ثورة مجتمعية تشهدها الأردن بعد أن ظهرت مواد قانون الطفل للنور بعد عرضه على مجلس النواب لمناقشته وإقراره، حيث ظهرت تحفظات من النواب تحت القبة على بعض المواد التي رأوا فيها تجاوز على القيم والعادات الأردنية في التربية والنشء وكذلك الشريعة الإسلامية التي تعتمدها البلاد في دستورها، ولم يقف الجدل عند نواب البرلمان بل امتد لخارجه ليشمل منظمات حقوقية واجتماعية.
اتهامات بالجملة كالها النواب لمشروع القانون في مقدمتها أنه يستهدف تفكيك الأسرة في المجتمع الأردني لصالح الفردية المطلقة مثل المجتمع الغربي، بما يخالف القيم والمعتقدات الأردنية، معتبرين أنه لا يوجد تشريع يكفل حقوق الطفل كما كفلتها الشريعة الإسلامية.
ومن أهم النقاط الجدلية التي أثارها النواب تلك التي تؤسس للاعتراف بالمواليد خارج إطار الزوجية، وترفض السلطة الأبوية وتكريس الحرية المطلقة للطفل، بما في ذلك حرية اختيار الدين، حيث يستند القانون إلى مواد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1991 والتي وقع عليها الأردن، وتضمنت الاتفاقية ضرورة اتخاذ الدول الأطراف التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملائمة، لإعمال الحقوق المعترف بها في الاتفاقية.
وتضمن مشروع القانون نصا "يمنع الضرب التأديبي للأبناء من الوالدين"، وجاء فيه "لا تشكّل صفة الوالدين أو الشخص الموكل برعاية الطفل، عذرا لارتكاب أي فعل من الأفعال الواردة والتي حددتها المادة السابقة بالحالات التي تشكل تهديدا للطفل"، ويقصد بالأفعال "تعريض الطفل للعنف وإساءة المعاملة والاستغلال".
وينص البند (أ) من المادة (7) على أن للطفل الحق في "التعبير عن آرائه، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأي وسيلة أخرى يختارها، وتُولى آراء الطفل الاعتبار وفقاً لسنّه ودرجة نضجه"، فيما ينص البند (أ) من المادة (8) على أن "للطفل الحق في احترام حياته الخاصة، ويُحظر تعريضه لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، كما يُحظر المساس بشرفه أو سمعته، مع مراعاة حقوق وواجبات والديه أو من يقوم مقامهما وفقا للتشريعات ذات العلاقة"، بينما يقرر البند (ج) من المادة (24) أنه "يُتاح للطفل الاتصال مع مقدمي خدمات المساعدة القانونية دون أي قيد".
واعتبر النواب أن استناد مواد القانون للإتفاقية الدولية دون مراعاة العادات والتقاليد والشريعة "وصاية خارجية" وتدخل جهات أجنبية تريد فرض أجندتها من خلال هذا القانون، مطالبين بأن يُناقَش إلى جانب قانون الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة الإسلامية.
ودافعت وزيرة الدولة للشؤون القانونية، وفاء بني مصطفى خلال جلسة تشريعية لمجلس النواب لمناقشة قانون الطفل، وقالت إن المشروع المطروح "يراعي الخصوصية الأردنية"، مشيرة إلى أن "الأردن متحفظ على المواد 14 و20 و21 من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل، وهذه المواد تتعلق بالتبني وحرية اختيار الدين".
وأضافت "كما جاء بالأسباب الموجبة أن هذا التزاما بالتعديلات الدستورية والتي أقرها مجلس النواب والتي تتكلم عن حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة من جميع أشكال الإساءة والاستغلال وأيضا، التزاما من الأردن بالإيفاء بالتزاماته الدولية المتعلقة بالاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل لعام 2006".
وامتد الجدل من مجلس النواب إلى مؤسسات المجتمع المدنى بين مدافعا عن القانون ومن يتحفظ، حيث نشر المجلس الوطني لشؤون الأسرة عبر صفحته الرسمية على فيسبوك أن هذه الادعاءات "لا وجود لها في نصوص مشروع القانون المقترح".
ووصف الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، محمد المقدادي، مشروع قانون حقوق الطفل بأنه "دستور شامل لحقوق الأطفال" يتضمن تشريعات كفيلة بأن تصبح أداة رقابية تحقق لجميع أطفال الأردن القدرة على التعبير عن رأيهم والحصول على تعليم جيد وتغذية جيدة وصحة جيدة.
في حين ترى مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبد العزيز، أن معارضي القانون يسعون إلى تمرير أجندة ومصالح سياسية. وكتبت في تغريدة أن نص القانون لم يذكر حق الطفل بتغيير دينه، مشيرة إلى أن البعض يعتبره "مؤامرة وفيه بنود خطيرة حتى لو لم تكن موجودة".
واجتاح هشتاج قانون حقوق الطفل مواقع التواصل الإجتماعى في الأردن، وعبر الكثيرين عن مخاوفهم من بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، واتفاقية "سيداو" التي وقع الأردن عليها في بداية التسعينيات من القرن الماضي، والتي استمد مشروع القانون مواده منها، منها المتعلقة بحق حرية الفكر والدين والصحة الجنسية و التبني، وغيرها.
ويبدو أن هذا الجدل سيظل مستمرا لفترة داخل الأردن حتى ينتهى المجلس النيابى من مناقشاته وإدخال التعديلات التي تحدث عنها بعض النواب.