يشكل الحوار الوطني مرحلة مهمة في مسار التحول الديموقراطي في مصر، وخطوة جادة في الطريق نحو الجمهورية الجديدة؛ جمهورية تحترم الجميع وتترك مساحة للاختلاف والنقاش حول أهم القضايا والمشكلات والتحديات وسبل التعامل معها، من أجل تحقيق مستقبل أفضل، ويعد منصة مهمة بما سيخلقه من مجال كبير للقوى الوطنية المختلفة لإيجاد مساحة مشتركة تكون نقطة انطلاق لمناقشة كافة القضايا النوعية على الساحة الوطنية.
وتجرى الاستعدادات لانطلاق جلسات الحوار الوطني خلال الساعات القليلة القادمة وستعقد الجلسات بشكل أساسي أيام الأحد، الثلاثاء والخميس من كل أسبوع، يخصص لكل محور يوم من الأيام المشار إليها، وستشمل القضايا الأولى للأسبوع القادم، النظام الانتخابي لمجلس النواب، وعلى التوازي منهما تخصص الجلستين الآخرتين لمناقشة قضيتي القضاء على كافة أشكال التمييز، وتحدي التعاونيات، كما يشمل جدول الأسبوع مناقشة برامج الحماية الاجتماعية، صياغة الخريطة السياحية لمصر ووسائل الجذب، قضايا الولاية والوصاية على المال، وقضايا الهوية الوطنية.
ويقول الدكتور طلعت عبد القوي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن إعلاننا تلقي مشاركات ومقترحات المصريين بالخارج عبر الموقع الالكتروني المخصص للمقترحات، يعكس الحرص على توفير كافة الآليات لتهيئة المناخ حول المشاركة الوطنية الموسعة وإيجاد مساحات مشتركة بين مختلف المصريين لضمان الوصول المتكافئ وتمثيل جميع فئات الوطن فى الحوار المجتمعي، والتعرف على مشاكل المواطنين ومطالبهم.
وأشار إلى أن انطلاقة الجلسات ستعمل على وضع كافة التوصيات من خلال إيجاد مساحات للتوافق وفي حالة عدم حدوث ذلك سيتم أيضا إدراج كافة الاقتراحات، مشيرا إلى أن الحوار الوطني فرصة غير مسبوقة للمشاركة فى بناء الجمهورية الجديدة.
وأضاف عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن الجلسات لن تعتمد على التصويت بل تسعى لخلق مزيد من المساحات المشتركة، مشددا أن هناك حرص من الأمانة الفنية ومجلس الامناء لخروج جلسات اللجان بصورة مشرفة حتى تحقق الغاية منها في استيعاب كافة الآراء داخلها والاستماع للجميع، وإتاحة مناخ مناسب لطرح المقترحات والأفكار.
وأوضح أن كل قضية ستأخد وقتها في المناقشات وطرحها لا يرتبط بجلسة واحدة فقط بل من الممكن امتدادها لأكثر من جلسة على مدار الحوار الوطني، مؤكدا أن هناك حرص على استيعاب كافة الأراء والاستماع لمختلف الاطياف بالمجتمع، كما أن الجلسات ستكون علنية.
واعتبرت ريهام الشبراوي، المقرر المساعد للجنة الأسرة والتماسك المجتمعي بالحوار الوطني، أن اللجنة ستعمل على مناقشة كل مايتعلق بالأسرة وكيفية إحداث حالة من الترابط والتماسك المجتمعي، موضحة أن خطة اللجنة تسير وفق محاور 3 أساسية، الأولى مايتعلق بظاهرة الطلاق والحد منها وعلاج آثارها، ومنها مسألة الوصاية التي تنطلق وفقا لها أولى الجلسات.
وتابعت قائلة"وعقب المرور على المحطات المختلفة المتعلقة بظاهرة الطلاق ومايتبعها من ظواهر أخرى...سنمر إلى مكافحة العنف ضد المرأة... ثم أخيرا مناقشة مايتعلق بمخاطر العنف الإلكتروني المستحدثة"، معتبرة أن موعد انطلاق الجلسات جاء موفقا للغاية، فالمجتمع المصري يحتاج بشدة إلى الحوار حاليا، فالحوار بمعناه المتجرد، كتوافق ونقاش ثري بين مختلف مكوناته في عديد من المحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية إذ يأتي لمجابهة تداعيات وتأثيرات خلفتها فترة الوباء الخاص بكورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وأخيرا الأحداث في السودان.
وأضافت أن التغيرات المجتمعية الحالية تتطلب حوارا حقيقيا وموسعا لتقويمها ومعالجة الآثار والظواهر السلبية فيها، وأثق في قدرة الحوار الوطني على ذلك، مثمنة أن تكون أولى أجندة عمل اللجان تدور حول الهوية الوطنية والأحوال الشخصية وهم أكثر القضايا اشتباك مع الملفات الشائكة الحالية والتي تبرهن على اشتباك الحوار الوطني مع قضايا المواطنين الحقيقية.
