يعد قطاع المحليات واحدًا من أهم القطاعات الحكومية بالدولة، خاصة لكونه مرتبطا ارتباطًا كبيرًا بمصالح المواطنين والخدمات التى يحتاجونها يوميًا فى إطار متطلبات الحياة العامة، ويعد تطويره والارتقاء بالخدمات المقدمة منه، من أكثر الملفات التى تولى الدولة اهتمامًا كبيراً بها، خاصة فى إطار تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة والتى تعد إحدى الركائز التى تقوم عليها رؤية مصر 2030.
شهدت الأعوام الأخيرة تكثيفًا للجهود لتوطين أهداف التنمية المستدامة فى المحافظات لتعظيم المزايا النسبية لكافة محافظات مصر، ووضع مؤشر لتحديد الميزة النسبية والتنافسية لكل محافظة وإعطاء أسبقية فى تمويل الاستثمارات العامة للقطاعات ذات الأولية، حسب الفجوات التنموية بكل محافظة، وحاليًا، جارى الانتهاء من إعداد النسخة النهائية لتقرير توطين أهداف التنمية المستدامة لجميع المحافظات.
وبجانب الجهود الحكومية التي تُبذَل للنهوض وإصلاح قطاع الإدارة المحلية، قدم البرلمان ممثلًا في مجلس النواب "روشتة" متكاملة لتطوير المحليات وتحسين الخدمات المقدمة منها للمواطنين، وذلك من خلال عدد من التوصيات التي عرضها تقرير لجنة الخطة والموازنة الصادر حول الخطة العامة للدولة وموازنتها للسنة المالية الحالية 22/23، حيث أوصى البرلمان بضرورة الاهتمام بالتنمية البشرية والتدريب لزيادة معدلات التشغيل ورفع كفاءة العمل الإنتاجية بزيادة الاعتمادات المالية لتطوير مركز تدريب التنمية المحلية "سقارة" لسرعة تفعيل أدائه التنموى.
هذا بجانب، التعاقد مع العمالة ذات الخبرات في التخصصات النادرة إعمالا لنص المادة رقم 16 من القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، كما أوصى بضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لوضع خطة تدريب الموارد البشرية بمختلف مستوياتها الوظيفية تمهيدًا لتطبيق نظام الموازنات المستقلة للوحدات المحلية تطبيقًا للاستحقاقات الدستورية الواردة بالدستور والتي تقضى بأن تكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية إلى جانب تحديد برنامج زمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الإدارة المحلية ويكون لها موازنات مالية مستقلة.
وتضمنت توصيات البرلمان للمحليات ضمن خطة هذا العام، ضرورة البحث عن طرق بديلة لتعويض العجز في الباب الرابع الخاص بالدعم والمنح والمزايا الاجتماعية والذى يؤثر بشكل سلبى فيما يتعلق تخصيصه للمحافظات، مع رفع كفاءة وتطوير منظومة المحاجر وفق آلية مركزية موحدة تحقق الحوكمة وترسى مبادئ واضحة للعلاقة ما بين المستثمرين والدولة بهدف حسن إدارة الموارد الطبيعية لزيادة موارد المحافظات، علاوة على، تعظيم الموارد الذاتية للمحافظات والبحث عن الإيرادات التي تساعد على تخفيض العجز النقدى.
هذا بالإضافة إلى، ضرورة ترشيد الإنفاق في بعض بنود وأبواب الموازنة، واستكمال إعادة هيكلة جميع القطاعات والإدارات بوزارة التنمية المحلية على أسس علمية واتساق كامل مع توجه الدولة لتدعيم اللامركزية المتدرجة كاستحقاق دستورى، كما أوصى البرلمان بأهمية التنسيق الدائم والمستمر بين السياستين المالية والنقدية إعمالًا لحكم المادة 15 من قانون الموازنة العامة للدولة، وذلك تحقيقا للانضباط والتوازن في الأداء الاقتصادى واستقرار سعر الصرف، والسيطرة على التضخم وتحقيق التحسن المطلوب بمعدلات النمو الاقتصادى.
وأوصى البرلمان أيضًا بضرورة اتخاذ إجراءات إصلاحية جادة لخفض معدلات العجز والدين العام، وبما يضمن تحقيق زيادة في معدلات النمو والسعى نحو زيادة الاستثمارات من خلال التوسع في إنشاء مجمعات صناعية بالمحافظات، هذا بجانب، تفعيل إطار الشفافية المالية والمشاركة المجتمعية خلال مراحل إعداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة، وذلك من خلال عرض الموازنة العامة للدولة بصورة واضحة وتفصيلية وفقًا للتصنيف الاقتصادى للموازنة والوظيفى في إطار المعايير القانونية والدولية المنظمة لكل منهما، وكذا التصنيف الإدارى للموازنة إعمالًا لأحكام القانون رقم 53 لسنة 1973 وتعديلاته ولائحته التنفيذية.
وطالب مجلس النواب في توصياته بضرورة استهداف خفض معدل النمو للمصروفات عن الإيرادات في موازنات المحافظات "دواوين العموم"، لتحقيق الضبط المالى المستهدف، وذلك من خلال خلق مساحة مالية تسمح بزيادة الإنفاق القادر على المساهمة فى تحقيق النمو وخلق فرص عمل حقيقية، علاوة على، المضى قدمًا بقوة فى برامج إعادة هيكلة الأصول المالية للدولة والتعامل مع التشابكات المالية بين جهات الدولة بشكل يضمن تحقيق تحسين تدريجى فى الأوضاع المالية لأجهزة الدولة وتحسين الخدمات المقدمة والتوسع فى برامج المشاركة بين القطاعين العام والخاص فى المجالات المالية وإدارة أصول الدولة.
