من الخطأ الشديد الذي يقع فيه البعضُ اختياره اسماً قبيحاً لابنه أو بنته، يحمل معنى سيئاً يتأذى منه في صغره وكبره، إما لغرابته، أو لما يَحويه من معانٍ تدل على عدم الخير، أو الغلظة، أو غير ذلك من المعاني المكروهة للنُّفوس، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسمية المولود باسم حسن، لأن الاسم الحسن يترك انطباعاً حسناً لصاحبه وللسامعين، كما نهى صلى الله عليه وسلم عن تسميته باسم قبيح أو اسم غير جائز شرعا.
وحقوق الأولاد على الآباء كثيرة، فمنها الحقوق المادية الحسية كالرضاعة والإنفاق، والولاية، ومنها الحقوق المعنوية الأدبية، كاختيار الأم الشريفة الصالحة، وحفظ النسب، واختيار الاسم وغيرها، ومن الحقوق المعنوية الأدبية للأولاد على الآباء حق اختيار الاسم الحسن، فيجب على الآباء أن يتخيروا لأبنائهم الأسماء الحسنة عندما يولَدون، وأن يتجنبوا تسمية الطفل باسم قبيح يَسُوءه في كبره، حيث إنه مما لا شك فيه أن لاسم الإنسان أثرا على نفسيته إما بالإيجاب وإما بالسلب، تبعًا لحسن الاسم أو قبحه.
النائب هشام الجاهل
"الجاهل" يثير جدلا بسبب مشروع قانون يمنع بعض الأسماء
وفى هذا الإطار - تقدم النائب هشام الجاهل عضو مجلس النواب بمشروع قانون جديد إلى البرلمان لتعديل بعض أحكام قانون الأحوال المدنية، حيث طلب مشروع القانون تغليط العقوبة حول قضية الأسماء المركبة، للحد من انتشار الأسماء المركبة والدخيلة على المجتمع المصري بين المواليد الجدد، بزعم أنها "غير لائقة"، لتصل إلى حبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ووضح الجاهل في تصريحات صحفية، أنه يجب مراعاة تجنب تسمية عدد من الأسماء المحرمة دينيًا عند اختيار أسماء أبنائنا.
وبحسب "الجاهل": ضمن هذه الأسماء الخاصة بالله سبحانه وتعالى كالخالق والقدوس، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى كملك الملوك كما تُحرم الأسماء التي لا تليق إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يجب التسمية بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله ويحرم التسمية بأسماء الشياطين، مثل إبليس، خنزب، كذلك عدد من أسماء البنات مثل: "راما، لارا، مايا، ريناد، لمار، ريماس، يارا، وجد، وتين، هنوف"، وأوضح عضو مجلس النواب أن فلسفة المشروع الجديد، تأتي بهدف تغليظ هذه العقوبة لتصل للحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، لافتا إلى أن تغليظ العقوبات يحسم قضية الأسماء المركبة واختيار أسماء دخيلة على المجتمع المصري بين المواليد الجدد.
هناك تحريما للتسمية بكل اسم خاص بالله سبحانه وتعالى
وقال عضو مجلس النواب، إن "القواعد الشرعية في التسمية وضعت العديد من الضوابط بشأن التسمية، حيث اشترطت تسمية المولود باسمٍ حسنٍ، ويستوي في ذلك الذكر والأنثى، فكما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يغير أسماء الذكور من القبيح إلى الحسن، فإنه كذلك كان يغير أسماء الإناث من القبيح إلى الحسن؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن ابنةً لعمر رضي الله تعالى عنه كان يقال لها "عاصية"، فسماها النبي صلى الله عليه وآله وسلم "جميلة"، رواه الشيخان".
واستكمل عضو البرلمان: "كما أن هناك تحريما للتسمية بكل اسم خاص بالله سبحانه وتعالى؛ كالخالق والقدوس، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى؛ كملك الملوك وسلطان السلاطين وحاكم الحكام، وأما التسمية بالأسماء المشتركة التي تطلق عليه سبحانه وتعالى وعلى غيره فيجوز التسمِّي بها؛ كعليٍّ ورشيد وبديع، ونحو ذلك، وتحرم التسمية بكل اسم معبد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى، إذا كان على جهة العبادة أو التعظيم من دون الله، وأما التسمية بعبد النبي وعبد الرسول فجائزةٌ شرعًا؛ وهذا رأى دار الإفتاء.
ما هى ضوابط تسمية الطفل؟
وفى هذا الإطار – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى – إن هناك حزمة من الضوابط والمعايير لتسمية الأطفال كالتالى:
1- أن يكون الاسم حسنا بحيث لا يستقبحه الناس ولا يستنكره الطفل بعد أن يكبر ويعقل
2- ألا يكون في الاسم قبحا أو تزكية للنفس، أو تلك التي يُتطيَّر بنفيها.
