"أنا على خلاف دائم مع زوجتى بعد أن أكرمنا - الله تعالى – بطفلين وأنا أبحث عن حلول بشكل دائم وأسعى لاستمرار الحياة بيننا، أما هي فهي مقتنعة بالطلاق، وأنا لا أريد أن أطلقها، ولكن بنفس الوقت لا أريد أن تعيش مجبرة معى أو مجبرة من أهلها، وأبحث عن حل كمحاولة أخيرة، ولكن في كل الأحوال ماذا إذا أرادت أن أفوضها لتطليق نفسها حتى تكون المسئولية واقعة عليها كاملة فى المستقبل"، بهذه الكلمات بدأ "زين. ر"، 34 سنة، محافظة القاهرة، سرد مأساته لـ"برلمانى" فى محاولة لإيجاد حلول قانونية.
وتابع: "فى الحقيقة وصلت مع زوجتي إلى طريق مسدود كما ذكرت فى السابق، فكان الحل حتى هذه اللحظة هو تفويضها لإيقاع الطلاق كما نصحنى البعض، والذى أعلمه من الناحية القانونية والشرعية أنه يجوز أن تكون العصمة بيد الزوجة بحيث يمكنها ذلك من تطليق نفسها، ولكن هل من الممكن أن يتم تفويض الزوجة بعد كتابة العقد؟ خاصة وأنه في كثير من الأحيان نجد بعض الزوجات عند زواجها تشترط على زوجها فى العقد الحق فى تطليق نفسها عليه – وهو ما يعرف عند العامة "عصمة الزوجة بيدها" وهل لو استخدمت الزوجة هذا الحق، وقامت بتطليق نفسها هل يمنع ذلك الزوج من حق مراجعتها وهل الطلاق هنا يكون رجعيا أم بائنا؟
هل يجوز للزوجة أن تقول لزوجها "أنت طالق"؟
وللإجابة على هذا السؤال – يقول الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى الشأن الأسرى أحمد فره - أن التفويض هو تمليك الرجل زوجته إيقاع طلاقها، وقد يكون ذلك في مبدأ الزواج أي في العقد، وقد يكون بعد العقد في أي زمن كان حال قيام الزوجية، ومثال ذلك أن تقول امرأة لرجل: "زوجت نفسى منك على أن يكون أمرى بيدي أطلق نفسى متى شئت أو كلما شئت، وقال لها قبلت"، فهنا صح الزواج، وكان أمرها بيدها على الصورة التي قالتها وقبلها الزوج على ذلك.
المشرع حدد 3 طرق لتفويض الرجل للمرأة للطلاق
وبحسب "فره" في تصريح لـ"برلمانى" - أما تفويض الرجل للمرأة للطلاق بعد العقد يكون بأحد ثلاث، التخيير، والأمر باليد، وقوله لها: "طلقي نفسك"، ومثال الأول: أن يقول لها: "اختاري نفسك"، ومثال الثاني، أن يقول لها: "أمرك بيدك"، ومثال الثالث، أن يقول لها: "طلقي نفسك"، وسواء أكان ذلك لسؤالها الطلاق أم قالها ابتداءً في حالة غضب أو في حالة رضا.
التفويض ليس توكيلاَ كى يرجع عنه الزوج
وفى كل الأحوال يكون التفويض بأي عبارة، إما أن يكون مطلقاً أو مقيداً بوقت معين أو مشتملاً على ما يدل التعميم في كل زمان، فإن هي طلقت نفسها انتهى التفويض، ما لم يكن التفويض ما يدل على التكرار كأن يقول لها طلقي نفسك متى شئت وكلما شئت، فإن كلمة كلما تفيد التكرار فيبغى لها الحق في تطليق نفسها، مرة ومرتين وثلاث مرات، ولا يعتبر التفويض توكيلاً، لأن الموكل له حق الرجوع في الوكالة وعزل الوكيل، وأما المفوض فلا يملك ذلك – الكلام لـ"فره".