وفى ذات السياق، أوصى البرلمان بضرورة توفير مخصصات مالية كافية لمعالجة كافة الإشكاليات، هذا بجانب تطوير الهياكل الإدارية والمالية للهيئات الخدمية والاقتصادية لضمان الإصلاح وجنى الثمار على المدى المتوسط وتحويلها من مصدر نزيف لموارد الدولة إلى تعظيم العائد منها على أصول الدولة، فضلًا عن، ضرورة زيادة موارد المحافظات من خلال سرعة استكمال المرافق والخدمات وأعمال الصيانة اللازمة لرفع كفاءة وتطوير جميع مواقف السيارات والأسواق الرسمية أو العشوائية بغرض تحويلها إلى رسمية ودمجها بالاقتصاد الرسمى، من خلال إعداد أكواد خاصة وتوحيد اللوائح المالية والإدارية التى تنظم عملهم مع تشديد الرقابة الأمنية على المواقف والأسوق.
هذا بالإضافة إلى، زيادة الاعتمادات المالية لبند العمالة للتعاقد مع العمالة الفنية والهندسية بالإدارات الهندسية بكافة الوحدات المحلية، مع بحث مدى إمكانية زيادة حافز الإثابة للعاملين بالمحافظات الحدودية "الوادى الجديد، شمال وجنوب سيناء، مطروح"، وذلك بهدف جذب العمالة لتلك المحافظات ولتعظيم الاستفادة مما تزخر به من خيرات وثروات وإمكانيات تنموية.
كما أوصى البرلمان، بزيادة الاعتمادات المالية المدرجة لإنهاء أعمال رصف الطرق الداخلية بين القرى ومشروعات المرافق "الصرف الصحى، مياه الشرب، الكهرباء.. وغيرها"، علاوة على، ترشيد المصروفات وضبط النفقات إلى أقصى الحدود الممكنة بشكل يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بالوحدات المحلية وديوان عام وزارة التنمية المحلية، والواقعية فى تقدير الإيرادات العامة المستهدفة، وذلك فى ضوء القدرة التكليفية للمجتمع الضريبى ومؤشرات الأداء الاقتصادى ومعدلات النمو المستهدفة فى قطاعات الدولة.
وتضمنت التوصيات البرلمانية أيضَا، ضرورة زيادة مخصصات الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية لتوفير أكبر قدر من الحماية والرعاية اللائقة لجميع شرائح المجتمع وخاصة، الطبقات الأقل دخلًا والأولى بالرعاية من خلال اتباع سياسات توزيعية أكثر كفاءة وعدالة من الناحية الجغرافية، فضلًا عن، تعظيم العائد على أصول الدولة من خلال تبنى سياسات اقتصادية سليمة مثل التسعير الذى يغطى تكلفة إتاحة السلع والخدمات ومدخلات الإنتاج.
ومن أبرز التوصيات التى أوصى البرلمان المحليات بها أيضًا، ضرورة تفعيل دور قطاع التفتيش بوزارة التنمية المحلية لتقييم أداء العاملين بالمحليات ومحاربة الفساد، وذلك من خلال فحص ومراجعة عدد من المحاور أهمها، "التعديات على الأراضى الزراعية ومخالفات البناء، التفتيش المالى والإدارى ورصد متابعة المشروعات المتعثرة بالمحافظات واستمرارية المشروعات"، هذا بجانب، زيادة موارد المحافظات من خلال عوائد ومتحصلات "استرداد حق الشعب" كتقنين أوضاع واضعى اليد على أملاك الدولة والإعلانات والتصالح فى بعض مخالفات البناء، وتنظيم انتظار المركبات فى الشوارع العامة.
كما أوصى البرلمان أيضًا، بإدراج مخصص للطوارئ ببنود الموازنة العامة لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتغطية احتمالات سداد تعويضات نتيجة الفصل فى قضايا التحكيم المرفوعة على الحكومة المصرية أو تسويتها وديًا والتى تكون المحافظات طرفًا فيها، مع تحسين الخدمات العامة وترفيق المناطق الصناعية وتوفير فرص عمل مستدامة للمواطنين من خلال برامج إقراض ميسرة، وتعديل بعض مواد التأشيرات العامة للموازنة العامة للدولة لصالح حسن سير العمل بالمحافظات.
هذا بالإضافة إلى، زيادة المخصصات الموجهة للمحليات لتطوير الخدمات المحلية المقدة للمواطنين فى ضوء تنفيذ أحكام الدستور مع الأخذ فى الاعتبار زيادة المخصصات المالية المدرجة بالموازنة العامة لسداد فواتير المياه والإنارة والوقود لمواجهة الزيادات التى تتم فى أسعار تلك السلع والخدمات، ولضمان قدرة أجهزة دواوين عموم المحافظات على سداد تلك المستحقات بشكل منتظم، فضلًا عن، تفعيل التوازنات الكلية من موارد واستخدامات المحافظات والرشدة فى تقدير النفقات المالية لأقل الحدود الممكنة بشكل يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وخفض نسبة الدين العام والعجز الكلى لأجهزة الموازنة.