أصبحنا نعيش في مرحلة تتطور فيها بعض الأخطاء والخلافات التي تقع بين الناس إلى معارك ضارية يتبادل أطرافها الألفاظ النابية "الشتيمة"، ولا تقتصر عمليات السب والقذف والشتم على الكلمات الصريحة التي يعلمها كل من يسير في الطرقات، بل هناك من يتفنن في التعبير عنها بالاشارات والايماءات، كما هو الحال مع سائقى السيارات الذين يسارعون إلى أصوات "الكلاكس" كبديلا لعملية "الشتم" بالألفاظ فتتحول لمجرد "كلاكس"، ما يجعل متلقيها يفهمها جيدا وفقا للموقف الذي يتعرض له.
من منا لم يجلس بجوار سائق ميكروباص أو بجوار صديقه في سيارته ثم يكتشف أن هناك عملية "شتم" بـ"الكلاكس" تتم بينه وبين سائق سيارة أخرى مر بجواره وتسبب في إحداث خطأ كاد أن يجعله يرتكب حادثة على الطريق، كما يرجع السبب في استخدام الكلاكس كوسيلة لـ"الشيتمة"، يأتي من المواقف المستفزة التي يتعرض لها العديد من الأشخاص من السائقين المجاورين له، ويقوم الشخص بشتيمة بعض المارة بالكلاكس، خصوصا غير المراعيين للطريق ويسيرون ببطء أمام السيارات.
أحذر.. الشتيمة بـ"كلكس العربية" تعرضك للحبس
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بـ"الشتيمة بكلاكس العربية" هل تعرض مرتكبها للعقوبة خاصة وأن "الشتيمة" بـ"الكلاكس" عادة تكون على نفس وزن وموسيقى "الشتيمة" التي تقال باللسان، وأغلب سائقى الميكروباصات والتاكسي والنقل العام يكونوا على دراية تامة بهذه الألفاظ التي تقال بـ"الكلاكس"، لدرجة أن هناك من يرى بأن: "كل ضربة كلاكس مقصود بها شتيمة"، فهناك من يقوم بتلحين "شتيمة الكلاكس" على سبيل التباهي، وعادة ما تكون "شتيمة الكلاكس" بـ"الأم" - بحسب الدكتور إسلام خضير، أستاذ القانون التجاري والمحامى بالنقض.
في البداية - المادة 302 من قانون العقوبات تنص على أنه: "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت قاذفة لأوجبت عقاب من أسندت اليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو اوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، كما نصت المادة 306 على تعريف جريمة السب والعقوبة المقرر له، "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه" – وفقا لـ"خضير".
المشرع اعتبر السب والقذف يقع بالقول والفعل والإشارة والإيماء
كما نصت المادة 308 من قانون العقوبات على أنه: "إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب طعناً فى عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معاً، على ألا تقل الغرامة فى حالة النشر فى إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور، ونصت المادة 171: "كل من حرض واحداً أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علناً أو بفعل أو إيماء صدر منه علناً أو بكتابة أو رسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكاً في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا التحريض وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل" – الكلام لـ"خضير".
أما إذا ترتب على التحريض مجرد الشروع في الجريمة، فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب على الشروع، ويعتبر القول أو الصياح علنياً إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى، ويكون الفعل أو الإيماء علنياً إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في أي مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان – هكذا يقول أستاذ القانون التجارى.
والعقوبة تصل للحبس سنتين والغرامة
وتعتبر الكتابة والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان، ومن جماع ما تقدم فإنى أرى أن النص يتسع ليشمل هذه الصورة الجديدة من السب التى تصدر من سائقى السيارات لغيرهم باستخدام آلات التنبيه بالإضافة الى كونها مخالفة مرورية.
أركان الجريمة.. القذف أولا:
وحتى لا يخلط البعض بين جريمتى السب والقذف فكل منهما جريمة على حده، حيث يتحدد القذف كفعل إسناد وينصب هذا الفعل على واقعة يشترط فيها شرطان أن تكون محددة، وأن يكون من شأنها عقاب من أسندت إليه أو احتقاره ويتعين أن يكون هذا الإسناد علنيا وهذه العناصر يقوم بها الركن المادى للقذف ويتطلب القذف بالإضافة لذلك ركنا معنويا يتخذ صورة القصد الجنائى، ومعنى ذلك أن للقذف ركنين مادى وركن معنوى.
