أصدرت الدائرة العاشرة الإستئنافية – بمحكمة القاهرة الاقتصادية – بإلغاء حكم أو درجة الصادر بتغريم إحدى الشركات مبلغ وقدره 2 مليون جنيه لإستخدامها العلامة التجارية الخاصة بإحدى الشركات الأخرى نتيجة ما أحدثته من أضرار مادية وأدبية ومعنوية، وذلك بعد أن أثبتت الشركة المدعى عليها بأن استخدام العلامة التجارية كان بـ"حسن نية"، وأرست المحكمة مبدأ قضائيا قالت فيه: "لا يسأل عن التعويض حتى لو حصل ضرر طالما لم يكن هناك سوء نية وأن مجرد استخدام العلامة لا يبيح التعويض".
الخلاصة: شركتين تنازعوا على علامة تجارية، وقضت المحكمة لصالح إحدى الشركتين بأحقيتها في العلامة التجارية، فقررت الشركة الصادر لصالحها الحكم إقامة دعوى تعويض على الشركة الأخرى، فقضت محكمة أول درجة بتعويض يقدر بمبلغ 2 مليون جنيه، فطعنت الشركة الصادر ضدها حكم التعويض بالاستئناف أمام المحكمة الاقتصادية، كما طعنت الشركة الصادر لصالحها الحكم هي الأخرى لتحصل على تعويض أكبر يقدر بـ 5 مليون جنيه.
وفى تلك الأثناء - دفعت الشركة الصادر ضدها الحكم في مذكرة الطعن بأن إلى يستخدم حقه بحسن نية لا يسأل عن التعويض حتى لو حصل ضرر وأن مجرد استخدام العلامه لا يبيح التعويض، وبالفعل قضت المحكمة بإلغاء حكم التعويض طالما الشركة الطاعنة "حسنة النية" ولم يستطيع المدعي إثبات سوء نيتها، وبذلك يكون طالما استخدمت حقك دون سوء نية لا وجود لتعويض حتى وأن تسببت في ضرر.
صدر الحكم في الاستئنافات الثلاثة المقيدة بأرقام 186 – س لسنة 15 قضائية، و269 – س لسنة 15 قضائية، و186 – س لسنة 15 قضائية، لصالح المحامى بالنقض محمد رشوان، برئاسة المستشار طارق على عبد الشكور، وعضوية المستشارين مصطفى سعد، ومتى كمال سامى، وأمانة سر أحمد على حزين.
شركة تقيم دعوى تعويض ضد أخرى لإستيلائها على العلامة التجارية
بعد سماع العرافة ومطالعة الأوراق والمداولة قانونا حيث تخلص واقعات الدعوى فيما سبق وإن احاط به الحكم المستأنف رقم 1735 لسنة 2021 مدنى اقتصادية القاهرة ومن ثم تحيل إليه منعا للتكرار ونوجز منه بالقدر اللازم لحمل هذا الحكم في أن المدعي بصفته "شركة.....لصيانة المحمول" اقامها بموجب صحيفة مودعه ومعلنه قانونا للمدعي عليه وعن نفسه وبصفته الممثل القانوني لشركة "...." طلب في ختامها الحكم بالزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغ 5 مليون جنيه كتعويض مادي وأدبي ومعنوى عما أصابه من أضرار.
على سند من القول أن الشركة المدعية تمارس نشاط صيانة أجهزة الكمبيوتر والمحمول منذ عام 2013 تحت إسم وعلامة تجارية "....."، واكتسبت شهرة واسعة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وصار الإسم رمزاً لها منذ عام 2012 وحتى الآن دون تخلى عنه أو عن العلامة التجارية "...."، وقامت الشركة المدعية بتسجيل الشركة بالسجل التجاري برقم "...." سجل تجارى القاهرة، إلا أن الشركة المدعية فوجئت بالشركة المدعى عليها تقوم بمنافسة غير مشروعة من خلال الإستيلاء على الإسم التجارى والعلامة التجارية سالفة الذكر، وقامت بتسجيلها بمصلحة التسجيل التجاري تحت أرقام ".....،......،......."، منها ما هو باسمه الشخصى ومنها ما هو بإسم الشخص الاعتباري، مما حدا بالمدعى بصفته بأن أقام الدعوى رقم 101 لسنة 12 قضائية اقتصادية القاهرة والتى قضي فيها حكم بجلسة 5 يناير 2021 ببطلان تسجيل العلامات التجارية المسجلة تحت الأرقام سالفة البيان بإسم الشركة المدعة عليها.
