تعتبر البنوك جزءاً لا يتجزأ من الحياة العملية للكثير من الأشخاص، ولا يمكن الاستغناء عنها تحت أي ظرف ولا بأي شكل من الأشكال، فهى تعتبر المصدر الوحيد والأساسي للمحافظة على الأموال والحصول على الأرباح، كذلك تعتبر أحد مصادر منح الائتمان الأساسية للكثير من الأفراد والمواطنين، وتظهر أهمية البنوك في أدائها الضخم مع كميات الودائع الكبيرة التي تتعامل معها، وبدون وساطة البنوك يتوجب على صاحب المال أن يجد المستثمر المطلوب، كذلك يتعين على المستثمر أن يجد المموّل المناسب له بالشروط والمدة الزمنية المناسبة، بينما البنك يوفر على العملاء جميع عمليات البحث ويوفر له العديد من المخاطر، لأن البنك يضمن حق عملائه.
وتعتبر البنوك أحد أشكال الابتعاد عن المخاطرة المالية والتقليل منها، وذلك لأن البنك يتعامل مع أكثر من مشروع ومع أكثر من عميل وبالتالي تتنوع مصادر التمويل وتتنوع الاستثمارات، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل المخاطرة، ويتيح البنك الفرصة لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة للدخول في الاستثمارات طويلة الأجل، والاستفادة من الأرباح الناتجة عن هذه الاستثمارات، وحفظ النقود من مخاطر السرقة التي من الممكن أن تتعرض لها المنازل، كذلك في حال تعرض البنك للسرقة فهو ملزم بإعادة الأموال لأصحابها.
كيف نظم القانون مدد الإيداع والسحب بالبنوك؟
في التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على عدد من النصائح والإرشادات القانونية المتعلقة بالمودعين مبالغ فى البنوك والبريد لهم ولأولادهم الصغار، وذلك من خلال الإجابة على السؤال.. ما هى مدة سقوط أو تقادم الحق فى المطالبة بالنقود والفوائد حال الاستمرار في عمليتي السحب أو الإيداع؟ وهل تصدت محكمة النقض المصرية لمثل هذه الأمور؟، في الوقت الذى يعتبر فيه الهدف الأساسي لجميع البنوك هو تعظيم رأس المال الأساسي للبنك، كذلك تسعى البنوك إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح وتوسيع الفرع الأساسي وزيادة عدد الأفرع من هذه البنوك، فالهدف من العمل في عالم البنوك هو ربحي بحت - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم.
المشرع وضع مدة تقادم المطالبة بالنقود والفوائد
فى البداية – يجب أن نعلم أنه فى حالة مرور 15 سنة بدون سحب أو إيداع سيتم سحب رصيدك وغلق حسابك وسقوط حقك فى المطالبة بالنقود وفوائدهم بالتقادم، وهنا يسقط حق المودع فى المطالبة برد المبلغ المودع لحسابه – على فرض عدم قيامه بسحبه – بالتقادم الطويل إعمالاَ للمادة 374 من القانون المدنى لمضى أكثر من 15 سنة من تاريخ الإيداع وحتى تاريخ التقدم بطلب الصرف ودون أن يصدر منه إبان تلك الفترة أى إجراء أو مطالبة قاطعة لذلك التقادم كما لم يرد بدفتر الحساب أى حركة إيداع أو سحب خلالها، كما أن المبلغ المطالب به بسقوطه بالتقادم تؤول ملكيته إلى خزينة الدولة وفقا لأحكام قانون الضرائب على الدخل الذى يلزم البنك فى هذه الحالة بموافاة مصلحة الضرائب ببيانات جميع الأموال والقيم التى لحقها التقادم سنوياَ – وفقا لـ"قاسم".
مبدأ سريان التقادم لا يجوز أن يترك لمحض إرادة الدائن
والأصل فى الالتزام مدنياَ كان أو تجارياَ أن يتقادم بانقضاء 15 سنة وفقاَ لنص المادة 374 من القانون المدنى وأن مبدأ سريان التقادم لا يجوز أن يترك لمحض إرادة الدائن وحده يتحكم فى تحديده كيفما شاء وإلا أمكن أن يكون الدين غير قابل للتقادم مطلقاَ وهو أمر غير جائز قانوناَ ومن المقرر أن علاقة البنك بالعميل الذى يقوم بإيداع مبالغ فى حسابه لديه هى علاقة وديعة ناقصة تعتبر بمقتضى المادة 726 من القانون المدنى قرضاَ، وبالتالى ينطبق بشأنها القواعد ذاتها التى تحكم عقد القرض ومنها ما يتعلق بالتقادم ومدته وانقطاعه وباعتبار الوديعة فى هذه الحالة حق شخص يسرى فى شأنه التقادم المسقط والتى تبدأ مدته من وقت استحقاق الدين أى من وقت حلول آجله هذا إذا كانت الوديعة لأجل أما إذا كانت مستحقة الرد لدى طلب الدائن فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 381 من القانون المدنى أنه: "وإذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفاَ على إرادة الدائن سرى التقادم من الوقت الذى يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته – الكلام لـ"قاسم".
