أصدرت الدائرة "29 عمال" – المحكمة العمالية - بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين العمال الذين يعملون بدون عقد، بإثبات علاقة عمل بدون عقد مكتوب، واستتبع ذلك الحكم للعاملة "المدعية" بكافة الحقوق المقررة لها قانوناً لدى صاحب العمل.
ملحوظة: الحكم قضى فى منطوقه بثبوت علاقة العمل بين المدعية والمدعى عليه بصفته في الفترة من 30 سبتمبر 2018 حتى 13 يناير 2019 بأجر شهرى 5962 جنيها وبإلزام المدعى عليه بصفته أن يؤدى للمدعية أجر 13 يوما عن المدة من 1 يناير 2019 حتى 13 يناير 2019 وبإلزامه أن يؤدى للمدعية أجر شهرين تعويضا عن الفصل التعسفى محسوبا على الأجر الشامل وأن يرد لها مسوغات تعيينها وما أودعته لديه من مستندات، وألزمت المدعى عليه بصفته المصروفات.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 1278 لسنة 2019 عمال كلى شمال القاهرة، لصالح المحامى مصطفى عرابى، برئاسة المستشار مصطفى صالح، وعضوية المستشارين أحمد صلاح، ونادر زغلول، وأمانة سر محمد عباس.
الوقائع.. نزاع بين عاملة وصاحب العمل حول حقوقها
وقائع الدعوى تخلص في أن تقدمت المدعية بشكوى لمكتب العمل والتي تضررت فيها من فصلها تعسفيا، مطالبة بمستحقاتها المالية ومسوغات تعيينها، وحضر وكيل المدعى عليه بصفته، وآفاد بأن المدعية كانت تعمل في فترة الاختبار بموجب عقد لمدة 3 اشهر، وتم تقييمها بأنها غير مؤثرة في العمل وإخطارها بإنهاء عملها بالمكتب، ورفضت التوقيع على ذلك، وأنها ليست لها ثمة مستحقات سوى عن عمل 12 يوما.
وإذ تعذرت التسوية الودية، فأحيلت الشكوى إلى هذه المحكمة، وتداولت بالجلسات، وفيها مثلت المدعية بوكيل عنها – محام – قدم حافظة مستندات طالعتها المحكمة وآلمت بمحتواها وصحيفة اعلان بطلباتها الموضوعية اختصمت فيها المدعى عليه بصفته يطلب الحكم بثبوت علاقة العمل بينها وبين المدعى عليه بصفته منذ 30 سبتمبر 2018 وحتى 30 سبتمبر 2019 بوظيفة مندوبة مبيعات بأجر شهرى 6000 جنيه، وبإلزامه أن يؤدى للمدعية مبلغ 7800 جنيها قيمة أجرها من 1 يناير 2019 حتى 6 فبراير 2019 وأن يؤدى للمدعية مبلغ 46400 جنيها قيمة المستحق لها من عقد العمل حتى 30 سبتمبر 2019 وأن يؤدى لها التعويض الجابر لما ألم بها من أضرار مادية وأدبية من جراء فصلها تعسفيا من العمل طبقا للمادة 122 من قانون العمل، وإلزامه أن يسلمها مسوغات تعيينها وأصل إيصال استلام نقدية موقع عند التعاقد من المدعية كأسلوب تعاقد مع إلزامه المصروفات والأتعاب.
النزاع حول إثبات علاقة عمل بدون عقد مكتوب
كما مثل المدعى عليه بصفته بوكيل عنه – محام – ودفع بسقوط حق المدعية في رفع الدعوى عملا بالمادة 70 من قانون العمل وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة واحتياطيا رفض الدعوى وجحد الصور الضوئية المقدمة من المدعية والمكتوبة باللغة الأجنبية، وقضت المحكمة بهيئة مغايرة بندب خبير في الدعوى باشر المأمورية الموكله إليه وأودع تقريرا بالنتيجة التي انتهى إليها، وأعلن الخصوم بإيداعه حيث مثلت المدعية بوكيل عنها – محام – وقدم حافظة مستندات طويت على ترجمة المستندات الأجنبية وبيان استعلام عن المبالغ النقدية المحولة لحسابها ببنك "......"، كما مثل المدعى عليه بصفته بوكيل عنه – محام – وقدم مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات طالعتها المحكمة وآلمت بها، وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
ومما ينعاه المدعى عليه بصفته سقوط حق المدعية في إقامة دعواها عملا بالمادة 70 من قانون العمل، وفى بيان ذلك يقول أن تم اخطار المدعية بعدم الاسترمرا في فترة الاختبار بتاريخ 13 يناير 2019 ولجأت لمكتب العمل بتاريخ 6 فبراير 2019 بما تكون معه قد تجاوزت المدة القانونية المنصوص عليها في المادة المذكورة، بينما ردت المحكمة على هذه الدفع من خلال حيثيات الحكم بقولها:
هذا النعى غير سديد، ذلك أن المقرر بنص المادة 70 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 أنه إذا نشأ نزاع فردى بين صاحب العمل والعامل في شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأى منهما أن بطلب منن لجنة – تشكل من: ممثل للجهة الإدارية المتخصة "مقررا" وممثل للمنظمة النقابية، وممثل لمنظمة أصحاب الأعمال – خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته وديا، فإذا لم تتم التسوية خلال 21 يوما – من تاريخ تقديم الطلب – جاز لأى منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة "71" من هذا القانون أو أن يلجأ إليها في موعد أقصاه 45 يوما من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان قد تقدم للجنة بطلب التسوية أو لم يتقدم به وإلا سقط حقه في عرض الأمر على المحكمة.
