أصدرت محكمة النقض – حكما يهم ملايين الأزواج يضع ضوابط الذمة المالية للزوجة في الحياة الزوجية، ويرسى 6 مبادئ قضائية بشأن دعوى "الإثراء بلا سبب"، قالت فيه: "1- الإثراء بلا سبب يستوجب التعويض متى استوجب شروطه حتى لو كان بين الزوجية.
2- عقد الزواج لا يحول دون رجوع الزوجة على زوجها بدعوى الإثراء بلا سبب متى توفرت أركانها.
3- الإثراء بلا سبب مصدر مستقل من مصادر الالتزام وهو في صدارة القواعد القانونية المتصلة مباشرة بمبادئ العدالة والقانون الطبيعي طبقا للمادة 179 مدنى.
4- من شروط دعوى الإثراء بلا سبب هو تجرد الإثراء أما علته أو سببه هو انعدام السند القانوني الذي يولد للمثري حقا في الاحتفاظ بما أثرى طبقا للمادة 179 مدنى.
5- دعوى الإثراء بلا سبب تكون حينما تكون بين طرفي الخصومة رابطة عقدية تحدد حقوقهما والتزاماتهما.
6- عقد الزواج في الشريعة الإسلامية لا يحكم المعاملات المالية بين الزوجين بينما يحكم العلاقة بينهما القواعد العامة في القانون حسب التكييف القانوني لكل معاملة.
ملحوظة: هذا الحكم يتصدى أيضا للزوجات اللاتى تستولى على أموال أزواجهم وممتلكاتهم بعد أن يرسل الزوج لزوجته الأموال أثناء عمله بالخارج ثم تقوم بكتابة الأملاك بأسمها، وفى النهاية تقوم بخلعه أو تطلب الطلاق أو تتركه ويخسر هو كل شيء.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 6294 لسنة 80 قضائية، برئاسة المستشار يحيى جلال، وعضوية المستشارين عبد الصبور خلف الله، ومجدي مصطفي، وعلى جبريل، ومحمد راضي.
الوقائع.. الزوج يستولى على أموال زوجته التي تزوجها عرفيا
الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم "..." لسنة 2005 مدني كلي الأقصر بطلب الحكم وفقا لطلباتها الختامية - بالزامهما بأن يؤديا لها مبلغ 16664 مارك ألمانى و13545 يورو أو ما يعادله بالجنية المصري بسعر السوق حال التنفيذ، وقالت بياناً لذلك إن المطعون ضده الأول حال زواجه منها بعقد عرفي أوهمها برغبته في شراء مسكن خاص لهما، فأرسلت له المبلغ المطالب به بحوالات رسمية عن طريق البنوك، إلا أنه تزوج من أخرى وطردها، ورفض رد المبلغ لها، فأقامت الدعوى.
الزوج تزوج من أخرى وطرد زوجته ورفض رد الأموال
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة برفض الدعوى، ثم استأنفت على هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا "مأمورية الأقصر" بالاستئنافين رقمي "..."، "..." لسنة 27 قضائية، وبعد أن ضمت المحكمة استأنفت الاستئنافين قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
الزوجة تقيم دعوى قضائية برد أموالها.. ومحكمة أول درجة ترفضها
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن مطالبتها بالمبالغ موضوع الدعوى تستند إلى أحكام "الإثراء بلا سبب"، فأطرح الحكم هذا الدفاع قولاً منه بأن وجود رابطة عقدية بينها وبين المطعون ضده الأول وهي "عقد الزواج العرفي" يمنع من الرجوع عليه استنادا إلى قاعدة "الإثراء بلا سبب"، في حين أن عقد الزواج لا يحكم المعاملات المالية بين الزوجين ولا يحول دون الرجوع على المطعون ضدهما بدعوى الإثراء مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
الزوجة تستأنف على الحكم لإلغائه مستندة على مبدأ "الإثراء بلا سبب"
أما محكمة النقض فقالت في حيثيات الحكم للرد على هذه الدفوع والأسباب بأن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 179 من التقنين المدني على أنه: "كل شخص، ولو غير مميز يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ويبقى هذا الالتزام قائما ولو زال الإثراء فيما بعد"، يدل على أن المشرع وضع بهذا النص القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب كمصدر مستقل من مصادر الالتزام، باعتبارها تأتي في صدارة القواعد القانونية التي تتصل مباشرة بمبادئ العدالة ويقضي بها القانون الطبيعي، وحدد المشرع بذلك النص أركان قاعدة الإثراء بلا سبب ورسم أحكامها فلا تقوم دعوى الإثراء ولا تقوم إلا بتوفر شروط ثلاثة:
أولها: إثراء المدين بدخول ما يترى به في ذمته.
والثاني: افتقار الدائن المترتب على هذا الإثراء.
والثالث: ألا يكون الإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهما.
محكمة ثانى درجة ترفض الاستئناف.. وتؤكد: عقد الزواج العرفي يمنع الرجوع على الزوج استنادا إلى قاعدة "الإثراء بلا سبب"
وبحسب "المحكمة": والمقصود بالسبب في مفهوم النص سالف البيان انعدام السند القانوني الذي يولد للمثري حقاً في الاحتفاظ بما أثرى به وهذا الحق لا يعدو مصدره أن يكون عقداً أو حكماً من أحكام القانون بوصفهما المصدرين اللذين تتولد منهما كل الحقوق، فإن وجد بين المدين والدائن رابطة عقدية فلا قيام دعوى الإثراء بلا سبب ويكون العقد هو الشريعة التي تحكم العلاقة بين الطرفين وتحدد حقوق والتزامات كل منهما، مما مؤداه أنه إذا كان الإثراء الحادث والافتقار المترتب عليه لا صلة له بالعقد المبرم بينهما وليس سبباً لهذا الإثراء، فإن هذه الرابطة العقدية لا تكون مانعاً يحول دون رجوع المفتقر على المثرى بدعوى الإثراء بلا سبب.
وتضيف "المحكمة": وكان عقد الزواج في الشريعة الإسلامية لا يرتب أي حق للزوجين في أموال الآخر - عدا ما رتبه للزوجة من مهر ونفقة - إذ لكل منهما ذمته المستقلة المنفصلة، فلا يحكم عقد الزواج المعاملات المالية بين الزوجين، وإنما يسرى عليها القواعد العامة في القانون بحسب التكييف القانوني لكل معاملة، ومن ثم فإن عقد الزواج لا يحول دون رجوع الزوجة على زوجها بدعوى الإثراء بلا سبب متى توفرت أركانها.
الزوجة تطعن أمام النقض.. والمحكمة تنصفها وتضع 6 مبادئ قضائية
وتابعت: وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن الرابطة الزوجية التي كانت قائمة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول بعقد الزواج العرفي المؤرخ 24 سبتمبر 1998 تعد سبباً قانونياً يخول المطعون ضده الأول الحق في أموال زوجته الطاعنة ويحول بينها والرجوع عليه بدعوى الإثراء بلا سبب، فإنه يكون قد خالف القانون وحجبه ذلك عن بحث مدى توافر أركان دعوى الإثراء بلا سبب، فإنه يكون معيبا أيضا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.