كما أنه مفاد نص المادة الخامسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 أن كل طلاق يقع رجعياً ما لم يكن مكملاً للثلاث أو قبل الدخول أو على مال أو وقع بائناً بحكم من القاضي طبقاً لأحكام القانونين رقمى 25 لسنة 1920، 25 لسنة 1929، وقد جرى قضاء محكمة النقض أن الأصل في الطلاق أنه ملك للزوج وحده وقد أجيز له شرعاً تفويض زوجته في تطليق نفسها وحينئذ يكون لها أن تطلق نفسها بهذا التفويض بحسب صيغته وحدوده مقيده في ذلك بما يقيد الزوج لا تملك أكثر مما يملكه.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 88 لسنة 63 قضائية – أن الأصل أن يقع طلاق الرجل لزوجته رجعياَ إلا ما استثنى بنص خاص فى القانون، ومن ثم لا يملك الزوج تفويض زوجته فى إيقاع الطلاق على نفسها إلا فى هذا النطاق، وأن مفاد نص المادة الخامسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 أن كل طلاق يقع رجعياً ما لم يكن مكملاً للثلاث أو قبل الدخول أو على مال أو وقع بائناً بحكم من القاضي طبقاً لأحكام القانونين رقمى 25 لسنة 1920، 25 لسنة 1929.
ووفقا لـ"المحكمة" – إذا اشترطت الزوجة فى التفويض الصادر لها أن تطليق نفسها، متى شاءت وكيف شاءت، فلها أن تطلق نفسها مرة واحدة طلقة رجعية، وذلك لأن هذه العبارة وفقاَ للمذهب الحنفى وقواعد فقه اللغة لا تفيد التكرار ذلك أن كلمة "متى" تفيد تعميم الزمن فقط، فلها أن تختار أى وقت للطلاق، وعبارة "كيف شاءت" تدل على تعميم الحال التى يقع عليها الطلاق من غير أن يقتضى شئ من ذلك تكرار الطلاق، مع وقوعه رجعياَ على النحو سالف البيان، أما إذا اشترطت الزوجة أن تطلق نفسها، كلما شاءت، فلها أن تطلق نفسها مرة بعد أخرى حتى تستكمل الثلاث، وليس لها أن تجمع الطلقات الثلاثة فى مرة واحدة ذلك أن كلمة – كلما – تفيد التكرار وتعميم الفعل عموم الانفراد لا عموم الاجتماع فلها مشيئة بعد مشيئة ولا يملك عليها زوجها حينئذ سوى الرجعة بعد الطلقة الأولى والثانية.
هل لو استخدمت الزوجة هذا الحق وقامت بتطليق نفسها هل يمنع ذلك الزوج من حق مراجعتها وهل الطلاق هنا يكون رجعيال أم بائنا؟
الأمر هنا يتعلق بتطبيق نص القانون:-
أولا:- يتعين مراجعة اللفظ الذى تدونه الزوجة فى عقد زواجها هل يكون بجملة لها تطليق نفسها "متى شاءت" أو بلفظ "كيف شاءت" أو بلفظ "كلما" شاءت؟
1- فإذا كان بجملة "متى شاءت"، فإن كلمة متى تفيد تعميم الزمن فقط فلها أن تختار وقت الطلاق ويكون لمرة واحدة فقط .
2- أما إذا إشترطت الزوجة أن تطلق نفسها، كلما شاءت فلها أن تطلق نفسها مرة بعد أخرى حتى تستكمل الثلاث وليس لها أن تجمع الطلقات الثلاث في مرة واحدة.
3- أما إذا كانت بعبارة ( كيف شاءت ) فإنها تدل على تعميم الحال التى يقع عليها الطلاق من غير أن يقتضى شئ من ذلك تكرار الطلاق
ثانيا: فى جميع الأحوال إذا طلقت الزوجة نفسها:
1- الطلاق هنا يقع رجعيا.
