الجمعة، 22 نوفمبر 2024 06:07 م

المغرب يواجه البرلمان الأوروبى.. إدانة حقوق الإنسان بالرباط تدفع البرلمان المغربى للرد بإجراء مراجعة للاتفاقيات الثنائية.. وإلغاء اجتماعات دبلوماسية مع فرنسا وإسبانيا.. ونائب: أوروبا تغامر بشراكتها معنا

المغرب يواجه البرلمان الأوروبى.. إدانة حقوق الإنسان بالرباط تدفع البرلمان المغربى للرد بإجراء مراجعة للاتفاقيات الثنائية.. وإلغاء اجتماعات دبلوماسية مع فرنسا وإسبانيا.. ونائب: أوروبا تغامر بشراكتها معنا البرلمان المغربي
الجمعة، 27 يناير 2023 12:00 ص
كتبت آمال رسلان
لم تهدأ الأوضاع بين المغرب والبرلمان الأوروبى، بعد أن وجه الأخير سهام اتهاماته حول الحريات والفساد نحو الرباط ومؤسساتها الوطنية، الأمر الذى قابله البرلمان المغربى بموقف حاسم وحازم وقع كالصاعقة على المشرعين الأوربيين، حيث قرر إجراء مراجعة شاملة للعلاقات الثنائية بين المغرب والبرلمان الأوروبي.
 
ويأتى موقف البرلمان الأوروبى بانتقاد المغرب فى الوقت الذى يعانى هو نفسه من فضيحة فساد كبرى هزت كافة أركانه، حيث تم اكتشاف تلقى العديد من نواب البرلمان الأوروبي لرشاوى للتأثير على قرار المؤسسة التشريعية الأوروبية.
 
ولم يكتف البرلمان المغربى بخطابات الشجب والتنديد وانتقل سريعا إلى مرحلة الفعل، حيث قرر إعادة النظر في العلاقات التي تجمعه مع نظيره الأوروبي، وإخضاعها لتقييم شامل لاتخاذ القرارات المناسبة والحازمة.
 
وانتقد البرلمان الأوروبي حرية الصحافة والتعبير في المغرب، داعيا إلى "إنهاء المتابعة القضائية التي طالت عددا من الصحفيين".
 
جاء ذلك وفق قرار صوّت عليه الخميس، 356 عضوا بالبرلمان الأوروبي مقابل رفض 32 وغياب 42 من إجمالي 430 نائبا.
 
ووصف وضعية حرية الصحافة في المغرب "بالمتدهورة باستمرار على مدى العقد الماضي"، وحث السلطات في المملكة على احترام حرية التعبير والإعلام.
 
وعبر البرلمان المغربي عن إدانته لـ”المحاولات العدائية للمساسِ بمصالح المغرب وصورته، وبالعلاقاتِ المتميزة والعريقة القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والمبنيةِ على القيمِ والمبادئ المشتركة، والمصالح المتبادلة”.
 
وأشار إلى أن توصية البرلمان الأوروبي تعتبر”تجاوزًا غيرَ مقبولٍ لاختصاصاتِه وصلاحياتِه، وتطاولا مرفوضا على سيادتِه وحرمةِ واستقلاليةِ مؤسساته القضائية، معربا عن رفضِه المطلق لنَزَعاتِ الوصايةِ أو تَلَقِّي الدروس من أي طرفٍ كان، مهما كان مستوى العلاقات التي تربطه بالمملكة”معربا عن ”خيبة أمله إزاءَ الموقف السلبي، والدور غيرِ البَنَّاء الذي لَعِبَتْهُ، خلال المناقشات في البرلمان الأوروبي والمشاورات بشأن مشروع التوصية المعادية لبلادنا، بعضُ المجموعات السياسية المنتمية لبلدٍ يعتبرُ شريكًا تاريخيًّا للمغربِ”. 
 
لم تكتف المغرب بموقف مؤسستها التشريعية بل قامت بإلغاء عدد من الاجتماعات الدبلوماسية والتى كانت مقرره بين الرباط وعدد من العواصم الأوروبية على رأسها باريس ومدريد.
 
وقام المغرب بالفعل بإلغاء اجتماعين هامين مع فرنسا كانا مقررين في الأيام المقبلة، بسبب تبعيات تمرير قرار البرلمان الأوروبي الذي يسيئ إلى صورة المغرب، ويتدخل في سيادته، ويشكك في نزاهة سلطته القضائية.
 
