من المعروف أن مصر تحظى بالكثير من الموارد المعدنية، ولكن لم تكن كل تلك الموارد مستغلة فى السابق، إلا إنه فى الوقت الراهن وفى ظل مناخ الاستثمار الحالى، وفى إطار ما باتت الحكومة تتخذه من خطوات حثيثة فى سبيل تطوير قطاع التعدين ورفع مساهمته فى الاقتصاد القومى، أصبحت كل المعادن التى تمتلكها مصر والتى تتنوع من حيث النوع والكم والموقع فى طريقها للاستغلال، إذ وضعت الدولة خطة طموحة تنفذ من خلالها برنامجًا شاملًا لتطوير صناعة التعدين أهم أهدافه هى الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة والنهوض بمنظومة التعدين المصرية.
الخطة التى وضعتها الدولة لتنمية الثروة المعدنية والتى تمت بعد دراسة كافة التحديات المحلية والعالمية التى تواجه القطاع، تضمنت استراتيجية شاملة لتطوير القطاع بمختلف أنشطته، بداية من تطوير التشريعات ذات الصلة لجذب الاستثمارات، وصولًا إلى توقيع العديد من الاتفاقيات العالمية لتنفيذ عدد من المشروعات التى تستهدف تحقيق أقصى استفادة من ثروات مصر التعدينية، والعمل على زيادة القيمة المضافة منها، وزيادة مساهمة النشاط التعدينى فى الناتج المحلى الإجمالى، ضمن توجه للحكومة لتحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة.
فعلى الجانب التشريعى، يحظى قطاع التعدين فى الوقت الحالى بدعم برلمانى كبير، يتمثل هذا الدعم فيما يحرص البرلمان على إصداره وإقراره من قوانين وتشريعات واتفاقيات بشكل مستمر تساعد على تنظيم العمل بقطاع الثروة المعدنية ومنحه المزيد من المزايا، إذ يقترب البرلمان حاليًا من إصدار مشروع قانون تنظيم الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، بهدف تحويلها إلى هيئة اقتصادية، وهو ما سيساهم فى استغلال الثروات المعدنية غير المستغلة وتعظيم موارد الهيئة، وبالتالى النهوض بالاقتصاد الوطنى ودعم الصناعة المصرية وتوطينها.
هذا بخلاف ما أقره البرلمان خلال العام الماضى من تشريعات خاصة بصناعة واستخراج الذهب، حيث وافق البرلمان نهائيًا على نحو 7 تشريعات فى هذا الشأن فى رسالة منه لدعم قطاع التعدين فى مصر، خاصة أن هذه التشريعات ستساهم فى إحداث نقلة صناعية واقتصادية كبيرة بالقطاع، وذلك من خلال استقطاب استثمارات سنوية متزايدة وتحقيق قيمة مضافة، وهو ما سيساعد على زيادة الدخل القومى وتوفير المزيد من فرص العمل، خاصة فى إطار ما منحه قانون الثروة المعدنية الجديد ولائحته التنفيذية منذ عام 2019 من دفعات قوية وحافزاً للشركات العالمية والمصرية العاملة فى نشاط التعدين.
وحديثًا "منذ أيام قليلة"، وافق مجلس النواب، على 6 اتفاقيات للبحث والتنقيب عن البترول فى مناطق متفرقة على مستوى الجمهورية، من أبرز مزاياها، دخول الشركات العالمية بشكل أوسع فى البحث، فضلًا عن المنح غير المستردة، وتمديد إمدادات الطاقة وزيادة معدلات الإنتاج من البترول، ومن أبرز ما اشتملته تلك الاتفاقيات، مشروع القانون المُقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية فى التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة يونايتد انيرجى إيجيبت ليمتد، للبحث عن البترول واستغلاله فى منطقة غرب وادى النطرون بالصحراء الغربية (ج.م.ع).
