أصدرت الدائرة الأولى – عمال – بمحكمة استئناف القاهرة، حكما يهم ملايين العمال والموظفين - بشأن اجبار العامل على توقيع استقالته حتى تكون الاستقالة مكتوبة، حيث قالت:"
1- الاستقالة يجب أن تكون مكتوبة برضا العامل وليس مجبرا.
2 - يجوز للعامل أن يعدل ويرجع عنها خلال أسبوع من تاريخ تقديمها.
3- لم يشترط القانون شكل معين للرجوع في الاستقالة - فيجوز العدول بإنذار على يد محضر أو شكوى عمالية لمكتب العمل.
4- يجب أن يكون قبول الاستقالة عن طريق اخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة، ولا يغني عن ذلك أي إجراء أخر.
5- بالتالى أصبح الفصل هنا فصلا تعسفيا وليس استقالة، وهو ما يستوجب التعويض للعامل، وتنصف العامل بعد مرور 10 سنوات من إجباره على الاستقالة.
صدر الحكم في الأستئناف المقيد برقم 9 لسنة 130 قضائية، لصالح المحامى أحمد الأسيوطى، برئاسة المستشار محمد عبد الفتاح شاهين، وعضوية المستشارين محمد جعفر، وأحمد مفتاح، وأمانة سر حسام عبد الموجود.
الوقائع.. نزاع بين العامل والشركة بسبب إجباره على الإستقاله
تتحصل وقائع النزاع في أن المستأنف أقام الدعوى رقم 1239 لسنة 2012 عمال كلى الجيزة بموجب شكوى تقدم بها إلى مكتب العمل بتاريخ 6 مارس 2012 ضمنها – تضرره من إجباره على الاستقالة – وعدوله عن الاستقالة طبقا لنص المادة 129 من قانون العمل وأنه يطالب بعودته إلى عمله وإحالة شكواه إلى المحكمة العمالية والمطالبة بمكافأة شهرين عن كل سنة، وبسؤال الممثل القانوني لصاحب العمل قرر أن العامل تقدم باستقالته في 1 مارس 2012 وتم قبولها في 5 مارس 2012 وتسوية مستحقاته المالية، وقام بالتوقيع على إخلاء الطرف واستلام كافة مستحقاته ووقع على استمارة 6 تأمينات، وتم تقديمها إلى مكتب التأمينات لتسوية معاشه، وحيث تعذرت التسوية وأحيل النزاع إلى محكمة أول درجة، وقيدت الدعوى برقمها.
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات، ومثل المدعى بوكيل عنه – محام – وقدم صحيفة الطلبات الموضوعية في الدعوى مودعة ومعلنة قانونا طلب في ختامها الحكم – بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى له مبلغ إجمالي قدره 33300 جنيه، وذلك على سند من القول حاصله أنه يعمل بالشركة منذ 20 سبتمبر 1990 – بوظيفة مدير صناعة....... – وبتاريخ 28 فبراير 2012 أبلغته إدارة الشركة بطلب تقديم استقالته، فرفض وحرر المحضر رقم 1001 لسنة 2012 إدارى كرداسة وتحت ضغط من الشركة قام بالتوقيع على الاستقالة في 1 مارس 2012، مما حدا به إلى تحرير المحضر رقم 1007 لسنة 2012 إدراى كرداسة.
"الإستنئاف" تنصف عامل بإلزام الشركة بـ"التعويض"
وعلى الفور – تحرك العامل وتقدم بشكواه إلى مكتب العمل وأنه عدل عن الاستقالة إعمالا لنص المادة 119 من قانون العمل، ورفضت إدارة الشركة إعادته لعمله، مما يعد فصلا تعسفيا وأن مدة عمله 22 عاما وراتبه 3000 جنيه، ومن ثم يستحق مبلغ 132000 جنيه تعويض ويستحق أرباح عن عامي 2011، 2012 بإجمالى مبلغ 24000 جنيه، كما يستحق أجره عن المدة المتبقية حتى بلوغه السن القانوني للمعاش بمبلغ 27000 جنيه، ويطالب بتعويضه عن الأضرار التي لحقت به جراء فصله تعسفيا دون مبرر بمبلغ 150000 جنيه، وانتهى في صحيفة الطلبات الموضوعية إلى طلب الحكم بما تقدم من طلبات، إلا أن محكمة أول درجة رفضت دعواه التي طالب فيها بالتعويض عن الفصل التعسفى، فتقدم بالاستئناف على الحكم لإلغاءه.
المحكمة في حيثيات حكمها انتهت إلى إرساء عدة مبادئ قضائية بشأن اجبار العامل على توقيع استقالته حتى تكون الاستقالة مكتوبة، حيث قالت: الاستقالة يجب وأن تكون مكتوبة - يجوز للعامل أن يعدل ويرجع عنها خلال اسبوع من تاريخ تقديمها - لم يشترط القانون شكل معين للرجوع في الاستقالة - فيجوز العدول بإنذار على يد محضر أو شكوى عمالية لمكتب العمل - يجب أن يكون قبول الاستقالة عن طريق اخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة، ولا يغني عن ذلك أي إجراء أخر، وبالتالي أصبح الفصل هنا فصلا تعسفيا وليس استقالة، وهو ما يستوجب التعويض للعامل.
