"مبادرة الفرصة الأخيرة في العراق تلك التي طرحها رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى لاحتواء الأزمة السياسية المتصاعدة في البلاد عبر حوار وطنى حقيقى، تحطمت قبل انطلاقها بعد أن أعلن مقتدى الصدر رفضه الحوار مع منافسه الإطار التنسيقى، داعيا أنصاره إلى استمرار تظاهرهم بالعاصمة بغداد، وسط استعداد لجمعة حاشدة بالمنطقة الخضراء.
وأعادت تصريحات الزعيم العراقى مقتدى الصدر الرافضة للحوار الوطنى التعقيد للمشهد من جديد، ولا بوادر لحل الخلافات السياسية بين الأطياف العراقية بعد ما يقرب من أسبوع شهدت فيها المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد تظاهرات حاشدة واقتحام المتظاهرين لمقر البرلمان العراقى.
ولم يقف موقف الصدر عن حد رفض الحوار مع الأطياف الأخرى بل بلغ حد المطالبة بحل البرلمان العراقي وإجراء انتخابات مبكرة، معتبرا في الوقت نفسه أن "لا فائدة ترتجى من الحوار" مع خصومه، وأضاف قائلا :"أنا على يقين أن أغلب الشعب قد سئم الطبقة الحاكمة برمتها بما فيها بعض المنتمين للتيار".
وقال "استغلوا وجودي لإنهاء الفساد ولن يكون للوجوه القديمة مهما كان انتماؤها وجود بعد الآن إن شاء الله، من خلال عملية ديمقراطية ثورية سلمية أولا ثم عملية ديمقراطية انتخابية مبكرة بعد حل البرلمان الحالي".
وطلب رجل الدين الشيعي من أنصاره مواصلة اعتصامهم في مجلس النواب في بغداد لحين تلبية مطالبه التي تشمل انتخابات مبكرة وتعديلات دستورية غير محددة، وقال "لا تذعنوا لإشاعاتهم بأنني لا أريد الحوار، لكن الحوار معهم قد جربناه وخبرناه وما أفاد علينا وعلى الوطن إلا الخراب والفساد والتبعية على الرغم من وعودهم وتوقيعاتهم".
وبعد خطاب الصدر، اعتبر نوري المالكي رئيس الوزراء السابق وزعيم كتلة دولة القانون المنضوية في الإطار التنسيقي، وخصم الصدر الرئيسي على الساحة السياسية في تغريدة أن "الحوارات الجادة التي نأمل منها حسم الخلافات وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح تبدأ بالعودة إلى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية".
ورغم أن المراقبون اعتبروا مبادرة الكاظمى بمثابة الفرصة الأخيرة قبل خروج الأزمة عن السيطرة، إلا أن وساطة التهدئة لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع انتهت قبل أن تبدأ، وحتى اللحظة لم يجد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى أي صدى لمبادرته، على الرغم من عدد من الزيارات المكوكية التي قام بها خلال الساعات الماضية.
وعقد الكاظمى عدد من اللقاءات مع الأطياف السياسية حيث زار رئيس تحالف الفتح هادي العامري، وناقشا آخر مستجدات الوضع السياسي وايجاد السبل الكفيلة بالخروج من الازمة الحالية والتوصل الى حلول منطقية ترضي كل الاطراف ".
وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي دعا في بيان أول أمس الأثنين "جميع الأطراف إلى التهدئة، وخفض التصعيد، للبدء بمبادرة للحل على أسس وطنيّة، وعدم الانسياق نحو الاتهامات، ولغة التخوين، ونصب العداء والكراهية بين الإخوان في الوطن الواحد".
كما دعا "جميع الأطراف إلى الجلوس على طاولة حوار وطني؛ للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة الحالية، تحت سقف التآزر العراقي، وآليات الحوار الوطني".