حمزة يوسف
فى خلال ساعات قليلة تحولت اسكتلندا محط أنظار العالم بعد أن صوت البرلمان الاسكتلندى على اختيار حمزة يوسف رئيسا للوزراء، ليصبح ليس فقط أول مسلم يحكم اسكتلندا فى تاريخها، بل إنه أول مسلم يتقلد منصب رئيس الوزراء فى بلد غربى، ليحقق بذلك انتصار هام لأبناء المهاجرين الأقليات فى الدول الغربية بأنهم قادرين على قيادة المجتمعات الغربية والوصل للحكم بديمقراطية.
وبحسب صحيفة "ذا سكوتسمان" المحلية فقد فاز حمزة يوسف بـ71 صوتًا ليتم تعيينه رسميًا خلفًا لنيكولا ستورجون، وأصبح يوسف سادس رئيس وزراء فى أسكتلندا والأول من خلفية أقلية عرقية وهو أيضًا أصغر وزير فى الـ37 من عمره، وشغل منصب وزير الصحة فى حكومة ستورجن، وهو أحد الوجوه الشابة الصاعدة بقوة فى الحزب القومى، وهو ما شجعه على أن يكون من أوائل من أعلن نيته الترشح لخلافة رئيسة الوزراء المستقيلة.
وأشعل يوسف مواقع التواصل الاجتماعى فور تصويت البرلمان الإسكتلندى لصالحه حيث ظهر بتغريدة له وهو يُقيم الصلاة داخل مقر الحكم الجديد، وكتب على تويتر: "قضيت أنا وعائلتى ليلتنا الأولى فى مقر الحكم بعد التصويت البرلماني. كانت لحظة خاصة حيث قدت عائلتى فى الصلاة كما هو معتاد بعد الإفطار معًا".
ونشر حمزة يوسف صور له ولعائلته من داخل مقر الحكم الاسكتلندى، رفقة عائلته التى ارتدت النساء فيها الملابس الإسلامية ووالدته بالحجاب، فقرر حمزة يوسف أن يقيم الصلاة مع أفراد أسرته، وأمّهم فيها داخل مقر الحكم، ليتم تداول الصور فى مختلف وسائل الإعلام البريطانى.
وتقول الصحف البريطانية عن تولى حمزة يوسف المنصب الجديد، يمثل أبرز مظاهر التعايش الحضارى ومنح الفرص لأصحاب الكفاءات فى أسكتلندا حيث تولى أبناء المهاجرين المسلمين أرفع المناصب السياسية، كون حمزة يوسف كان يتولى قبل ذلك منصب رئيس الحزب الوطنى باسكتلندا.
ويعد حمزة يوسف واحدا من كبار الوزراء فى أسكتلندا وأحد النواب الأكثر شهرة فى الحزب القومى الأسكتلندى، ويمثل مدينة جلاسكو فى البرلمان الأسكتلندى، والد يوسف باكستانى الأصل وهاجر إلى اسكتلندا مع عائلته فى الستينيات، بينما وُلدت والدته لعائلة من جنوب آسيا فى كينيا، وكثيراً ما تحدث يوسف عن الإساءات العنصرية التى تعرض لها.
تلقى يوسف تعليمه فى مدرسة “هاتشنسونس غرامر” الخاصة فى غلاسكو، و تخرج حمزة من جامعة غلاكسو، وحصل على ماجستير العلوم السياسية عام 2007، وبعد دراسة السياسة عمل لفترة وجيزة فى مركز اتصالات قبل أن يصبح مساعدًا برلمانيًا لـعضو البرلمان الاسكتلندى بشير أحمد، وبعد ذلك مساعدًا لأليكس ساموند.
وشغل يوسف عددا من المناصب الوزارية فى الحكومة الاسكتلندية منذ عام 2012، وانضم إلى مجلس الوزراء فى يونيو 2018 كوزير للعدل ثم عُين وزيراً للصحة والرعاية الاجتماعية فى مايو 2021.
