حظى ملف تفعيل دور التعاونيات في مصر على اهتمام العديد من البرلمانيين والسياسيين خلال الفترة الأخيرة، فقد خصصت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ، اجتماعا لمناقشة دراسة مقدمة من النائب أكمل نجاتي، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في هذا الشأن.
وأوضحت الدراسة أهمية التعاونيات في مصر، في سبيل تحسين حياة المواطنين، والنهوض بمجتمعهم وأمتهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، كما تضمنت الدراسة حزمة من التوصيات الهامة في مقدمتها أهمية إصدار قانون موحد للعمل التعاوني، مشيرة إلى أن التعاونيات يمكن أن تكون القاطرة لدمج الاقتصاد غير الرسمي أو تكون الراعي لنشر الوعي بقانون 152 لسنة 2020 ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وأشارت الدراسة البرلمانية، إلى أن التعاونيات يمكن أن تكون القناة التسويقية الرئيسية لمنتجات الشباب الخريجين، وكذلك التعاونيات الإنتاجية الحرفية والزراعية والسمكية بنظام بالمشاركة بين المنتج والجمعية التعاونية وعلى الدولة رعاية تلك الشراكة وتوفير أماكن العرض الملائمة وتدريب العمالة لإدارتها، وهذا النظام يوفر للجمعية التعاونية عائدا يجعلها تتوسع وأيضا يكون لها أكبر أثر في الحد من البطالة.
كما أوصت الدراسة، بإنشاء تعاونيات استهلاكية جديدة وإدخال أنشطة جديدة غير تقليدية، مثل إدخال أنظمة التعبئة والتغليف وبيع الأسماك واللحوم، حيث توفر هذه الأنشطة فرص عمل كبيرة تحد من البطالة.
ولفتت الدراسة البرلمانية إلى أنه يمكن للتعاونيات إدخال صناعات تحويلية في مناطق الإنتاج الزراعي مما يؤدي إلى زيادة تشغيل المنشآت القائمة وتوفير فرص عمل إضافية، مشددة على وجوب أن تكون التعاونيات مسؤولة عن الأنشطة التدريبية لصقل مهارات مختلفة للأشخاص وإعادة تأهيلهم لخلق فرص عمل جديدة.
ودعت الدراسة إلى تشجيع إنشاء جمعيات تعاونية في مجالات الخدمات والبيئة والتعليم والخدمات الصحية وخدمات النقل والخدمات السياحية والخدمات الثقافية التي تستوعب عددا كبيرا من العمالة وبالتالي يقلل من مشكلة البطالة.
كما طالب الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بإطلاق مبادرة وطنية لإعادة إحياء الجمعيات التعاونية لكى تقوم بدور مكمل للدور الحكومي والقطاع الخاص، بهدف تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية عن المواطنين البسطاء، لافتا إلى الجمعية التعاونية هى جمعية مستقلة من الناس الذين يتعاونون طوعاً من أجل المنفعة الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية المتبادلة ليس لها أهداف ربحية، وفي مصر هناك نحو 12 مليون عضو مشترك فى نحو 18 ألف منظمة تعاونية بأنماطها المختلفة.
وقال "محسب"، إن القطاع يمثل وسيلة مهمة لحماية محدودى الدخل من خلال تطوير الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير السلع والخدمات بالأسعار الملائمة وتنمية الصناعات الحرفية والثروة المائية، مشيرا إلى أن الجمعيات التعاونية لعبت على مدار العقود السابقة دوراً هاماً في تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية، وتلبية متطلبات المجتمع من السلع والخدمات، وتوفير احتياجات المستهلكين بما يتلائم من إمكانياتهم المادية بعيدا عن القطاع الخاص الذي يهدف لتحقيق الربح دون النظر للظروف الاقتصادية للمجتمع.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى القطاع التعاوني في مصر تراجع دوره بشكل ملحوظ، بسبب ما واجهه من مشكلات إدارية وتشريعية، بالإضافة إلى مشكلات تمويلية بسبب تقييد فرص التعاونيات التمويلية إلى أن أصبح هذا القطاع يتعامل تمويليًا وائتمانيًا وفق شروط وسعر الفائدة التجارية دون النظر إلى طبيعة وأهداف القطاع، كذك القيود التى واجهت التعاونيات فى الاستيراد المباشر لمستلزمات الإنتاج والمدخلات، علاوة على إلزام القطاع التعاونى بخصم الضرائب من المنبع مثل القطاع الحكومى والعام، مما يحد من قدرة القطاع التعاونى على المنافسة، وحرمان التعاونيات من قواعد الإعفاء الجمركى عند الاستيراد، وانعدام الترابط بين تمويل القطاع التعاونى وتسويق منتجاته وضعف قدرة التعاونيات على دراسة الأسواق الخارجية.
وأكد "محسب"، أنه في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية أصبحت هناك ضرورة ملحة لإعادة هيكلة قطاع التعاونيات وتطوير تشريعاته وأساليب نشاطه وتبني بدائل تمويلية جديدة لهذا النشاط وتنمية قدراته البشرية بما يمكنه من التحرك بتنافسية مع القطاعات الأخري، مؤكدا قدرتها في مواجهة الأزمات، من خلال تعزيز المشاركة الاقتصادية ومحاربة التدهور البيئي وتغير المناخ وخلق وتوفير فرص عمل، مشددا على أن إعادة إحياء التعاونيات سيعمل على تخفيف العبء عن كاهل الحكومة من خلال المشاركة في توفير الخدمات للفئات محدودة الدخل.
وطالب "محسب"، برفع نسبة مشاركة التعاونيات مع القطاع الخاص في تمويل المشروعات لتحقيق أعلى كفاءة إنتاجية، وتفعيل دور صندوق دعم الجمعيات، وتدريب وتأهيل العاملين بالجمعيات التعاونية، والاعتماد على التكنولوجيا الرقمية الحديثة داخل الجمعيات، لتحسين أدائها.
قال النائب عبد المنعم إمام ، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ورئيس حزب العدل، إن الأزمات المالية العالمية أظهرت الحاجة إلى إعادة النظر في دور القطاع التعاونى للمساهمة في تقديم الخدمات بما يحقق التكامل بين القطاع الخاص والقطاع العام، مشيرا إلى أن القطاع التعاوني في مصر تأثر بتطبيق سياسة التحرر الاقتصادي، ومن ثم أصبح في حاجة ملحة لإعادة هيكلته وتطوير تشريعاته التى تنتمى إلى الستينيات من القرن الماضي، وتبني بدائل تمويلية جديدة لهذا النشاط وتنمية قدراته البشرية بما يمكنه من التنافس مع القطاعات الأخرى.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن هناك ما يقرب من 13 ألف جمعية تعاونية في مصر، تغطي 12 مليون أسرة، مشددا على أن القطاع يلعب دورا محوريا في توفير السلع للمستهلكين بأسعار مناسبة، وتوفير مستلزمات الإنتاج والتسويق للمشروعات الصغيرة ، لافتا إلى أنه من أكبر المعوقات التى تواجه القطاع هو غياب الموارد المالية، وعدم ملاءمة التشريعات الحاكمة للقطاع في الظروف الحالية.