البرلمان الجزائري
رغم أنه استطاع جذب انتباه المشاهدين منذ الحلقة الأولى لعرضه، إلا أن مسلسل "الدامة" الذى يعرض على التلفزيون الرسمى فى الجزائر خلال شهر رمضان، أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعى، فهناك فريق يراه لا يتماشى مع القيم والمعايير الأسرية بالجزائر، كما يتضمن لغة حوار غير مقبوله تتسم بالعنف، فى حين يراه فريقا آخر مسلسل واقعى يصور جزء من المجتمع.
الجدل حول مسلسل الدامة لم يقف عند حد الجدل بمواقع التواصل الاجتماعى، بل وصل إلى قبة البرلمان الجزائرى، والذى شهد جلسة استجواب لوزير الاتصال، محمد بوسليمانى، حول ما تبثه بعض القنوات من مسلسلات معروضة "تشجع الرذيلة وتعاطى المخدرات والمهلوسات".
و"الدامة" عبارة عن لعبة شعبية يستخدم فيها اللاعبون قطع أحجار صغيرة يتم تحريكها على الأرض داخل دائرة مخططة تحدد فيها منطقة تحرك كل منافس.
ويسلط المسلسل الضوء على الثقافة الشعبية فى الجزائر العاصمة، وتفاصيل المعيشة اليومية من خلالها صراع الأيديولوجيات من أجل الكسب، كما يعالج قضايا الجريمة وترويج المخدرات فى المدارس بحى باب الواد، والذى يعد أحد أعرق الأحياء الشعبية بالعاصمة.
وتحت قبة البرلمان الجزائرى وجه النائب عبد الله عمارى استجواب لوزير الاتصال، محمد بوسليمانى، حول ما تبثه بعض القنوات من مسلسلات معروضة "تشجع الرذيلة وتعاطى المخدرات والمهلوسات"، وأشار النائب إلى أن البرلمان ناقش مؤخرا موضوع المؤثرات العقلية التى اجتاحت الوطن، وضربت الشباب.
وقال النائب إن مسلسل “الدامة” فيه مبالغة فى طرح موضوع الترويج للمخدرات بما فى ذلك الاطفال، معتبرا العمل تجاوزا فى حق الجزائريين.
مذكرا بأن شهر رمضان هو شهر اللّمة، وأفلام الفكاهة تحولت إلى تهريج، وأصبح أفراد الأسرة مجتمعون يشاهدون مسلسلا جزائريا، وكأنهم فى سوق أسبوعى.
كما أشار النائب فى تدخله إلى أن الجميع استبشروا خيرا فى رمضان الماضى بعد توقيف مسلسل بث لقطات خادشة للحياء، إلا أن ريمة قد عادت إلى عادتها القديمة، مبينا أنه عوض أن تتورع تلك القنوات فى اختيار ما يبث، إلا أنه طغى عليها برامج تافهة والرداءة التى تؤثر حتما على الأخلاق.
واستشهد النائب بمسلسل يدعو إلى التسرب المدرسى، وآخر يستهزئ بالأستاذ المربى، متطرقا إلى "مسلسل الدامة" الذى اعتبر أن فيه مبالغة كبيرة كون أبطاله كلهم يروجون المخدرات والمهلوسات، بما فيهم الأطفال، معتبرا ذلك جرم كبير فى حق الجزائريين، زد إلى ذلك ما اعتبره "طعن فى الحجاب".
وفى سياق حديثه تساءل عمارى عن الجهات المسؤولة عن مراجعة ومراقبة الحصص التلفزيونية قبل بثها، وما هى الإجراءات الردعية المتخذة من قبل مصالح الوزارة الوصية.
وردا على الاستجواب كشف وزير الاتصال أن سلطة الضبط السمعى البصرى قامت بدعوة مهنيى القطاع إلى ضبط برامجهم مع احترام خصوصيات شهر رمضان، وعدم الانزلاق وراء الربح المادى، مؤكدا أن وزارة الاتصال قد سحبت الاعتماد من قنوات تلفزيونية خاصة، وبتكليف الجهات المختصة بتنفيذ قرار الوقف الفورى، والنهائى، أو المؤقت لهذه القنوات، مع استدعاء مسؤولى القنوات المعنية بوقف بث أجزاء أو مسلسلات بكاملها، وتوجيه تحذيرات وإنذارات لكل مؤسسة إعلامية لا تحترم أخلاق المجتمع، واتخاذ إجراءات ردعية فى حال إخلال قنوات تلفزيونية بالتزاماتها.
وقال إن الهيئة دعت إلى "تفادى الإثارة ومظاهر العنف بكل أنواعه واحترام المرجعية الدينية الوطنية وتقديم خدمة إعلامية ترقى إلى تطلعات العائلات".
وأضاف بوسليمانى أن وزارة الاتصال شكلت "خلية" لمتابعة نوعية البرامج التى تعرض خلال رمضان لـ"المساهمة فى مهمة سلطة ضبط المحتوى السمعى البصري"، مؤكداً أنه فى "حالة عدم احترام القانون، لن تتوانى الوزارة عن الردع".
وطلبت سلطة ضبط السمعى البصرى من التلفزيون العمومى تقديم توضيحات، حول مشهد فى مسلسل "الدامة" الذى يبث خلال الشهر الفضيل.
وجاء فى بيان سلطة الضبط أنه يتعين على التلفزيون الجزائرى تقديم توضيحات حول مشهد ورد فيه "اسم حركة انفصالية مصنّفة كتنظيم إرهابي"، فى أحد مشاهد الحلقة الأولى من المسلسل، والمقصود هنا عبارة "الماك" التى كانت على جدران أحد شوارع باب الوادى ظهرت أثناء تصوير المشهد.
من جهته، ظهر مخرج العمل يحى مزاحم عبر صفحته على الفيسبوك مبررا المشهد بأن العبارة التى كانت محل احتجاج لا تحيل إلى الماك المصنف كحركة إرهابية، لكنها عبارة "مارك"، وكان مزاحم مرفقا بأبناء حى باب الوادى.
من جهتها، أوضحت كاتبة العمل، سارة برتيمة، عبر صفحتها أن مسلسل الدامة طرق كل أبواب الجزائريين ودخل قلوبهم، لأنه ببساطة يتحدث عن واقع يسكن فينا. وأضافت صاحبة السيناريو أن ما حدث ما هو "إلا دليل على أن "الدامة" عمل يستحق المتابعة".