صاحب العمل يدفع بسقوط الحق في الالتجاء للقضاء
وردت المحكمة أيضا على هذا النعى بحكم لمحكمة النقض قيد برقم 4463 لسنة 76 قضائية – والذى جاء فيه: "من المقرر بقضاء النقض أن ميعاد سقوط الحق في الالتجاء إلى اللجنة ذات الاختصاص القضائى بدوه من تاريخ بداية النزاع وأن امتناع المدين عن الوفاء بالحق للدائن عند مطالبته به هو تاريخ بدء النزاع، وعدم تقديم الطاعنة دليل قيام المنازعة قبل رفع الدعوى مؤداه اعتبار تاريخ إقامة الدعوى هو تاريخ بدء النزاع"، مفاد ذلك أن المقصود بتاريخ بدء النزاع ليس تاريخ الاستحقاق وإنما تاريخ مطالبة المدعى بالحق وامتناع المدعى عليه عن الأداء ومنازعته له في هذا الشأن.
لما كان ذلك وتعويلا على التقريرات القانونية السابقة، وكان البين لدى المحكمة من سائر أوراق الدعوى ثبوت علاقة العمل بين المدعية والمدعى عليه بصفته أخذا بما جاء بإقرار وكيلة بداءة بمكتب علاقات العمل بأن المدعية كانت تعمل في فترة الاختبار بموجب عقد لمدة 3 شهور وتم تقييمها بأنها غير مؤثرة في العمل وإخطارها بإنهاء عملها بالمكتب، إلا أن المحكمة تدحض مقولة 3 اشهر وتقر للمدعية مدة عمل لدى المدعى عليه بصفته منذ 30 سبتمبر 2018 وحتى 13 يناير 2019 براتب شهرى قدره 5962 جنيها أخذا من الثابت ببيان الاستعلام البنكى من تحويل راتب من مكتب "...." لحساب المدعية.
وكذا المكاتبات الصادرة عن المكتب ذاته والمذيل أحدها بتوقيع المدعو "...." والمقدم من وكيل المدعى عليه بصفته بجلسة 9 يونيو 2019 وهو الشخص الذى سبق وأن أنكر وكيل المدعى عليه صلته بالمكتب أمام السيد خبير الدعوى في محاولة منه للتسويف وإخفاء الحقائقن مما تستخلص معه المحكمة ومن جماع ما سلف سرده ثبوت علاقة العمل بين المدعية والمدعى عليه.
المحكمة تنصف العاملة
وعن طلب المدعية مبلغ 7800 جنيها قيمة أجرها من 1 يناير 2019 حتى 6 فبراير 2019، فالمقرر قانونا أنه لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلام الأجر من السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور على أن تشمل هذه المستندات مفدرات الأجر طبقا للمادة 45 من القانون 12 لسنة 2003، لما كان ذلك ولئن كانت المحكمة وقد انتهت لثبوت علاقة العمل بين المدعية والمدعى عليه بصفته في الفترة من 30 سبتمبر 2018 حتى 13 يناير 2019 تعويلا على ثوابت عدة منها التحويلات البنكية من المدعى عليه بصفته إلى حساب المدعية والثابت بها تحويل مبلغ 5962 جنيها تحت بند راتب شهرى ما يفيد تقاضيها الأجر المستحق عن تلك الأيام ولذا لزمه سداده للمدعية.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بثبوت علاقة العمل بين المدعية والمدعى عليه بصفته في الفترة من 30 سبتمبر 2018 حتى 13 يناير 2019 بأجر شهرى 5962 جنيها وبإلزام المدعى عليه بصفته أن يؤدى للمدعية أجر 13 يوما عن المدة من 1 يناير 2019 حتى 13 يناير 2019 وبإلزامه أن يؤدى للمدعية أجر شهرين تعويضا عن الفصل التعسفى محسوبا على الأجر الشامل وأن يرد لها مسوغات تعيينها وما أودعته لديه من مستندات، وألزمت المدعى عليه بصفته المصروفات.