محكمة أو درجة تقضى بتعويض يقدر بـ 2 مليون جنيه
الأمر الذي حدا بالمدعى بصفته إلى إقامة دعواه بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر، وقدم تأييداً لدعواه حافظة مستندات طويت على صورة من الإعلان بالصيغة التنفيذية للحكم في الدعوى 101 لسنة 12 قضائية اقتصادية القاهرة، وصورة ضوئية من 101 لسنة 12 قضائية، والحاضر عن المدعى عليه وقدم شهادة بما تم فى طلب وقف التنفيذ من إدارة الجدول المدني بمحكمة النقض وصورة ضوئية من السجل التجارى للشركة المدعى عليها، وستخرج رسمى من السجل التجاري للشركة المدعية الصيغة التنفيذية للحكم السالف.
وحيث نظرت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها مثل خلالها الطرفين كل بوكيل عنه محام، وقدم أصل السجل التجاري رقم 417952 الخاص بالشركة المدعية، وصورة رسمية من الحكم الصادر في الدعوى رقم 23606 جنح مدينة نصر أول وأصل المحضر رقم 1152 لسنة 2021 جنح اقتصادية، وأصل الحكم الصادر فيه وأصل الحكم الصادر في الدعوى رقم 101 لسنة 12 قضائية، والحاضر عن المدعى عليه قدم شهادة بما تم في طلب وقف التنفيذ من إدارة الجدول المدنى بمحكمة النقض، وصورة ضوئية من السجل التجارى للشركة المدعى عليها، ومستخرج رسمي من السجل التجارى للشركة المدعية.
وبجلسة 29 نوفمبر 2021 قضت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي بصفته ملغ مقداره 2 مليون جنيه تعويضاً عن الأضرار العادية التي لحقت به، كما ألزمت المدعي عليه بالمصاريف والأتعاب، وذلك تأسيساً على ما ثبت للمحكمة من صدور حكم بالدعوى رقم 101 لسنة 12 قضائية الاقتصادية القاهرة ببطلان تسجيل العلامات التجارية المسجلة تحت أرقام ".....،.......،......" بإسم الشركة المدعى عليها، وهو ما يتحقق معه أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية استوجب إلزم الشركة المدعى عليها بتعويض الشركة المدعية عما لحقها من أضرار وعلي النحو الوارد بأسباب ومنطوق ذلك القضاء والذي تحيل إليه المحكمة منعاً للتكرار.
وحيث أن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدي المدعي بصفته "شركة ...."، فطعن عليه بالاستئناف رقم 186 لسنة 15 ق بصحيفة معلنة قانوناً للمستأنف ضده بشخصه وبصفته طالب في ختامها القضاء أولا: بقبول الاستئناف شكلاً لرفعه في الميعاد، ثانيا: وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف تصييح مبلغ التعويض المقضي به 5 مليون جنيه، مع إلزام الستأنف ضده بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي، وذلك لأسباب حاصلها الخطا في تقدير التعويض والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق إذ لم تفطن المحكمة الي حجم الأضرار المادية التي سببها الستأنف ضده نتيجة استيلائه علي العلامة التجارية المملوكة للشركة المستأنفة والمسجلة باسمها منذ عام 2012 فضلا عما لحق مدير الشركة من أضرار نتيجة اتهامه بالجنحة رقم 1425 لسنة 2020 جنح مالية وتجارية بإستعمال العلامة التجارية محل التداعى حتى تحصل على حكم بالبراءة بعد حوالي 6 سنوات.
الشركة الصادر ضدها الحكم تستأنف الحكم لإلغاءه
وحيث أن هذا القضاء لم يلق قبولاً أيضا لدي المدعي عليه بنفسه وبصفته، فطعن عليه بالاستئناف رقم 19 لسنة 15 قضائية بصحيفة مودعة ومعلنة قانوناً للمستأنف ضده بصفته طالب في ختامها القضاء، أولا: بقبول الاستئناف شكلاً لرفعه في الميعاد، ثانيا: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المستأنف ضده بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي ثالثا وقت نظر الدعوى تعليقيا لحين الفصل في الطعن بالنقض رقم 3771 لسنة 91 تجاري.
وذلك لأسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ استند الحكم المستأنف في ثبوت الخطأ الى الحكم الصادر في الدعوى رقم 101 لسنة 12 قضائية، اقتصادي القاهرة في حين أن ذلك الحكم لم يحوز قوة الأمر المقضي للطعن عليه بالنقض رقم 3771 لسنة 91 تجاري فضلا عن أن الحكم الطعين لم يشر إلي ثبوت سوء نية المستأنف بصفته، وأسس بطلان العلامة على سبب وحيد هو سابقة استعمالها من قبل الشركة الستأنف ضدها بما مفاده أن استعمال الستأئف للعلامة كان مشروعا لكونها علامة مسجلة باسمه، مما ينتفي معه السئولية عما ينشا عن ذلك الاستعمال المشروع من ضرر.