أما من جانب الدولة، فتسعى الحكومة بكامل طاقتها ومواردها إلى تحويل مصر لمركز إقليمى للطاقة، إذ تسير فى كافة طرق النهوض بقطاع الثروة المعدنية ومنظومة التعدين، سواء من ناحية توقيع اتفاقيات دولية جديدة أو ضبط منظومة التشريع – والتى يشاركها فيها البرلمان-، أو من ناحية التحول الرقمى وتطوير الركائز الرئيسية للاستثمار فى القطاع كالنظام المالى ونظام الترخيص والحوكمة للقطاع، وكل ذلك يسير بالتوازى مع ما تحرص عليه الدولة دائمًا من وضع ضوابط جديدة لأنشطة التعدين واستغلال الثروات التعدينية بما يتوافق مع المعايير البيئية، وذلك فى إطار التوجه نحو التنمية المستدامة فى جميع الأنشطة.
ومن أحدث ما نجحت به الحكومة فى هذا الشأن الخاص بالمعايير البيئية وخفض الانبعاثات الكربونية، الاتفاقية التى وقعها المهندس طارق الملا وزير البترول مع عدد من الشركات العالمية بشأن البدء فى تنفيذ عدد من مشروعات خفض الانبعاثات بمنشآت الغاز، حيث تتعلق هذه الاتفاقية بمشروع خفض الكربون من منشآت مجمع الشركة المصرية لتصدير الغاز الطبيعى المسال فى "إدكو" وتسهيلات حقول غرب الدلتا العميقة، وذلك بحسب البيانات والتصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة البترول.
هذا بخلاف ما تستهدفه الدولة من استثمارات فى مجال التنقيب عن المعادن، حيث تستهدف الدولة نحو مليار دولار استثمارات، من خلال ما منحته من تراخيص لعدد من الشركات المحلية والعالمية فى عام 2022 للتنقيب عن الذهب والمعادن فى 8 مناطق بالصحراء الشرقية، وذلك فى إطار سعيها لزيادة الاستثمارات فى قطاع التعدين، كما تستهدف الدولة زيادة مساهمة قطاع التعدين فى الناتج المحلى الإجمالى من نحو 0.5 % حاليًا إلى 5% خلال السنوات العشر المقبلة.
كما تواصل الحكومة سعيها فى طريق النهوض بالثروة المعدنية وتنمية القطاع، إذ تعمل الدولة حاليًا على تنفيذ أول مصفاة ذهب معتمدة فى مصر بمنطقة مرسى علم بالصحراء الشرقية، وهو ما يعد تعظيما للقيمة المضافة من موارد الذهب كما سيؤدى لإكمال سلسلة القيمة لإنتاج الذهب عبر تعظيم المحتوى المحلى، هذا بجانب ما تشيده الدولة من مجمعات لصناعة الأسمدة الفوسفاتية مستهدفة تعظيم القيمة المضافة والعائد الاقتصادى من خام الفوسفات لصالح الاقتصاد المصرى، خاصة فى ظل ما تحظى به مصر من فرص هائلة بفضل موقعها الاستراتيجى والطبيعة الجيولوجية الغنية.
ولا يتوقف جهد الدولة فى تنمية قطاع التعدين الذى أصبحت تراهن عليه الآن فى دعم الاقتصاد المصرى على ما سبق ذكره فقط، بل تضع الحكومة ضمن مستهدفاتها أيضًا لهذا القطاع، رفع صادرات التعدين بنحو 7 مرات -عما هى عليه الآن- خلال السنوات الـ 20 المقبلة، حيث تستهدف الدولة الوصول بصادرات القطاع إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2040 مقارنة بنحو 1.6 مليار دولار حالياً، وبحسب البيانات الرسمية لوزارة البترول، تستهدف الحكومة أيضًا رفع مساهمة القطاع فى إجمالى الناتج المحلى إلى 5% بحلول عام 2030، وذلك من خلال استثمارات مباشرة تعتزم تنفيذها بالقطاع تصل إلى 750 مليون دولار بحلول العام ذاته.