2- ويحق لزوجها مراجعتها بعد الطلقة الأولى أو الثانية خلال فترة العدة.
3- ولا يحق للزوجة أن تجمع الطلقات الثلاث في مرة واحدة أن تجمع الطلقات الثلاث في مرة واحدة.
وهو ما قضت به محكمة النقض فى الطعن رقم 88 لسنة 63 جلسة 28/1/1997 حيث قالت في حيثيات الحكم إذا اشترطت الزوجة في التفويض الصادر لها أن لها حق تطليق نفسها ، متى شاءت (وكيف شاءت)، فلها أن تطلق نفسها مرة واحدة طلقة رجعية لأن هذه العبارة وفقاً للمذهب الحنفى وقواعد اللغة لا تفيد التكرار ذلك أن كلمة ( متى ) تفيد تعميم الزمن فقط فلها أن تختار وقت الطلاق، وعبارة ( كيف شاءت ) تدل على تعميم الحال التى يقع عليها الطلاق من غير أن يقتضى شئ من ذلك تكرار الطلاق، مع وقوعه رجعياً على النحو سالف البيان أما إذا إشترطت الزوجة أن تطلق نفسها ، كلما شاءت فلها أن تطلق نفسها مرة بعد أخرى حتى تستكمل الثلاث وليس لها أن تجمع الطلقات الثلاث في مرة واحدة ذلك أن كلمة ( كلما ) تفيد التكرار وتعميم الفعل عموم الانفراد لا عموم الاجتماع فلها مشيئة بعد مشيئة ولا يملك عليها زوجها حينئذ سوى الرجعة بعد الطلقة الأولى أو الثانية .
الخلاصة:
هل يجوز للمرأة أن تطلق زوجها أم أن جعل العصمة بيدها حرام ؟
الإجابة: لا يجوز للمرأة أن تطلق زوجها لأن له القوامة عليها قال تعالى فى سورة النساء"الرِجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِسَآءِ(34) " معنى كون العصمة بيدها أن لها أن تطلق نفسها منه لا أن تطلقه، فيجوز للزوجة أن تطلق نفسها إذا أعطاها الزوج هذا الحق فيكون تفويضاً منه لزوجته فى أن تطلق نفسها، وينبغى أن نعرف أن الزوج حينما يعطى زوجته هذا الحق لا يسقط حقه فى أن يطلقها إذا شاء، لأن تفويض الزوج لزوجته ما يملكه من حق الطلاق لا يمنعه استعمال حقه متى شاء، ويجوز للزوجة حق تطليق نفسها إذا اشترطت لنفسها هذا الحق ابتداء بأن جاء فى عقد الزواج أن أمر الزوجية فى يدها كان تقول لطالب الزواج منها - زوجتك نفسى - على أن يكون أمرى بيدى أطلق نفسى إذا أردت، وقبل الزواج على هذا الشرط وإذا فوضها الزوج فى ذلك كان لها أن تطلق نفسها تطليقه واحده رجعية.
لكن إذا قال لها - طلقى نفسك - كلما شئت، فلها أن تطلق نفسها كلما أرادت تطليقه واحده حتى تبين منه بينونة كبرى بثلاث طلقات، والأصل فى حق المرأة فى تطليق نفسها هو قول الله تبارك وتعالى فى سورة الأحزاب" يَأَ أَيُّهاَ النَّبِىُّ قُل لِأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِيِنَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِعْكُنَّ وَأُسَرِحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً(28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْأَخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً(29)".
وهذا التخيير على القول الصحيح كان تحذيراُ للطلاق إن أردن ذلك على شرط أنهن إذا اخترن الدنيا وزينتها كن مختارات للطلاق وقد فهمت السيدة عائشة ذلك حينما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة إنى ذاكر لكى أمراً فلا عليك ألا تعجلى فيه حتى تستأمرى أبويك ثم قرأ عليها الآية، فقالت أفى هذا أستأمر أبوى فإنى أريد الله ورسوله والدار الأخرة .