"الأموال أو النقود" أو ما يسمى بـ"الأوراق النقدية" تُعد أداة أساسية للتعاملات بين الناس والجمهور، وبخاصة في العمليات التجارية، إلا أن معظم التجار والمتعاملين لا يحتفظون– غالباً – في خزائنهم بالنقود السائلة بدون استثمار، ولذلك فإنهم يحتاجون دائماً إلى "الائتمان"، ويكون ذلك في شكل منح المدين أو المشتري فترة زمنية يسدد بعدها القيمة المطلوبة - وهذا هو الائتمان - ولذلك نشأت الحاجة إلى مستندات تنظم هذه الأعمال التجارية، سميت بالأوراق التجارية؛ وهي مختلفة عن الأوراق المالية مثل النقود والأسهم والسندات وأذون الخزينة.
وهناك الكثير من الأمور القانونية المرتبطة بالحقوق المادية يجهلها الناس ما يعرضهم لمعاناة بدنية وأعباء مادية وأحيانا لعمليات نصب، بسبب عدم التمييز بين إيصال الأمانة والشيك البنكي خاصة لدى صغار المستثمرين أو التجار، فيجب التميز بين المزايا والعيوب لكلا من "إيصال الأمانة - الشيك البنكى"، فهناك العديد من أوجه الشبه بين هذين السندين القانونيين لإثبات الحقوق المالية لحاملها، إلا أن هناك عدة عيوب بكل منهما يجب التعرف عليهم لتلاشيهما.
إحذر من ضياع حقك في قضايا ايصالات الأمانة والشيكات؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على غشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالفرق الجوهرى بين البراءة الشكلية والموضوعية فى جنح الإيصالات والشيكات حيث يختلط الأمر فى كثير من الأحيان بين القانونيون عن إشكالية الفرق بين البراءة الشكلية والموضوعية فى جنح إيصالات الأمانة والشيكات، الأمر الذى بدوره يؤدى إلى ضياع حقوق الموكلين، فضلا عن كيفية تصدى قانون الإجراءات الجنائية وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض المصرية فى أحكامها لهذه الأزمة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض إسماعيل بركة.
في البداية - هناك خطأ فادح يتمثل فى المطالبة الجنائية فى جنح الشيكات وإيصالات الأمانة يجب الانتباه إليه من خلال رفع جنحة مباشرة على خصمه بإيصال أمانة أو شيك، ثم يقوم فى الوقت ذاته بعمل محضر بصورة هذا الشيك أو ذاك الإيصال، بل يقوم بعمل أكثر من محضر بالصور، ظاناَ منه أنه سوف يؤدى ذلك إلى كثرة الأحكام على خصمه، ما يؤدى إلى اقتضائه لحقه بسرعة، وهو غافل تماماَ عن حقيقة إجرائية، وهى أنه يمكن لخصمه أن يتريث حتى يحكم عليه غيابياَ فى الجنحة المقامة عليه بطريق الادعاء المباشر، والتى بها بالطبع أصل الشيك أو إيصال الأمانة – وفقا لـ"بركة".
المشرع فرق بين البراءة الشكلية والموضوعية
وفى تلك الأثناء - يقوم الخصم بالحضور فى المحضر أو المحاضر التى عملت بالصور، أو يقوم بإجراء معارضة إذا حكم فيها، ويطلب من المدعى بالحق المدنى فيها تقديم أصل الشيك أو الإيصال، والذى لن يستطيع المدعى بالحق المدنى الحصول عليه، لأن الدعوى تكون محكوم فيها بحكم غيابى وقابعة فى المحكمة دون حراك، وبالتالى يحصل المتهم فى المحضر أو المحاضر على البراءة، ثم يهرع إلى الجنحة المباشرة، ليحرك ساكنها، ويقيم معارضة فيها، ليدفع فيها بعدم جواز نظر الدعوى، لسابقة الفصل فيها، أى براءة مرة أخرى – الكلام لـ"بركة".
وبالتالى يخسر المدعى المدنى الطريق الجنائى إلى الأبد فى المطالبة السريعة بحقه المدون فى الشيك أو فى الإيصال، ولا يكون أمامه إلا المطالبة المدنية التى لها ما فيها من المماطلة والإجراءات الطويلة فى التنفيذ، وذلك دون الخوض فيما يفرق البعض فيه بين البراءة الشكلية لعدم تقديم مستندات الدعوى الجنائية والبراءة الموضوعية، فالبراءة فى الحالتين واحدة لا تبيح مطلقا إعادة فتح ملف الدعوى الجنائية التى تكون قد انقضت صبيحة صدور حكم البراءة.
رأى محكمة النقض في الأزمة
فى ضوء قانون الإجراءات الجنائية وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض المصرية فى أحكامها، فقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الأزمة خلال الطعن رقم 17633 لسنة 60 قضائية، حيث ذكرت في حيثيات الحكم: لما كان من المقرر بنص المادتين "454 ـ 455" من قانون الإجراءات الجنائية أو قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي سواء أمام المحكمة الجنائية أم أمام المحاكم المدنية، لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتـة، وأن الحكم متى صار كذلك أصبح عنواناً للحقيقة بل أقوي من الحقيقة ذاتها، فلا يصح النيل منه، ولا مناقشة المراكز القانونية التي استقر به، ويضحي الحكم بذلك حجة على الكافة، حجية متعلقة النظام العام، بما يوجب على المحاكم أعمال مقتضى هذه الحجية، ولو من تلقاء نفسها.
وتضيف "المحكمة": ومن ثم كان محظورا محاكمة الشخص عن ذات الفعل مرتين، لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي أسندت إلى المتهم "المطعون ضده" وحكم من أجلها من محكمة جنح العجوزة بالبراءة في الدعوى رقم "...." لسنة 1986 جنح العجوزة، هي ذات الواقعة التي يحاكم عنها المطعون ضده في الدعوى الماثلة، ـكما سلف البيان وهو ما يسلم به الطاعن، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر ذلك وتوافر شروط صحة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى، لسابقة الفصل فيها بأسباب سائغـة وبأدلة له يتنازع الطاعن بأن لها أصلها الثابت في الأوراق، فإن ما ننتهي إليه من إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، يكون قضاء سليماً لا يخالف القانون، ولا يقدح في ذلك، ما أنبني عليه الطعن من أن الحكم الصادر في الدعوى رقم "..." لسنة 1986 جنح العجوزة سند الدفع هو سند الدفع هو حكم شكلي لم يفصل في موضوع الدعوى.
النقض تؤكد: محظورا محاكمة الشخص عن ذات الفعل مرتين
وتابعت "المحكمة": ولا يكون من شأنه انقضاء الدعوى الجنائية، ذلك أن هذا الحكم أخذا بما ساق الطاعن بأسباب طعنه مبني على انتفاء الدليل على ارتكاب المتهم "المطعون ضده" لجريمة أعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، ومن ثم فإنه يكون قد تجاوز شكل الدعوى، وتعرض لموضوعها من حيث مدى ثبوت الاتهام المسند إلى المتهم فيها وصحة نسبته إليه، وفصل في ذلك بحكم قطعي بالبراءة لا يماري الطاعن في أنه لم يبادر إلى اتخاذ إجراءات الطعن عليه بالطرق المقرر في القانون، وإذا لم يفعل فقد أصبح هذا القضاء باتا حائزاً قوة الأمر المقضي بما لا يجوز معاودة التصدي لذات الواقعة بين ذات الطرفين مرة أخرى لوحدة الأشخاص والسبب والموضوع، الأمر الذي يكون معه قد أفصح عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادر الكفالة.