ما مفاده – وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني أنه إذا كان الأجل متوقفاَ على إرادة الدائن يبدأ سريان التقادم من اليوم الذي يتمكن فيه الدائن من الإفصاح عن هذه الإرادة أى من يوم إنشاء الالتزام ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى استطاعته أن يطلب المدين إلا فى تاريخ لاحق، ولما كان المودع يملك المطالبة بالوفاء وقت إنشاء الالتزام ذاته فإن مدة التقادم فى هذه الحالة تسرى من تاريخ الإيداع، ولما كان نص المادة 177 من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 يلزم الشركات والبنوك والمنشأت والهيئات وغيرها من الجهات المنصوص عليها فى هذه المادة بأن توافى مصلحة الضرائب فى ميعاد لا يجاوز آخر مارس من كل سنة ببيان عن جميع الأموال والقيم التى لحقها التقادم خلال السنة السابقة، وآلت ملكيتها إلى الحكومة طبقا للمادة المذكورة وعليها أن تورد المبلغ والقيم المذكورة الخزانة"، والتقادم فى هذا النص هو تقادم من نوعه خاص ذلك أنه وإن أسقط حق الدائن فى المطالبة بدينه إلا أنه لم يشرع لمصلحة المدين بل يبقيه ملزماَ أمام الحكومات بالالتزامات المشار إليها بموجبه.
محكمة النقض تتصدى للأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم 14197 لسنة 77 القضائية – بشأن سقوط الحق فى المطالبة بقيمة الوديعة وفوائدها بالتقادم لمرور 15سنة من تاريخ الإيداع ولم تتخذ ثمة إجراء سحب أو إيداع حيث قالت فى حيثيات الحكم أنه - لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى، ومما لا مراء فيه من جانب المطعون ضده الأول أن هذا الأخير قد أودع مبلغ الوديعة محل التداعى لدى البنك الطاعن وثم إصدار دفتر توفير باسمه تحت رقم 506/14 وكان ذلك بتاريخ 27 يونيو 1979 ولم يتخذ ثمة إجراءات أو مطالبة من ذلك التاريخ وحتى تقدمه بطلبه إلى البنك الطاعن بتاريخ 29 مايو 2002 لصرف مستحقاته ثم بشكواه إلى البنك المركزى بتاريخ 19 سبتمبر 2002 يتضرر فيها من عدم إجابة طلبه وهى مدة استطالت أكثر من 20 سنة لم يقدم دليلاَ خلالها بل لم يدع أنه لم يكن فى استطاعته المطالبة بقيمة تلك الوديعة فى تاريخ لاحق لنشوء هذا الالتزام.
وقد أورد تقرير الخبير خلو بيانات دفتر الإيداع من أية حركات تقيد سداد أو إيداع أو سحب بعد ذلك التاريخ وهو ما تكون معه أقصى مدة للتقادم وهى مدة التقادم الطويل 15 سنة قد انقضت دون وقف أو انقطاع وبما يكون معه المطعون ضده الأول قد أسقط حقه فى المطالبة برد مبلغ التداعي بمضي هذه المدة، وإذ خالف المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه برفض الدفع المبدئى من البنك بسقوط حقه فى المطالبة على ما ذهب إليه من جعل تاريخ حساب بداية التقادم من الوقت الذى يبدى فيه العميل رغبته فى قفل الحساب وطلب استرداد الوديعة، فإنه يكون قد أطلق العنان لمحض إرادة الدائن وحده بما يجعل دينه بهذه المثابة غير قابل للتقادم ومدة المطالبة به أبدية مخالفاَ بذلك حكم القانون – ومن ناحية أخرى فإن المقرر أنه إذا أدمجت الفوائد فى رأس المال أصبحت هى ورأس المال كلا غير منقسم وتخضع بذلك بدورها للتقادم الطويل الذى مدته 15 سنة وفقا للقاعدة العامة للتقادم الواردة فى نص المادة 374 من القانون المدنى.