وقال يوسف بعد فوزه بانتخابات قيادة حزبه التى سبقت ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء: "سنكون فريقاً واحدا وسنكون الجيل الذى يحقق الاستقلال لاسكتلندا، وسأكون زعيماً لكل اسكتلندا"، وقال يوسف: "أشعر بأننى الرجل الأكثر حظاً فى العالم لوقوفى هنا كزعيم للحزب الوطنى الاسكتلندى. الحزب الذى انضممت إليه منذ ما يقرب من 20 عاماً وأحبه كثيراً".
وقال إن أجداده كمهاجرين إلى هذا البلد "كانوا يعرفون بالكاد كلمة واحدة من اللغة الإنجليزية، ولم يكن بإمكانهم أن يتخيلوا فى أحلامهم أن حفيدهم سيكون يوما ما رئيس الوزراء القادم لاسكتلندا".
وأضاف: "سأعمل كل دقيقة من كل يوم لكسب وإعادة كسب احترامكم وثقتكم. لن تكون هناك وعود فارغة أو تطمينات سهلة عندما تكون القضايا المطروحة أمامنا صعبة ومعقدة، لأن (ترأس) الحكومة ليس أمراً سهلاً ولن أدعى ذلك".
وقال يوسف فى خطاب النصر "سنكون الجيل الذى سيحقق استقلال اسكتلندا"، مؤكّداً أن "الشعب" الاسكتلندى "بحاجة للاستقلال اعتباراً من الآن، أكثر من أى وقت مضى"، فى إشارة منه إلى رغبة اسكتلندا فى الانفصال عن المملكة الممتحدة وهو ما تعارضة الحكومة البريطانية بشده.
ويبدو أن يوسف بدأ معركته مع لندن مبكرا، حيث سارع رئيس الحكومة البريطانية ريشى سوناك بالرد عليه قائلا :"نتطلع للعمل" مع زعيم الحزب الوطنى الاسكتلندى الجديد، لكنّه يرفض الدعوة التى أطلقها الأخير لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطانى :"إنّ الإسكتلنديين، وكلّ البريطانيين، يريدون من السياسيين أن "يركّزوا على القضايا التى تهمّهم أكثر من أى شى آخر: خفض التضخّم ومعالجة ارتفاع مستوى المعيشة وتراكم عمل (المستشفيات)".
ويواجه حمزة يوسف عددًا من التحديات الصعبة، وستشمل الأولويات الرئيسية تحديد خطة واضحة للاستقلال عن المملكة المتحدة، وكيفية التقدم فى إصلاحات الاعتراف بالنوع الاجتماعى المثيرة للجدل، ومعالجة مسألة الوفيات الناجمة عن المخدرات فى البلاد، وتخفيف أزمة تكاليف المعيشة، وتغيير هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
ورغم أن يوسف أصبح رمزًا لأجيال المهاجرين فى الغرب، ولكن بريطانيا شهدت أمثلة أخرى فقبله بأشهر وصل صاحب الأصول الهندية ريشى سوناك، إلى رئاسة الحكومة البريطانية، وقبل ذلك بسنوات قليلة، ظفر النائب العمالى من أصل باكستانى صادق خان، بمنصب عمدة لندن، ليصبح حينها أول مسلم يتولى إدارة العاصمة البريطانية لندن.
وثمة 4 نواب مسلمين فازوا فى انتخابات اسكتلندا عام 2021، يمثلون اليوم نحو 3% فقط من إجمالى 129 نائباً فى برلمان أدنبرة، وبشير أحمد، أول مسلم يفوز بمعقد برلمانى فى اسكتلندا عام 2007، وأنس سروار زعيم حزب العمال الاسكتلندى، ويقطن اسكتلندا أكثر من 5.5 مليون نسمة، وتمثل الأقليات فيها حوالى 5%، وتصل نسبة المسلمين نحو 2%، وفق أرقام غير رسمية.
