الواقع والحقيقة يؤكدان أن دعوى التعويض التي يقيمها المدعي للمطالبة بجبر الضرر الواقع عليه نتيجة الاعتداء على حقه، فقد نص القانون على: "إن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه التعويض"، كما أن هناك 5 أنواع من قضايا التعويضات هي: "قضايا الحوادث والتي ينتج عنها عجز أو وفاة، وقضايا تعويضات العمال والتي ينتج عنها إصابات العمل، والعجز الجزئي، والمرضي، والعجز الإصابي الكامل.
وكذلك قضايا تعويض الفصل التعسفي والحقوق المالية للعمال، وقضايا تعويضات الشركات، وتعويض عن حادث قطار سكة حديد، وتعويض حوادث السيارات، وتعويضات حوادث الكهرباء، وقضايا التعويض عن الضرر المادية والمعنوية والأدبية، والتعويض المدني والجنائي، وتعويض إصابة خطأ، وتعويض القتل الخطأ، وتعويضات نزع الملكية، وتعويضات حوادث انفجار الألغام، وتعويضات حوادث الترام والمترو، وتعويضات حوادث غرق الشواطئ".
هل تأخر "الدليفرى" عن الموعد المحدد يستوجب التعويض؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية يعانى منها الكثير من المواطنين من خلال الإجابة على السؤال.. هل تأخر الدليفرى عن الموعد المحدد يوجب التعويض؟ خاصة أن "الدليفرى" يُعد موظفا أو عاملا في مؤسسات تجارية سواء كانت كبيرة أو صغيرة، الأمر الذى يجعلنا نتطرق لمثل هذه الأزمات التي أصبحت بمثابة "أمر معتاد" في أن يتأخر عن الموعد المحدد، فقد يكون التأخير بسبب أو بدون سبب مثل إهمال "الدليفرى"، ما ينتج عنه ضررا بالغا لـ"الزبون" – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض مينا جوزيف.
في البداية - أصبحنا نعيش زمن "الأونلاين شوبينج"، وأصبح عامل توصيل الطلبات "الدليفرى" جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للملايين نتيجة إيقاع الحياة السريع الذى تعيش فيه الأسر فترات طويلة خارج المنزل، فللأسف الشديد لا وقت للمطبخ أو لمة العيلة، وأصبح "الدليفرى" ضيفا يتم استدعاؤه يوميا، خاصة في أيام الشتاء يبدأ عمال الدليفرى فى الاستعداد وتجهيز أنفسهم، فغدا سيكون العمل شاقا، وستكون "الأوردرات" مضاعفة، و"الديليفرى" - توصيل الطلبات - يعتبر فى حكم القانون هو ناقل طبقا للمادة 208 من قانون التجارة "عقد النقل عقد يلتزم بمقتضاه الناقل أن يقوم بوسايله الخاصة بنقل شخص أو شيء إلى مكان معين مقابل أجره" – وفقا لـ"جوزيف".
المشرع أجاز التعويض في قانونى "التجارة" و"المدنى"
ومن ثم يكون الديليفرى - حتى وإن تم وصفه بأنه مجانى - هو نقل خاضع لقانون التجارة، حتى لو ارتبط بنشاط أخر كالبيع والتوصيل، ويكون الأجر هنا داخل ضمن نطاق الربح الذى يضعه التاجر على سلعته، ويختلف الأمر هنا حسب موقع المنتج وحسب مدة التأخير ومدى الضرر، ويشترط القانون لاعتبار الناقل محل مسؤلية عدة شروط – الكلام لـ"جوزيف" :
1- أن يكون الناقل بوسائل خاصة بالناقل وليس بالمرسل أو المرسل إليه.
2- أن يكون هناك شيء منقول أو شخص إلى مكان معين ومحدد.
3- أن يكون هناك أجر عن النقل، فإذا كان النقل دون أجر فلا يعد نقلا يخضع القانون.
و"السيولة المرورية" ليست "عذرا قاهرا" للدليفرى
ويكون تقدير وجود أجر من عدمه خاصة لسلطة المحكمة، وقد نصت المادة 240 من قانون التجارة أن الناقل يسأل عن التأخير فى التسليم وعن الهلاك الكلى أو الجزئى للشيء المنقول وعن التلف الذى يحدث له، وحال عدم تسليم الشيء المطلوب نقله، اعتبر القانون أن هذا الشيء يعد فى حكم الهالك ويُسأل الناقل عن الشيء المنقول ويُستحق المنقول له التعويض، ويعتبر التعويض هنا عن الهلاك أو عن التأخير، فلا يجوز أن يتم الجمع بين التعويض عن التأخير والتعويض عن الهلاك، وحال التعويض عن التأخير يكون بمثابة تعويض عن تأخير تسليم الشيء المنقول حال فوات المصلحة من الحصول عليه - كمن يطلب طعاما ويقوم الديليفرى بتوصيله بعد عدة ساعات ويكون السبب فى طلب الطعام قد انتهى – هكذا يقول الخبير القانوني.
وطبقا لنص المادة 244 لا تنتفى مسؤلية الناقل إلا حال إثباته لوجود قوة قاهرة منعته من التسليم أو لعيب فى الشيء المنقول، أو لخطأ من المرسل أو المرسل اليه، والقوة القاهرة هى القوة التى منعت الناقل من توصيل الشيء المنقول دون أن يكون فى استطاعته تجاوز تلك القوة - عاصفة أو زلزال أو كارثة ما - ولا يعد الزحام قوة قاهرة مانعه من التوصيل، وقد يكون السبب فى التأخير صادر عن المرسل أو المرسل إليه "كوضع عنوان خاطئ للمرسل إليه".