الركن المادى والمعنوي
قوامه 3 عناصر "نشاط إجرامى" هو فعل الإسناد وموضوع لهذا النشاط هو الواقعة المحددة التى من شأنها عقاب من اسندت إليه أو احتقاره وصفة لهذا النشاط هو كونه علنيا، أما الركن المعنوى فيأتي القذف فى جميع حالاته جريمة عمدية ولذلك يتخذ ركنه المعنوى صورة القصد الجنائى، وقد استقر القضاء على اعتبار القصد المتطلب فى القصد قصدا عاما فإذا كان القذف متطلبا القصد فى جميع صوره، فمؤدى ذلك أن الخطأ غير العمدى فى اجسم صوره لا يكفى لقيامه، ولقد قيل أن عناصر القصد لابد أن تنصرف إلى جميع أركان الجريمة.
فيتعين أن يعلم المتهم بدلالة الواقعة التى يسندها إلى المجنى عليه ويتعين أن يعلم بعلانية الاسناد ويتعين أن تتوافر لديه إرادة الاسناد وإرادة العلانية ولما كان القصد عاما فليس من عناصره نية الاضرار بالمجنى عليه أو علمه بكذب الواقعة المسندة إلى المجنى عليه، الظروف المشددة فى عقوبة القذف: منها ظرفان يرجعان إلى صفة المجنى عليه كالقذف فى حق الموظف العام أو من فى حكمه، القذف ضد عمال النقل العام، وهناك ظرف متعلق بوسيلة القذف وهى ارتكاب الجريمة بطريق النشر والظرف الأخير متعلق بنوع وقائع القذف إذا تضمن الطعن فى عرض الافراد أو خدشا لسمعة العائلات.
السب ثانيا:
نصت المادة 306 من قانون العقوبات على أن السب لا يشتمل على اسناد واقعة معينة بل تتضمن بأى وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 من ذات القانون.. فالسب هو خدش شرف شخص واعتباره عمدا دون أن يتضمن ذلك اسناد واقعة معينة إليه اركان السب العلنى.
أركان الجريمة
يقوم السب العلنى على ركنين مادى هو خدش الشرف والاعتبار بأى وجه من الوجوه دون أن يشتمل ذلك على اسناد واقعة معينه وركن معنوى يتخذ دائما صورة القصد الجنائى، وبالنسبة للركن المادى يقوم على عنصرين نشاط من شأنه خدش الشرف أو الاعتبار بأى وجه من الوجوه وصفة هذا النشاط الذى يتعين أن يكون علنيا وثمة عنصر سلبى فى هذا الركن يميز بينه وبين الركن المادى للقذف هو إلا يتضمن نشاط المتهم إسناد واقعة مجددة إلى المجنى عليه، أما الركن المعنوى يتمثل في أن السب فى جميع حالاته جريمة عمدية ومن ثم يتخذ ركنه المعنوى صورة القصد الجنائى والقصد فى السب قصد عام عنصراه العلم والإرادة وليس من عناصره توافر باعث معين أو نية متجهه إلى غاية ليست فى ذاتها من عناصر الركن المادى فى السب.
العقوبة المقررة لجريمتى السب والقذف
نصت المادة 302 من قانون العقوبات أن يعاقب على القذف بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين، وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهًا، ولا تزيد على مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
أما إذا كان التعرض للسب أو القذف أو المضايقة، باستعمال أجهزة الاتصالات سواء كان ذلك بواسطة التليفون أو جهاز الحاسب الآلي أو البريد الالكتروني، أو الرسائل الإلكترونية أو الإنترنت أو غيرها من وسائل الاتصالات الأخرى، فإن ذلك يشكل الجريمة المنصوص عليها في المواد 166 مكرر و306 و308 مكرر من قانون العقوبات والمواد 70 و76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، حيث أن هذه الجرائم يعاقب مرتكبها بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز 20 ألف جنيه، كما أن هناك 3 شروط لإثبات جريمة السب تصل عقوبتها للحبس 3 سنوات، والغرامة 200 ألف جنيه، والسجن 5 سنوات في حالات التشهير من أجل منفعة مادية أو جنسية.