وشددت أن اللجنة سوف تبذل فيه أقصى جهدها لتحقيق صالح الوطن والمواطن، معتبرة الضامن الأكبر لتحويل توصيات لجان الحوار الوطني لواقع هي توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي قال أنه سيتابع بنفسه المراحل النهائية من الحوار، والذي أبدى استعدادا لتحويل مخرجاته وتوصياته لإجراءات تنفيذية وتعديلات تشريعية وحملات توعوية، قائلة" نثق في القيادة السياسية تماما، ونثق في تحقيق مستهدفات الحوار الوطني دون أي معوقات".
من جانبه يؤكد الدكتور محمد شوقي عبد العال، مقرر مساعد لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل الانتخابي بالحوار الوطني، إن إدراج النظام الانتخابي في أول القضايا التي سيتم مناقشتها بالجلسات الأولى للجان الأسبوع المقبل، يؤكد جدية ما يسعى إليه الحوار من تهيئة المناخ لمزيد من المساحات المشتركة، خاصة وأنها تعد من أبرز الملفات الشائكة بين المشاركين والتي تحتاج لوقت أكبر في تناولها والاستماع لكافة الآراء حولها حتى التمكن من تقريب وجهات النظر.
وأضاف أن تلك الخطى تؤكد الرغبة في الانخراط بقوة نحو تقوية الحياة السياسية والانفتاح على الآخرين دعما لمسار التحول الديمقراطي، مشيرا إلى أن المبادرة الرئاسية للحوار الوطني تمثل نقطة انطلاق لمشاركة جميع قوى المجتمع بكل أطيافة واتجاهاته الفكرية والإيدولوجية في صناعة المستقبل نحو الجمهورية الجديدة.
وأشار "عبد العال"، إلى أن اللجنة ستعمل على استيعاب كافة الأراء وإتاحة الفرص لطرح كافة بموضوعية وحياد تام دون تمييز أو إقصاء، معتبرا أن مهمة اللجنة ليست سهلة في ظل وجود أراء متناثرة ومختلفة كثيرة حول الملف، وسنعمل على الوصول لنتائج تسهم في إيجاد مساحات مشتركة تبلور رؤية جادة تسهم في دعم مسيرة الإصلاح وتقوية الحياة السياسية ومباشرة الكافة لحقوقهم".
ويؤكد الدكتور سمير صبري، مقرر لجنة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي بالحوار الوطني، إن اللجنة حريصة على الاستماع لكافة الرؤى والوصول لإطار نتفق عليه جميعا، موضحا أنه سيتم رفع التوصيات مباشرة لرئيس الجمهورية بشكل آني خاصة مع المقترحات التب تحتاج لسرعة التنفيذ، مشددا أهمية هذا الحراك الوطنى الهادف إلى بناء قاعدة توافقية بين جميع أطراف العمل العام ومختلف الفئات الشعبية.
ولفت إلى أن القيادة السياسية وضعت اهتمام كبير للاستثمار وتنشيط المجال في هذا الصدد ومن هنا تأتي أهمية اللجنة، والتي دأبت على فتح قنوات للتواصل مع كافة المستثمرين، موضحا أن البدء من المستثمر المحلي ضرورة باعتباره مرآة لحل كل مشاكل المستثمر الأجنبي أيضا، مشيرا إلى أن اللجنة كانت من أكثر اللجان تفاعلا من المواطنين والمستثمرين بتلقي مقترحات.
وأضاف أن اللجنة تسعى للوصول لتوصيات اكتر من النقاش داخلها، سعيا للوصول لحلول سريعة قابلة للتنفيذ تصل لرئيس الجمهورية، مشددا أن اللجنة عملت على 3 محاور مهمة لتحفيز الاستثمار، وتوصيف المشاكل بمنهج علمي، مؤكدا أن كل مقومات الدولة المصرية جاذبة للاستثمار "موقع جغرافي-سوق كبير- عدد سكان-علاقات دولية كبيرة واتفاقيات تجارية مع معظم دول العالم"، بينما التفعيل لازال به فجوة تحتاج لوضع محددات واضحة في التعامل بشأن البيروقراطية ودور الموظف الإداري.
وأشار إلى أن اللجنة تسعى لتحديد موقع الدولة من الاستثمار، مشيرا إلى أنه من بين التساؤلات التي طرحت هل توجد رؤية ل5 سنوات قادمة بمعدلات نمو مستهدفة في التحرك نحو الاستثمار، و هل هناك حاجه لوزارة للاستثمار، موضحا أنه من أبرز المقترحات التي تلقتها اللجنة هي تحويل ملف الاستثمار لخطة مرتبطة بالتحول الرقمي ووجود منصة إلكترونية تتعامل مع الاستثمار بشكل سريع وإنهاء الأوراق إلكترونيا.
ويشير الدكتور أيمن محسب مقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطنى، إن الحوار الوطني يعد فرصة ذهبية جاءت للقوى السياسية حيث أنه لأول مرة تجتمع كل الأحزاب على طاواة واحدة منذ أكثر من 30 و40 عاما.
وأوضح مقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطنى، أن ما أضاف للمحور الاقتصادي أهمية هو الأزمة الاقتصادية التي تضرب العالم بجانب الأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت بدورها على سلاسل الإمداد، مشيرا إلى أن معظم الأطروحات التي تم تقديمها من قبل الشعب المصري للحوار الوطنى كانت النصيب الأكبر من حظ الاقتصاد.