تعيش طهران على وقع فضيحة كبرى كشف عنها البرلمان الإيرانى بعد إجراؤه تحقيق خاص حول شركة "فولاد مباركة" فى أصفهان والتى تعتبر من أكبر شركات الحديد والصلب فى البلاد، والذى كشف عن فساد ورشاوى وإهدار للأموال، ولكن الأمر الذى أثار ضجة كبيرة هو تورط شخصيات سياسية رفيعة المستوى ومسئولين بالحرس الثورى الإيرانى وجهاز الاستخبارات فى تلك الجرائم.
ونشرت الصحف الإيرانية المحلية تقريرا أعده البرلمان عن تحقيقاته الخاصة بشركة "فولاد مباركة" فى أصفهان، بين عامى 2017 و2021، وأعلن عن مخالفات بقيمة 92 ألف مليار تومان، تشمل: إهدار الأموال، وتقديم "الهدايا" لمؤسسات حكومية، ووزارة الاستخبارات، والحرس الثورى، وشخصيات سياسية.
ويشمل جزء من هذا التقرير أيضًا التواطؤ فى تسليم العقود إلى مسؤولى حكومة حسن روحانى، الرئيس الإيرانى السابق، والشخصيات السياسية أو أقاربهم، بما فى ذلك مدير مكتب روحانى.
وبحسب لجنة التحقيق البرلمانية، كانت الشركة تدار من مكتب الرئيس السابق بدلا من المساهمين الحقيقيين، وتمت الأنشطة بالنقد الأجنبى للشركة من قبل أشخاص معينين، على صلة بالرئيس التنفيذى ونائب الرئيس المالى السابق، دون خضوعهم للإشراف ودون حصولهم على ترخيص، مما جعل مصير مئات الملايين من اليورو غير واضح".
وكان البرلمان الإيرانى أعلن منذ أكثر من أسبوع، أن تقرير تحقيق "فولاد مباركة" سيُحال إلى القضاء، لكن رئيس القضاء، غلامحسين محسنى إيجه إى، قال الاثنين الماضى إن هذا التقرير لم يرسل إلى القضاء.
وضمن ما كشف عنه التقرير البرلمانى، وفقا لموقع إيران انترناشونال، وجدت لجنة التحقيق بالبرلمان عقدا غامضا للغاية لإنشاء خط "الصهر الساخن 2" بتكلفة أكبر من السعر الفعلى بنحو 200 مليون يورو، فى حين أن الشركة الصينية المختارة كانت تنقصها الخبرة فى هذا المجال.
فى غضون ذلك، أعلن الرئيس التنفيذى لبورصة طهران، محمود غودرزى، تعليق تداول أسهم فولاد مباركة بعد الكشف عن هذه المخالفات المالية.
واتهم التقرير إسحاق جهانغيرى، النائب الأول للرئيس الإيرانى السابق، إضافة محمد نهاونديان ومحمود واعظى، مدير مكتب روحانى، بالتأثير على الشركة وتغيير مسؤوليها، وقدم التقرير قوائم مفصلة من عمليات دفع شركة "فولاد مباركة" إلى مؤسسات مثل الحرس الثورى، ووزارة الاستخبارات، والشرطة ومكاتب ممثلى المرشد فى محافظة أصفهان.
كما اعلنت لجنة التحقيق فى البرلمان الإيرانى أن هذه الشركة دفعت مليارا و500 مليون تومان لشرطة محافظة أصفهان وأكثر من 6 مليارات و335 مليون تومان للحرس الثورى فى هذه المحافظة، وأهدت الشركة سيارة أجنبية "إلنترا" وسيارتين "توسان" إلى دائرة الاستخبارات بمحافظة أصفهان.
وأضاف التقرير أيضا أن الشركة سلمت بطاقات بقيمة 500 مليون تومان إلى مدير الأمن فى الشركة، ولم يتضح أين تم إنفاق المبلغ، ووضعت الشركة أكثر من مليار و441 مليون تومان فى حسابات مكاتب ممثلى المرشد الإيرانى وخطباء الجمعة و950 مليون تومان لحساب الحوزة العلمية "غدير" وهى أيضا مؤسسة دولية.
وأفاد تقرير البرلمان الإيرانى أن شركة "فولاد مباركة" أبرمت عقوداً مع أفراد تابعين لأصحاب النفوذ السياسى والاجتماعى، من بينهم زوجة محمود واعظى، مدير مكتب روحانى، وعباس آخوندى، وزير الطرق وبناء المدن السابق، وقدرت الله نوروزى، عمدة أصفهان السابق.
وبعد انتشار تقرير البرلمان الإيرانى الذى يوثق فساد ومخالفات شركة "فولاد مباركة" للصلب، قال إبراهيم رئيسى الرئيس الإيرانى: "إن البعض يحاول تعميم الفساد الذى يحدث هنا وهناك على جميع مفاصل النظام"، مضيفا: "لكن نظام الجمهورية الإسلامية نظام طاهر ويكافح الفساد بكل قوة".
وعلقت العلاقات العامة للبرلمان الإيرانى على نشر تقرير التحقيق الخاص بشركة "فولاد مباركة" فى أصفهان، وقالت إن هذا التقرير خير دليل على أن بنية النظام ليست فاسدة، وأن النظام يكشف الانتهاكات والفساد من داخل هياكله.
وأكدت العلاقات العامة للبرلمان الإيرانى، وفقا لموقع إيران انترناشونال، أن "ما تم نشره فى وسائل الإعلام هو نسخة من تقرير التحقيق الذى يجب إحالته إلى القضاء بعد المراجعة النهائية والتصحيح اللازم، ولم يكن مخصصًا للنشر العام".
وبحسب هذا البيان، فإن البرلمان، بناءً على أمر المرشد الإيرانى، على خامنئى، "لا يسمح لنفسه بالكشف عن أسماء الأفراد قبل مراجعتها من قبل الجهاز القضائي".