الانذار أو الاعلان بالدعوى الخاصة بالتعويض
أما عن الانذار أو الاعلان بالدعوى الخاصة بالتعويض يكون للناقل "الديليفرى" الذى يكون بمثابة شركة نقل مستقلة أو المرسل نفسه "بائع الشيء" والذى يمارس النقل بجانب البيع، وفى الحقيقة السيولة المرورية لا تعد عذر قهرى بموجب نص القانون إلا فى حالة واحدة فقط وهى أن الناقل قد تأخر لمساعدة مريض، وانقطاع علاقة السببية غير وارد لأن النقل هو العلاقة والتأخير هو المستحق للتعويض وعلاقة السببية تكمن فى أن يكون الناقل قادر على نقل الشيء محل النقل فى الزمان والمكان المتفق عليه، ويعتبر سداد ثمن الشيء هو بمثابة تعويض حال قبول المرسل إليه – الكلام لـ"جوزيف".
والفاتورة ضامنة لأن النقل داخل ضمن السعر من عدمه مسألة تخضع لرقابة محكمة الموضوع وليس العبره بما يقال، فمن المنطقى أن يضاف سعر النقل ضمن أرباح الشيء المنقول حال قيام المرسل بالنقل ويستدل على هذا بأن الذين يعملون تحت إمرة الناقل فى النقل يتقاضون أجر، كما أن سعر السلعة قد يختلف بحسب إمكانية نقلها من عدمه.
الخلاصة: "الريسيد" بمثابة عقد اتفاق بين الطرفين
إن كان "الريسيد" الخاص بعملية الشراء مدون فيه أنك ملزم بسداد ثمن التوصيل وتأخر "الدليفرى"، ففي هذه الحالة يحق لك التعويض لأن بذلك هناك علاقة تعاقدية على أن تظهر أركان المسئولية التقصرية من خطأ وضرر وعلاقة سببيه أو تقوم برفع دعوي التعويض علي أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة، أما لو الرصيد أو الثمن الذى تم دفعه لم يكن يشمل قيمة التوصيل فلا أحقية لإقامة الدعوى لأن التوصيل هنا على سبيل التبرع ولا يسأل المتبرع، وبذلك يجب التعويض طالما كان الموعد له اعتباره عند الطالب وعليه رتب أمره وكان محط اهتمام عند الاتفاق تأسيسا على قواعد المسئولية العقدية، ولا يعذر "الدليفرى" بالسيولة المرورية طالما وقع الاتفاق دون التعويل عليها، وباعتبار أن مقدم الخدمة يجب عليه مراعاة ذلك بحكم الممارسة وبحكم أنه من العلم العام الذي لا يغيب على أحد الازدحام ومن ثم فهو حين اتفق مع طالب الخدمة وقبل بالموعد فقد قبل ذلك عالما بظروف الطرق والسيولة المرورية.
كما نصت المادة مادة "249" من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أنه: "إذا تلف الشيء أو تأخر وصوله بحيث لم يعد صالحا للغرض منه وثبتت مسئولية الناقل عن التلف أو التأخير، جاز لطالب التعويض أن يتخلى له عن الشيء مقابل الحصول على تعويض يقدر على أساس هلاك الشيء"، ويعتبر فى حكم القانون هو ناقل طبقا للمادة 208 من قانون التجارة "عقد النقل عقد يلتزم بمقتضاه الناقل أن يقوم بوسايله الخاصة بنقل شخص أو شيء إلى مكان معين مقابل أجره"، ومن ثم يكون الديليفرى - حتى وإن تم وصفه بأنه مجانى - هو نقل خاضع لقانون التجاره، حتى لو ارتبط بنشاط أخر كالبيع والتوصيل.
رأى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في الأزمة
أكدت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ، أن المادة (163) من القانون المدنى تنص على أن: كل خطأ سبّب ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض، وأن المادة (165) من القانون ذاته تنص على أنه: إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يدَ له فيه كحادث مفاجئ، أو قوة قاهرة، أو خطأ من المضرور، أو خطأ من الغير، كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ما لم يوجد نص أو اتفاق يقضي بغير ذلك.
وذكرت أن المادة (174) منه تنص على أن: 1- يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذى يُحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعًا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها، وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرًّا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفى توجيهه، كما أن المادة (178) منه تنص على أن: كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبى لا يدَ له فيه.
المسئولية التقصيرية التى نص عليها المشرع
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المسئولية التقصيرية التى نص عليها المشرع فى المادة (163) من القانون المدنى، تقوم على توافر أركان ثلاثة، هي: الخطأ، والضرر، وعلاقة السببية بينهما، وأن الخطأ لا يُفترض، وإنما يجب على المضرور إثباته وبيان وجه الضرر الذى حاق به من جرائه، كما يجب ارتباط الخطأ بالضرر ارتباطًا مباشرًا بحيث يكون بذاته ومجردًا من أية ملابسات أخرى، السببَ المنتج في إحداث الضرر، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كانت مساهمته لازمة فى إحداث هذا الضرر وليس مجرد نتيجة لخطأ آخر، وهو ما اصطلح علي تسميته بتوافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر الناتج عنه، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، تقوم مسئولية المتبوع عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع طبقًا لنص المادة (174) من القانون ذاته على أساس مغاير؛ إذ يكفى لقيام هذه المسئولية إثبات وقوع العمل غير المشروع من تابع حال تأدية وظيفته أو بسببها، وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرًّا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في الإشراف والتوجيه، وعلى ذلك فإن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة ، هي مسئولية مردّها إلى العمل غير المشروع، ويتعين لقيامها أن يثبت المضرور العمل غير المشروع فى جانب التابع وأن يكون هذا العمل هو السبب المنتج فى إحداث الضرر.