فضائح كُبرى تتكشف يوما بعد يوم فى عقر دار دولاً طالما تحدثت عن حماية الحريات وحقوق الانسان، ورغم شعارات أكبر العواصم الأوروبية المعلنة فى هذا الشأن برزت خلال الآونة الأخيرة فضائح كشفت استخدام الحكومات لبرامج تجسس، استهدفت بها نشطاء وسياسيين وصحفيين ومؤسسات إعلامية.
تلك النتائج توصلت لها لجنة تحقيقات شكلها البرلمان الأوروبى بعد أن اكتشف وجود برنامج التجسس الاسرائيلي بيجاسوس على هواتف نوابه، وكانت المفاجئة اكتشاف أن أكثر من 12 دولة أوروبية تعاقدت مع شركة التجسس الإسرائيلية لاستخدام برنامجها المطور.
وقالت صحيفة هارتس الإسرائيلية، إنه في إطار التحقيقات بشأن استخدام برنامج التجسس بيجاسوس وبرمجيات التجسس المماثلة، سافر إلى إسرائيل أعضاء لجنة التحقيق التي تم تشكيلها في هذا الشأن، من طرف البرلمان الأوروبي، حيث فوجئوا بالعثور على عقود تجمع الشركة الاسرائيلية مع بلدانهم الأصلية، في السوق المزدهرة لبرمجيات التجسس في أوروبا، إذ يوجد المنافسون الرئيسيون لـ شركة NSO الاسرائلية.
وزار مؤخرا ممثلو اللجنة البرلمانية للتحقيق في استخدام برنامج التجسس بيجاسوس وبرامج التجسس المماثلة، إسرائيل، وعلموا من مستخدميNSO أن الشركة لديها عقود نشطة مع 12 من 27 عضوًا في الاتحاد الأوروبي.
وكشفت ردود الشركة الإسرائيلية على أسئلة لجنة التحقيق الأوروبية، أن الشركة تعمل الآن مع مؤسسات أمنية و هيئات إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي.
وسافر ممثلو اللجنة إلى إسرائيل في الأسابيع الأخيرة لتعميق تحقيقاتهم في صناعة حرب المعلوميات المحلية وتواصلوا مع مستخدميNSO ومسؤولي وزارة الدفاع وخبراء محليين في تل آبيب.
وأفادت تقارير بأن تحقيقا داخليا بالمفوضية الأوروبية وجد أن الهواتف الجوالة لبعض مسؤوليها استهدفت من خلال برنامج بيجاسوس الإسرائيلي، وقال مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي ديدييه ريندرز في رسالة موجهة إلى النائبة الهولندية صوفي انئيت فالد بتاريخ 25 يوليو، إن شركة آبل أبلغته في نوفمبر 2021 باختراق محتمل لهاتفه المحمول بواسطة برنامج بيجاسوس الإسرائيلي.
وكانت شركة NSO المنتجة للبرنامج التجسسي ومقرها إسرائيل مثار جدل العام الماضي بعد أن كشفت وسائل إعلام عن استهداف حكومات لمعارضين بهذا البرنامج القادر على تشغيل كاميرات وميكروفونات الهواتف المحمولة وسرقة بياناتها بدون علم أصحابها.
وقال ريندرز في رسالته إن تحقيقا داخليا أجري لم يتوصل إلى "إثبات نجاح بيجاسوس في اختراق الأجهزة سواء الشخصية أو المهنية" العائدة له أو لمسؤولين آخرين في الاتحاد الأوروبي".
بيد أن المسؤول الأوروبي أضاف أن "عمليات فحص عدة لأجهزة أدت إلى اكتشاف إشارات على حدوث اختراقات"، لافتا إلى أنه "من المستحيل أن تنسب هذه الإشارات إلى مرتكب معين بشكل مؤكد".
وبعد ذلك تم إنشاء لجنة التحقيق الأوربية، وتهدف اللجنة إلى التوصل إلى تقنين اوروبي لاقتناء واستيراد واستخدام برمجيات التجسس، مثل بيجاسوس. لكن أثناء تواجد أعضاء اللجنة في إسرائيل، وخاصة خلال عودتهم إلى بروكسل، تم الكشف عن وجود صناعة حرب معلوماتية متطورة في أوروبا، العديد من زبنائها أوروبيون.
وردًا على أسئلة المشرعين، أوضحت الشركة أنNSOتتعامل حاليًا مع 22 “مستخدما نهائيًا”، من مؤسسات الأمن والاستخبارات وإنفاذ القانون، في 12 دولة أوروبية.
وفي الأسبوع الماضي فقط ، تم الكشف على أن اليونان كانت تستخدم برنامجًا مشابهًا لبرنامج بيجاسوس ، يسمى بريداتور (Predator)، ضد صحفي استقصائي وزعيم الحزب الاشتراكي. وزعم رئيس الوزراء أن التنصت كان قانونيًا ويستند إلى أمر قضائي.
وتم تصنيعPredator بواسطة شركة سيتروكس (Cytrox) لتكنولوجيا المعلوميات، المسجلة في مقدونيا الشمالية وتعمل من اليونان. وينتميCytrox إلى مجموعة انتليكسا (Intellexa)، التي يملكها طال ديليان (Tal Dilian)، وهو عضو سابق رفيع المستوى في أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وفي هولندا أيضًا ، تم مؤخرا فتح نقاش عام بعد أن تم الكشف عن استخدام أجهزة المخابرات لبرنامج بيجاسوس للقبض على رضوان تاجي، أحد أباطرة المخدرات، الذي تم اعتقاله في دبي و وجهت إليه تهمة 10 جرائم قتل مروعة.
على الرغم من أن الاستخدام كان قانونيًا وتم تفعيله ضد عنصر إجرامي، إلا أنه كان مطلوبًا في هولندا معرفة سبب مشاركة الأجهزة السرية في تحقيق داخلي من قبل الشرطة الهولندية، وبعد التقرير كانت هناك طلبات لإجراء فحص ذاتي فيما يتعلق بكيفية استخدام هذا البرنامج للتجسس في هولندا.
وقالت المشرعة في الاتحاد الأوروبي، صوفي هيلينا إينت فيلد، وهي عضو في لجنة تحقيق بيجاسوس في تصريح لصحيفة هآرتس: “إذا كانت شركة تتوفر على 14 دولة عضوًا في الاتحاد الاوروبي فيمكنك تخيل حجم الصناعة ككل. يبدو أن هناك سوقا كبيرا لبرمجيات التجسس التجارية، وحكومات الاتحاد الأوروبي مشترون حريصون للغاية، لكنهم متكتمون بشأن هذا الموضوع تمسكا منهم في جعله بعيدًا عن أعين الناس.”
وقالت إينت فيلد، “نعلم أن برامج التجسس يتم تطويرها في العديد من دول الاتحاد الأوروبي. إيطاليا وألمانيا وفرنسا ليست أقلها”. وأضافت “حتى لو استخدموها لأغراض مشروعة، فليس لديهم الرغبة في مزيد من الشفافية والمراقبة والضمانات لمصالح الاستخبارات عالمها الخاص، حيث لا تنطبق القوانين العادية. لقد كان هذا الحال دائما ، ولكن في العصر الرقمي أصبحت هذه المصالح أكثر قوة، وغير مرئية تقريبًا ومراوغة تمامًا “.