرتكب الجرم المعاقب عليه بإظهار الترخيص وتقديم العينات التي تثبت التزامه بتنفيذ اشتراطات الترخيص، فإذا تخلف الترخيص كان ذلك دليل قاطع على ارتكاب الفعل المؤثم، واستحقاق العقوبة، وكلما استمر الجاني في النشاط، كلما ظلت الجريمة قائمة ولها صفة الاستمرار، ويحرر محضر مخالفة أو جنحة عن فعل متكرر ولا يعد الاستمرار جريمة واحدة.
عقوبة إلقاء القمامة فى الشارع
ونصت العقوبة على النحو التالى: "يُعاقب المخالف بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ألقى أو وضع مخلفات أعمال البناء أو الهدم أو الحفر فى الطريق العام أو الميادين أو الأنفاق أو الأراضي الفضاء غير المُخصصة لإلقاء المخلفات أو على الكبارى أو الجسور أو على السكك الحديدية أو فى الأماكن الأثرية أو فى مجرى النيل والترع والمصارف أو شواطئ البحر".
- كما أجاز التصالح مع الوحدة المحلية المختصة فى الجريمة المنصوص عليها فى الفقرة الرابعة من هذه المادة مقابل أداء مبلغ مائتى جنيه بالنسبة للمارة، وخمسة آلاف جنيه لغيرهم من المخالفين، خلال أسبوع من تاريخ ضبط الجريمة، ويُضاعف هذا المبلغ بتكرار الجريمة، وتنقضى الدعوى الجنائية بناءً على هذا التصالح.
وجرم القانون التالي:
-غسل الأدوات المنزلية أو الملابس أو الخضروات أو غيرها فى الفسقيات أو النافورات وكذلك فى مجارى المياه العامة إلا فى الأماكن المخصصة لذلك.
- غسل الحيوانات والعربات والمركبات إلا فى الحظائر والأماكن المعدة لهذا الغرض.
- مرور قطيع من الماشية أو الحيوانات فى غير الطرق والشوارع التى يحددها المجلس المحلى، ويعتبر قطيعا فى تطبيق حكم هذا النص ما زاد عدده على ثلاثة رؤوس من الماشية أو الحيوانات.
- وضع الحيوانات أو الدواجن فى الميادين والطرق والشوارع والممرات والحارات والأزقة سواء كانت عامة أو خاصة وكذلك فى مداخل المبانى أو مناورها أو شرفاتها.
نصوص القانون لا تكون رادعا بدون تكاتف الجميع لحل الأزمة
كما أن نصوص القانون لا تكون رادعا بدون تكاتف الجميع لحل الأزمة، وقد جاء نص قرار بشأن قانون النظافة العامة المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 2012، والذي تم تعديله ليعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ألقى أو وضع مخلفات أعمال البناء أو الهدم أو الحفر فى الطريق العام أو الميادين أو الأنفاق أو الأراضي الفضاء غير المُخصصة لإلقاء المخلفات أو على الكبارى أو الجسور أو على السكك الحديدية أو فى الأماكن الأثرية أو فى مجرى النيل والترع والمصارف أو شواطئ البحر.
ويُضيف الخبير القانونى - أنه يلاحظ في القانون أنه لا يراعي فقط القمامة اليومية وإنما يشمل إلقاء المخلفات بأنواعها في النيل مما يساعد في الحفاظ عليه، ويتيح القانون التغريم للمخالف خلال خمسة عشر يوما من تاريح المحضر المحرر بشأن واقعة المخالفة، لذلك فإنه يجب أن يكون المواطنين على قدر المسئولية لعدم تعريض نفسهم للتغريم أو الحبس أحيانا.