والشركة الصادر لصالحها الحكم تستأنف هي الأخرى لمضاعفة التعويض لـ 5 مليون جنيه
وتداولت المحكمة نظر الاستئنافين بالجلسات علي النحو الثابت بمحاضرها وفيها مثل الطرفين كل بوكيل عنه، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين للإرتباط وليصدر فيهما حكمها واحدا، وقدم الحاضر عن المستانف "م. ف" عن نفسه وبصفته حافظة طويت علي ثلاث عقود محرر بين الشركة الاخيرة وبنك "..."، وأخر مع شركة "...."، وثالث مع شركة "....." في تواريخ 24 فبراير 2018، و19 فبراير 2019، و2 مايو 2020 على الترتيب – وبجلسة 7 فبراير 2022 قضت المحكمة بهيئة مغاير بنحب خبير علامات تجارية لتنفيذ المأمورية المبينة بمنطوق ذلك القضاء الذي نحيل إليه فباشر الخبير المأمورية واودع تقريره الذي انتهي فيه إلى ترك للمحكمة تقدير التعويض في ضوء ما استعرضه بالتقرير من أقوال طرفي الاستئناف وما قدماه من مستندات.
وبجلسة 14 مارس 2022 ورد تقرير الخبير التكميلي والذي انتهى فيه إلى أن لم يتبين له أن استخدام المدعي عليه للعلامة التجارية محل التداعي قد سبب اضرار مادية أو أدبية للمدعي وذلك في ضوء تسجل المدعي عليه للعلامة التجارية علاوة علي أن الحكم ببطلان تسجيل العلامة التجارية لم يصبح نهائي للطعن عليه بالنقض فضلا عن أنه لم يثبت سوء النية لديه في تسجيل علاماته التجارية، وبجلسة المرافعة الختامية في 14 مارس 2023 مثل وكيلا الطرفين والحاضر عن المدعي الستأنف في الاستئناف رقم 18715 قضائية طلب ندب لجنة ثلاثية والمحكمة قررت حجز الاستئناف للحكم.
"الاستئناف" تلغى حكم تغريم شركة 2 مليون جنيه لاستخدامها العلامة التجارية لشركة أخرى
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: ولما كان ما تقدم وكان الثابت للمحكمة من مطالعة الأوراق أن المستأنف ضده بصفته كان قد أقام الدعوى المستأنف حكمها بغية القضاء له بالزام المستأنف بصفته بأن يؤدى له مبلغ 5 مليون جنيه كتعويض مادي وأدبي ومعنوى عما أصابه من أضرار لقيام المستأنفة باستخدام الإسم التجاري للشركة المستأنف ضدها وتسجيل العلامة التجارية الخاصة بها واستخدامها ما حدا بالشركة الستأنف ضدها لاقامة الدعوى رقم 101 لسنة 12 قضائية اقتصادية القاهرة والتي قضي فيها ببطلان تسجيل العلامات التجارية محل التداعي والصحة بإسم الشركة المستأنفة.
ولما كان تسجيـل تلك العلامات واستخدامها قد سبب اضرارا بالستأنف ضدها فقد أقامت الدعوى المستأنف حكما بطلب التعويض عن تلك الاضرار ولما كان الثابت من مطالعة الحكم الصادر في الدعوى رقم 101 لسنة 12 قضائية اقتصادية القاهرة أنه قضي ببطلان تسجيل العلامات التجارية محل التداعي تأسيسا على ما ثبت للمحكمة من أن الشركة المستأنف ضدها هي الأسبق في استخدام تلك العلامات وليس على توافر سوء نية الشركة المستأنف ضدها في تسجيل العلامات التجارية.
وترسى مبدأ: "لابد من توافر سوء النية ولا يسأل عن التعويض حتى لو حصل ضرر"
ولما كانت الشركة المستأنف ضدها لم تقدم بالاستئناف الماثل ما يفيد بتوافر سوء النية من قبل الشركة المستأنفة في تسجيل واستخدام الاسم التجارى والعلامات التجارية محل التداعى الأمر الذى يضحى معه استخدام الشركة المستأنفة للعلامات المسجلة باسمها هو استخدام مشروع ينتفى توافر ركن الخطأ في جانبها فضلا أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب والذي تطمئن اليه المحكمة أنه لم يتبين أن استخدام الشركة المستأنفة للعلامات التجارية محل التداعي قد سبب أضرار مادية أو أدبية للشركة المستأنف ضدها، وهو الأمر الذي تنهار معه أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض، وتكون معه دعوى التعويض قد أقيمت على غير سند صحيح من الواقع والقانون خليقة بالرفض، ولما كان الحكم المستأنف لم يلتزم هذا النظر في قضاءه الأمر الذي يحدوا بهذه المحكمة والحال كذلك للقضاء بإلغاء، ورفض الدعوى علي النحو الذي سيرد.