تسعى الدولة على مدار السنوات الماضية، في استعادة حقوق الفئات المهمشة بالمحتمع، فلم نغفل جهود مصر في دعم ذوى الهمم بإصدار تشريعات تضمن حقوقهم وتحقق دمجهم بالمجتمع، لكن تظل فئة قصار القامة تغرد في سرب منفرد، بمنأى عن هذه الحقوق والضمانات التى تكفل لهم حياة كريمة طبيعية، بعيدة عن التنمر والتفرقة.
في هذا السياق، يسلط البرلمان الضوء على القضايا الشائكة أمام قصار القامة في مصر، حيث تقدمت النائبة ندى ألفي ثابت، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي، رئيس المجلس، موجه إلى رئيس الوزراء، ووزيرة التضامن الاجتماعي، بشأن مطالب ومعاناة قصار القامة "الأقزام" في المجتمع.
وأكدت النائبة معاناة فئة قصار القامة أو الأقزام في المجتمع المصري من الإهمال والتهميش، فضلًا عن المعاناة اليومية، إذ يجدون صعوبة في تلبية وتوفير أبسط احتياجاتهم، في التنقل بسبب ارتفاع الأرصفة والسلالم والكراسي، كما أن سوق العمل يرفض الاعتراف بهم مما يزيد حالتهم النفسية، نظرة المجتمع لهم والتي تشعرهم بأنهم كائنات غريبة، فضلًا عن اتخاذهم مادة دائمة للسخرية والتندر حتى في الأعمال الدرامية التي تكرس هذا المفهوم لدى الناس.
مضيفة بأن عدد قصار القامة فى مصر يقترب من 200 ألف، ومع ذلك فإن حقوقهم مهدرة، فليس لهم الحق فى معاش الضمان الاجتماعى، وليس لهم الحق فى الحصول على مسكن ملائم من المساكن التي تنشئها الدولة، ويجدون صعوبة بسبب متطلبات الحصول على الرعاية الصحية.
وشددت على أن الأقزام لهم حقوق فى المجتمع مثل أي فئة، ولا يجب تهميشهم وإلحاق الأذى النفسي بهم بل يجب مراعاتهم، وعلينا إظهارهم في السينما والدراما كنماذج وفئات يجب احترامهم فى المجتمع كما فى الأفلام الأجنبية.
وأكدت أن القانون رقم 10 لسنة 2018 الخاص بحقوق الأشخاص ذوي القدرات الخاصة، تضمن لأول مرة الأقزام، تضمن معه عدة مكاسب لهم، إلا أنها غير مفعلة تمامًا.
وطالبت النائبة بأهمية التوعية بقبول الأقزام فى المجتمع دون تنمر أو إهانة أو سخرية، لافتة إلى أن هذه أبسط حقوق الأقزام فى المجتمع المصرى، كما طلبت جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، مساعدة الأقزام على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، والعمل على تأهيلهم، وتوفير التعليم والرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهم.
ومن جانبه أكد النائب محمد سلطان، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن التنمر ظاهرة باتت تؤرق شرائح مختلفة من المجتمع المصرى، ولابد من الوقوف بحسم للتصدى لتلك الظاهرة، مشيرا إلى أن قصار القامة بين الفئات التى مازالت تعانى من التنمر والتمييز في مختلف نواحي الحياة، بجانب الأزمات الصحية التى تعانى منها تلك الفئة وتدهور ظروفهم المعيشية لكنهم رغم ذلك يحاولون دائما استغلال الفرص القليلة المتاحة لهم، وسط حالة من التهميش يواجهها أصحاب هذه الفئة في سوق العمل.
وأشار عضو لجنة حقوق الإنسان، خلال تصريحات خاصة لموقع "برلمانى"، أن الدراما هى الأداة القوية القادرة على تغيير الصورة الذهنية لقصار القامة، لكن رغم ذلك لم تنصفهم الدراما والفن بوجه عاما، فلم نجد عملا يتناول أزمة هذه الفئة ومعانتهم اليومية في الحصول على فرصة عمل، أو وصلات السخرية والتنمر التى يتعرضوا إليها خلال حياتهم اليومية، الأمر الذى يجعل في أزمات نفسية متلاحقة، لم تنتهى، فضلا أن الكثير منهم يعانى من تدنى الوضع المادي، وعدم القدرة على العيش بحياة طبيعية، في ظل الرفض المستمر من قبل المجتمع لهم.
وطالب " سلطان "، بضرورة أن تتعاون الجهات المعنية في دعم قصار القامة ودمجهم بالمجتمع، مع تركيز أدوات القوى الناعمة مثل الدراما والسينما لإنتاج قوالب درامية تكشف حجم المعاناة بدقة وبواقعية.