وقالت "لوديسك"، إن المغرب قام بتأجيل الاجتماع مع نائب مدير شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الدائرة العامة للتسليح في وزارة الدفاع الفرنسية، أوليفيه لوكوانت، حيث كان قد تم الاتفاق على عقد هذا الاجتماع في إطار التعاون العسكري بين البلدين.
 
كما أخبر المغرب السلطات الفرنسية بتأجيل انعقاد اللجنة المشتركة الاستشارية حول التعاون القضائي.
 
وتأتي مراجعة المغرب لعلاقاته مع فرنسا بالدرجة الأولى، وعدد من الدول الأوروبية، بسبب الحملة التي أطلقها البرلمان الأوروبي ضد المغرب ومؤسساته الدستورية.
 
ويتهم المغرب فرنسا بالوقوف وراء الحملة التي تستهدف العلاقات المغربية الأوروبية، حيث قام حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالحشد والتصويت ضد المغرب في البرلمان الأوروبي.
 
واعتبر عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، موقف البرلمان الأوروبي مغامرةً بالمعنى الحقيقي للكلمة لأنه يجازف بالشراكة الاستراتيجية التي تجمع المملكة المغربية بالاتحاد الأوروبي ويُضر بمصالحهما المشتركة في مختلف المجالات.
 
وشجب المتحدث سلوك البرلمان الأوروبي، واصفا إياه بـ"المتسرع" الذي يعبث بالثقة المشتركة كما راكمتها السنوات الأخيرة، مُنوها بالمقابل بالموقف الإيجابي لنواب الحزب الاشتراكي الإسباني بالبرلمان الأوروبي الذي تحلى بالشجاعة اللازمة لإعلان اعتراضهم الصريح.
 
يَفُت شهيد، بهذه المناسبة، التذكير أن المغرب انخرطت، منذ مدة طويلة، بقناعة ومسؤولية، في مسار تطوير نموذجها الديمقراطي بتفعيل مجموعة من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية العميقة؛ ولعل أبرز هذه الإصلاحات، المبادرات الحقوقية الجريئة وخلق جو من الانفراج السياسي بالإعلان عن هيئة الإنصاف والمصالحة لتحقيق المصالحة الوطنية.
 
وبحسب النائب البرلماني، فقد تكرست هذه الإصلاحات بإصدار دستور 2011 الذي أرسى فعليا مرتكزات دولة المؤسسات، وكرس مبدأ الاختيار الديموقراطي، وأقر منظومة من هيئات ومؤسسات دستورية معنية بحماية الحقوق والحريات والنهوض بها، حيث توج المغرب هذا المسار الإصلاحي بالانخراط الفعلي في منظومة حقوق الإنسان الدولية، والانفتاح الطوعي على الإجراءات الخاصة والتي كُللت بزيارة العديد من المقررين الخاصين وفرق العمل بوتيرة متواصلة للمغرب، وكذا تقديم المملكة تقارير إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان والتفاعل مع آليات التظلم لدى مجلس حقوق الإنسان والتفاعل الدائم مع آلية الاستعراض الدوري الشامل.
 
أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبروكسيل تتعرض لمضايقات وتحرشات إعلامية وبرلمانية.
 
وأكد رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، أن “المغرب سيظل ثابتا وصامدا في مواجهة كل الإساءات والمناورات المغرضة، وسيواصل مساره بثقة أكبر في قيادته، وبتلاحم وطني أقوى بين شعبه ومؤسساته، وعلى رأسها المؤسسة الملكية”.
 
وأوضح المتحدث أن المغرب على غرار كافة الأمم، "لم يصل إلى درجة الكـمال في البناء الديمقراطي والحقوقي"، وفي الوقت نفسه سجل بإيجابية واعتزاز مستوى التقدم الحاصل على كافة المستويات.
 
حموني: "إننا كمغربيات ومغاربة أدرى بما حققناه ونحققه، وندرك أيضا نقائصنا وما يجب علينا القيام به. وسنواصل نضالنا في التقدم والاشتراكية، إلى جانب كل القوى الحية في وطننا، من أجل الارتقاء بمسارنا التنموي وتوطيد بنائنا الديمقراطي".
 
كما شدد على أن "قوة المغرب تكمن في صلابة جبهته الداخلية، وفي مضيه قدما في تسريع وإنجاز المسلسل الوطني للتحديث والإصلاح، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وديمقراطيا وحقوقيا. كما يستدعي الأمر الـطـــي المترفع، وبالأسلوب المناسب، لبعض الملفات التي يستغلها الخصوم في التهجم السخيف على المملكة”، مضيفا: “لن نخضع للابتزاز، وللضغط، وللي اليد، والتعالي تحت مبررات ومغالطات وأكاذيب".

print