3- ألا يوحي الاسم بالكِبْر والعَظَمة، وعلو الإنسان بغير الحق.
4- ألا يكون في التسمية إشارة إلى الشرك، مثل كل اسم مُعبَّد مضاف إلى غير الله سبحانه وتعالى، كعبد العزى، وعبد الكعبة، وعبد الدار، أو عبد فلان… إلخ.
5- ألا تشتمل التسمية على ما نهى الشرع عن التَّسمِّي به؛ كالتسمية بكل اسم خاص بالله سبحانه وتعالى، كالخالق والقدوس، أو بما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى، كملك الملوك وسلطان السلاطين وحاكم الحكام.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى
في حالة تطبيق القانون هل سيتم تنفيذه بأثر رجعي؟
وبحسب "الجعفرى": في تصريح لـ"برلماني": القواعد القانونية لا تستقر في حال واحد بل يطرأ عليها بعض التغيرات بتغير الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ويتدخل المشرع لتعديل القانون في ظل ما يتماشى معه من أحداث بحيث تصبح القواعد الجديدة تلائم الوضع الجديد، ولا يطبق القانون بأثر رجعي والأصل في تطبيق القوانين هو إن القانون يكون دائما واجب التطبيق بعد نشره بالجريدة الرسمية طبقا للدستور والقانون أو من التاريخ الذي يحدده نفس القانون لسريان إحكامه، وهناك مبدأ عدم رجعية القوانين.
ووفقا لـ"الجعفرى": المادة 225 من الدستور تنص على: "تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال 15 يوما من تاريخ إصدارها ويعمل بها بعد 30 يوما من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعادا آخر ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها.."، فأشترط المشرع نشر القوانين والقرارات فى الجريدة الرسمية أو ملحقها الوقائع المصرية لضمان علانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، ويعبر الفقه عن هذا المعنى بالقول بأن القانون ليس له أثر رجعي.
ماذا لو كان هناك تعارض بين نصوص جديدة تقرر أحكاما خاصة ونصوص قديمة تقرر أحكاما عامة؟ وما رأي محكمة النقض؟
قد يحدث تعارض بين نصوص جديدة تقرر أحكاما خاصة ونصوص قديمة تقرر أحكاما عامة، وفي هذه الحالة فان نصوص الجديدة لا تلفي النصوص القديمة كلية وإنما تلغي فقط ما يتعارض معها في الحكم، ومن المستقر عليه بقضاء محكمة النقض أن من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم تنص على خلاف ذلك مما مؤداه عدم انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذى كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين – الكلام لـ"الجعفرى".
الظالمون لأولادهم
من ناحية أخرى – تقول الدكتورة إيمان البطران، خبيرة علم النفس، إن الآباء والأمهات الذين لا يحسنون تسمية أولادهم، هم في الحقيقة يرتكبون جرماً كبيراً في حقهم ويفرطون في حق من أهم حقوق الصغار، فمن أبرز الحقوق التي كفلها الإسلام للطفل حقه في اختيار اسم حسن، فهو في طفولته لا يملك من أمر نفسه أو اسمه شيئاً، وإنما يختار الأبوان له اسمه، ولذا كان حقا له أن يختار أبواه له اسما حسناً لا اسماً سيئاً أو مكروها، يتحرج منه بعد ذلك عندما يكبر، فمما لا شك فيه أن لاختيار الاسم أثراً نفسياً يعود على الطفل بعد ذلك، ومن أجل هذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد أحدا يحمل اسما كريها أو قبيحا غيره في الحال، فقد نقلت لنا السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغير الاسم القبيح.
وتضيف "البطران" في تصريحات خاصة، أن الإسلام والأعراف يلزمان الآباء باختيار الأسماء الحسنة لأبنائهم وقد جاء في الحديث الصحيح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تدعون يوم القيام بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسّنوا أسماءكم، وفي حديث آخر يقول: من حق الولد على الوالد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه، وجاء في توجيه نبوي ثالث قوله عليه الصلاة والسلام: من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه، فإذا بلغ فيزوجه، فإن بلغ ولم يزوجه فأصاب إثما فإثمه على أبيه، وهناك آثار كثيرة وشواهد متعددة ورد الحديث عنها في كتب السنة تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب الاسم الحسن، فكان يأمر إذا بعثوا إليه رسولا أن يكون حسن الاسم، حسن الوجه، وحدث أنه غير أسماء عدة، ونهى عن بعض أسماء لمعانٍ وأسباب متعددة.