ليلة سوداء عاشتها البرازيل بعد أن قام محتجون باقتحام مقر الكونجرس والقصر الرئاسى وبعض المقرات الحكومية، احتجاجا على فوز الرئيس لولا دا سيلفا فى الانتخابات الرئاسية التى جرت نهاية أكتوبر، مما وصفه البعض بمحاولة للانقلاب على الديمقراطية فى البرازيل.
وجرت الأحداث بشكل متسارع ودرامى، حيث شوهد آلاف المحتجين يقتحمون الكونجرس مرتدين قمصان منتخب كرة القدم ويحملون أعلام البرازيل، وتغلبوا على الشرطة واجتاحوا قلب الدولة.
واندلعت مواجهات بين الشرطة البرازيلية والمحتجين بعد اقتحامهم القصر الرئاسي والكونجرس ومؤسسات رسمية"، في أثناء تواجد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في ساو باولو.
ولأن المحتجون الذين حاولوا اقتحام الكونجرس هم من أنصار الرئيس السابق بولسونارو والذى رفض الاعتراف بهزيمته فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، شبه العديد ما حدث باقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي، الذي يضم الكونجرس، في 6 يناير 2021، من قبل أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب والذى يصفه البعض بأنه حليف للرئيس البرازيلى السابق بولسونارو.
وبشكل عاجل قررت المحكمة العليا في البرازيل الاثنين، عزل حاكم برازيليا من منصبه لمدة 90 يوما بعد الأحداث التي شهدتها العاصمة، وأمر قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس منصات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وتيك توك بمنع الدعاية التي تروج لانقلاب.
وبدأت السلطات البرازيلية التحقيق في أسوأ هجوم على مؤسسات البلاد منذ 40 عاما، مع تعهد الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بتقديم المسؤولين عن أعمال الشغب إلى العدالة.
وصرح الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذى مضى على تنصيبه أسبوع واحد فقط، بأن هناك خللا أمنيا، كما توعد كل من شاركوا في أعمال العنف التي شهدتها عاصمة البلاد اليوم بأن تتم ملاحقتهم ومحاسبتهم.
وأضاف: "سوف نجد ممولي المشاركين في أعمال الشغب، وإن كان هناك أي تقصير أو تواطؤ من أي مسؤول في الحكومة الفيدرالية فستجري محاسبته أيضا".
وقال دا سيلفا إنه "لا توجد سابقة في تاريخ بلدنا" للمشاهد التي حدثت في برازيليا، واصفا العنف بأنه من "أعمال مخربين وفاشيين
وأصدر دا سيلفا مرسوما لفرض القانون والنظام يتضمن تولي قوات الأمن الفيدرالية مسؤولية تأمين العاصمة برازيليا حتى 31 يناير الجاري، كما أمر الرئيس بإغلاق وسط العاصمة - بما في ذلك الشارع الرئيسي حيث توجد المباني الحكومية - لمدة 24 ساعة.
والأزمة فى البرازيل ليست وليدة اللحظة بل إنها بدأت مع انطلاق الحملات الانتخابية للرئاسة، والتى تنافس فيها اليساري لولا دا سيلفا الذي حكم البرازيل من عام 2003 حتى عام 2010، وسعى للعودة بعد أن أمضى 18 شهرا في السجن بتهم مثيرة للجدل أسقطت فيما بعد، واليميني جايير بولوسونارو الذي يوصف بأنه "يميني شعبوي".
وشهدت الحملات الانتخابية استقطابا كبيرا بين أنصار كلا الفريقين وهاجم بولسونارو نظام التصويت وهدد بالطعن في هزيمته، حتى قبل انطلاق التصويت.
وجرت الانتخابات على جولتين الأولى كانت فى مطلع أكتوبر الماضي ولم تحسم الفائز ثم جرت جولة آخرى تغلب فيه لولا بفارق ضئيل 50.9% على بولسونارو.
لم تنته القصة عند إعلان فوز لولا دا سيلفا، حيث لم يعترف بولسونارو وذهب بعض مؤيدي الرئيس نحو إغلاق بعض الطرق السريعة احتجاجا ووضعوا مخيمات أمام ثكنات الجيش، مطالبين بتدخل الجيش لمنع لولا من تولي المنصب.
وفي 13 ديسمبر الماضي، هاجم أنصار بولسونارو مقر الشرطة الاتحادية في العاصمة برازيليا واشتبكوا مع قوات الأمن، وذلك في اليوم نفسه الذي أقرت فيه المحكمة العليا في البلاد فوز دا سيلفا في الانتخابات.
وفي الأول من يناير الجاري، أدى دا سيلفا اليمين رئيسا للبرازيل، ولم يشهد سلفه حفل تأدية اليمين، حيث غادر بولسونارو البرازيل متوجها إلى ولاية فلوريدا الأميركية قبيل الحفل، حتى لا يضطر لتسليم الوشاح لمنافسه، الذي لم يعترف حتى الآن بفوزه.
وأدانت دول العالم شرقا وغربا ما حدث ليلا فى البرازيل، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم باريس للرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، مشددا في الوقت ذاته على أن احترام المؤسسات الديمقراطية في البرازيل أمر ضروري.
ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الهجوم الذي شنه مؤيدون لبولسونارو بـ"المشين".
وكتب بايدن "أدين الاعتداء على الديمقراطية وعلى التداول السلمي للسلطة في البرازيل، والمؤسسات الديمقراطية البرازيلية تحظى بدعمنا الكامل، وإرادة الشعب البرازيلي لن تقوض. أتطلع إلى مواصلة العمل مع لولا".
وشدد الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور على دعمه للولا. وقال على تويتر: "محاولة الانقلاب في البرازيل مستهجنة وغير ديمقراطية". وأضاف "لولا ليس وحده، إنه يحظى بدعم القوى التقدمية لبلاده والمكسيك والأمريكيتين والعالم".
وأدان الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية لويس ألماغرو "الاعتداء على المؤسسات في برازيليا والذي يشكل عملاً مرفوضاً واعتداء مباشراً على الديمقراطية". وكتب "هذه الأفعال لا تغتفر وهي فاشية بطبيعتها".