من مبادئ الحرية التعاقدية، أن للأطراف المتعاقدة التي هي على قدم المساواة أن تحدد زمن وكيفية إنهاء العقد، ويعد هذا مبدأ كلاسيكيا في القانون، إلا أن تطبيق هذا المبدأ في مجال علاقات العمل يكون انعكاسا سلبيا يتمثل في عدم الاستقرار، فهو يقوم على المساواة ولا يأخذ بعين الاعتبار عدم التوازن بين العامل والمستخدم من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، لأجل ذلك فإن قانون العمل يستبعده، وأما عدم التوزان هذا، فإن القانون المعاصر يضاعف أشكال تدخل الدولة لحماية العمال هذا التدخل الذى فرضته عوامل فكرية واقتصادية.
أما من الناحية الفكرية تتمثل في انتشار الأفكار التحررية التي تنادى بضرورة تدخل الدولة لحماية العمال، بينما اقتصاديا لظهور الآلة وتفاهم مشكلة البطالة، بالإضافة إلى مساعى التنظيمات النقابية التي استطاعت أن تفرض على الدولة التدخل لسن تشريعات تضمن حماية أكبر للعامل في عالم العمل، فأصبح هذا التدخل من المبادئ الثابتة والمكرسة في التشريع الاجتماعى، وأدت حرية فسخ العقد بإرادة منفردة لعقد العمل غير محدد المدة إلى تعسف أصحاب العمل، فحاولت المحاكم التقليل من ذلك باللجوء في مرحلة أولى لنظرية التعسف في استعمال الحق.
متى يحرم على صاحب العمل فصل العامل ومتى يجوز له فصله؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على صور الفصل التعسفى والخلاف المستقر حول مفهوم الفصل وانهاء علاقة العمل، وذلك في الوقت الذى تلتزم فيه المحاكم بقدر المستطاع بالتعويض عن الضرر الذى لحق العامل من جهة، ومن جهة أخرى وضعت إجراءات قانونية لابد من احترامها قبل اللجوء إلى التسريح ويترتب عن مخالفتها مسئولية صاحب العمل، وإعادة العامل إلى منصبه في ظل قضاء اجتماعى كان يفضل الإبقاء على علاقة العمل ما دام أن العامل لم يرتكب خطأ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض المتخصص في الشأن العمالي فرج أحمد عزيزه.
في البداية – بالنسبة لصور الفصل التعسفى، فهناك مفهوم لدى بعض العمال أن الفصل معناه صدور قرار مكتوب بالفصل من صاحب العمل أو أنه يتم رفعه أو حذفه من التأمينات، ويتخيل أنه لا يستطيع أن يثبت واقعة الفصل إلا بصدور قرار من الإدارة أو إلغاء اشتراكه بالتأمينات، وهذا المفهوم خطأ يقع فيه الكثيرين – لماذا ؟ - لأن ليس هناك إدارة من حقها أن تصدر قرار "فصل"، لأن الفصل قانونا لا يصدر إلا من القضاء، إنما صاحب العمل يملك انهاء علاقة العمل طبقا لشروط العقد لو العقد انتهت مدته وطبقا لما نص عليه العقد يعنى العقد لو قال اخطار قبل الإنهاء أصبح لزاما "الإخطار" – وفقا لـ"عزيزه".
المشرع فرق بين الفصل التعسفى وانهاء علاقة العمل
وهذا الأمر السابق ذكره لا يسمى "فصل"طالما تنفيذا لشروط عقد العمل، لأن صاحب العمل كى يفصل العامل لابد من وجود خطأ ارتكبه العامل مثل - الكلام لـ"عزيزه":
1- الغياب.
2- التعدى الجسيم على الرئيس المباشر.
3- الاعتداء على صاحب العمل.
4- مخالفة التعليمات المكتوبة والمعلنة وتكرارها.
5- إفشاء أسرار العمل.
6- منافسة صاحب العمل في نشاطه.
7- وجوده وقت العمل في حالة سكر.
8- أو الإضراب دون اتباع الإجراءات.
ملحوظة: كل هذه الحالات – سالفة الذكر – وغيرها لا تعنى صدور قرار بالفصل، ولكن توجب على صاحب العمل توجيه دعوى للمحكمة بطلب فصل العامل، "يعنى مينفعش يفصله من تلقاء نفسه".
وهنا يجب أن نذكر أن هناك حالات "فصل" تعتبرها تعسفى "وأنت مغمض" أبرزها:
1- التأخير فى سداد الأجر وبتكرار.
2- مخالفة صاحب العمل لشروط عقد العمل أو اتفاقيه العمل الجماعية.
3- منع العامل من العمل بسبب شكوى سابقة أو دعوى أقامها ضد صاحب العمل.
4- تعدى صاحب العمل على العامل أو اسائه معاملته أو تعديه على أحد من ذوى وأهل العامل.
5- أو فصل العامل بسبب دينه أو رأيه.
6- أو نوعه ذكر أو أنثى.
7- حرمان العامل من حقه فى الاجازات على الأقل 15 يوم سنويا.
8- تكرار توقيع الجزاءات والخصومات على العامل دون مبرر ودون ضمانات للتحقيق.
9- تغير مهنة العامل أو نقله دون ضرورة.
ملحوظة: كل تلك الحالات لو ترك العامل العمل من تلقاء نفسه يعتبر إنهاء لعلاقة العمل من صاحب العمل وبسببه.