وترسى 5 مبادئ قضائية لإنهاء أزمة الفصل التعسفى
وسردت محكمة الاستئناف في حيثيات حكمها وقائع النزاع أن العامل وقع الاستقالة تحت إكراه رئيس مجلس إدارة الشركة وانه تم إجباره على ذلك، وأنه رجع وعدل عن الاستقالة وتقدم بطلب لمكتب العمل المختص، إلا أن ممثل الشركة رفض طلب العودة للعمل وتم إحالة النزاع للمحكمة العمالية المختصة، وتداولت الدعوى أمام المحكمة العمالية بالجيزة إلى أن قضت برفض دعواه بسبب تقديمه الاستقالة وتوقيعه على استمارة "6"، وعليه طعن العامل في الحكم الابتدائي أمام محكمة استئناف القاهرة مأمورية الجيزة، وتداول نظر الاستئناف بالجلسات أمام المحكمة إلي أن قضت بإلغاء حكم الدرجة الأولى والقضاء مجدداً بالتعويض شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة بسبب الفصل التعسفي بالإضافة إلى الحق في نصيبه في أرباح الشركة.
وبحسب "المحكمة": لما كان من المقرر وعملا بنص المادة 119 من قانون العمل أنه لا يعقد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة، وللعامل المستقيل أن يعدل عند استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة وفى هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن، ومن المقرر أن يشترط أن يتم العدول عن الإستقالة كتابة ولم يشترط المشرع شكلا معينا للعدول عن الاستقالة، وبالتالي تصلح أي كتابة ومن قبيل ذلك أن يوجه العامل لصاحب العمل إنذار على يد محضر بالعدلو عن الاستقالة أو أن يتقدم بشكوى عمالية ضد صاحب العمل يصرح فيها بالعدول عن الإستقالة بشرط أن يتم ذلك كله خلال مهلة الأسبوع التي منحها المشرع للعامل المستقيل.
الأبرز يجوز للعامل العدول عن استقالته خلال أسبوع من تاريخ تقديمها
وتضيف "المحكمة": ومن المقرر أن لإجراء المعمول عليه والذى يتضح به ميعاد الأسبوع الوارد في المادة 119 هو إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة والذى ينفتح به ميعاد الأسبوع الوارد في المادة سالفة البيان ولا يغنى عن ذلك أي إجراء أخر، فإذا لم يتم الإخطار فإن الميعاد يظل مفتوحا أمام العامل للعدول عن الاستقالة، ولما كان ذلك وكان الثابت مما حصلته المحكمة من الأوراق، وما قدم فيها من مستندات أن المستأنف تقدم باستقالته بتاريخ 1 مارس 2012، وتم قبولها في ذات التاريخ إلا أن المستأنف تقدم بشكواه إلى مكتب العمل بتاريخ 6 مارس 2012 متضررا من إجباره على تقديم الاستقالة، وطلبه العوده لعمله، وخلت الأوراق من إخطار المستأنف بقبول الاستقالة الأمر الذى تعد معه الاستقالة كأن لم تكن، فضلا عن اعتداد المحكمة بعدول المستأنف عنها الثابت بشكواه أمام مكتب العمل في 6 مارس 2012 واستمرار عقد العمل مرتبا أثاره وتحمل صاحب العمل مسئولية الإنهاء.
من جانبه، قال المحامي أحمد الأسيوطي، المحامي بالاستئناف العالي مقيم الدعوي، أن محكمة الاستئناف بحكمها سالف البيان قد تصدى لتعنت وتعسف أصحاب الشركات الخاصة الذين يجبرون العاملين لديهم على تقديم استقالتهم، كما أرست الدائرة العمالية بمحكمة استئناف القاهرة قواعد قانونية في غاية الأهمية بالنسبة للعمال واستقالتهم التي يتقدمون بها رغمًا عنهم، حيث أن أهم هذه المباديء بالنسبة للاستقالة وفقًا للحكم ضرورة أن تكون الاستقالة التي يتقدم بها العامل مكتوبة، كما أنه يحق للعامل أن يرجع ويعدل عن استقالته هذه خلال أسبوع من تاريخ تقديمها، كما أكدت المحكمة بأنه ليس هناك شكل معين لطلب العدول عن الاستقالة فيصح العدول عنها بإنذار رسمي وعلى يد مُحضر أو بشكوى لمكتب العمل المختص وذلك كله خلال الأسبوع - ونتيجة لذلك العدول يتوجب على صاحب العمل قبول هذا الرجوع وإعادة العامل مرة أخرى إلي عمله.
ويضيف "الأسيوطى" في تصريح لـ"برلماني": كما أن المحكمة ألزمت صاحب العمل بضرورة أن يكون قبول الاستقالة عن طريق الإخطار الرسمي للعامل بقبول استقالته - ولا يغني عن ذلك أي إجراء آخر، وأن المحكمة قالت في حكمها أن الشركة المستانف ضدها خالفت كل ذلك وهو ما يتأكد معه بأن الفصل كان فصلاً تعسفياً وهو ما يستوجب معه إلغاء حكم محكمة أول درجة لأنه خالف القانون واخطأ في تطبيقه وتفسيره والقضاء مجددا بتعويض المستأنف عن الفصل التعسفي.