تتعرض العديد من الزوجات ضعيفى الإيمان لمسألة "التخبيب" وهو آفة من أشد آفات المجتمعات اليوم، هذه الآفة باتت تهدد الأسر بل والمجتمع بأسره، لما لها من آثار سلبية، وعواقب وخيمة، هذه الآفة يفعلها بعض الناس ويجهلون خطورتها، وعدّها أهل العلم بأنها باب عظيم من أبواب الكبائر، حيث أن التخبيب، فيروس من فيروسات الحياة الزوجية التي يجب التصدي لها بكل قوة وحسم من قبل المشرع العربى بصفة عامة والمصرى بصفة خاصة، ولهذا فإن تخبيب الزوجة على الزوج من الكبائر، وذلك لكون السعي لفراق الزوجين وخروجها عن الطاعة حتى يتم الفراق من الكبائر وصاحبه لا يفلح أبداً.
ما هو التخبيب؟
التخبيب هو إفساد المرأة على زوجها أو إفساد الرجل على زوجته، كتلك المسألة الكثيرة اليوم ممن يخبب ويفسد صفو العلاقة الزوجية التي تعد أساس سعادة الأسرة بأكملها، فكم من الصديقات المقربات أو الأخوات أو الإخوان أو أي شخص قريب للزوجة سواء كان ذكرا أو أنثى يدخل في الشؤون الزوجية ويفسدها، وكذلك الأمر بالنسبة للزوج فكم من الأصدقاء المقربين، أو أي شخص قريب منه سواء كان ذكرا أو أنثى يعطيه مساحة للتكلم والتدخل في شؤونه الزوجية فيفسدها، وأيضا يمكن الجواب على سؤال ماهو التخبيب أنه إفساد قلب المرأة على زوجها، والعبد على سيده لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ملعون من خبب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده".
وفى هذا الشأن – تقدم الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى عبد الحميد رحيم، مقترح بقانون إلى مجلس النواب، للتصدى لمسألة "تخبيب الزوجة" طبقا لنص المادة 138 من الدستور المصري التي تنص على: أن لكل مواطن أن يتقدم بمقترحاته المكتوبة الي مجلس النواب بشأن المسائل العامة وله أن يقدم الي المجلس شكاوى يحيلها الي الوزراء المختصين وعليهم أن يقدموا الإيضاحات الخاصة بها إذا طلب المجلس ذلك ويحاط صاحب الشأن بنتيجتها.
مقترح بقانون لحماية الأسرة من إفساد المرأة على زوجها
وذكر "المقترح": أنه وفقا لما نتلقاه ونلاقيه في أروقة المحاكم من دعاوى في مجال الأحوال الشخصية واستجابة بوضع مشروع قانون للأحوال الشخصية يتوافق مع متغيرات العصر من تقدم تكنولوجي يستلزم استحداث نصوص قانونية للحفاظ على تماسك الأسرة المصرية ومن خلال سير الدعاوى في المحاكم، وبالبحث في حالات وأسباب القدوم على الخلع أو الطلاق نجد بأن هناك حالات خلفها من يحرضون الزوجات على الطلاق للزواج بهن بعد الطلاق ممن يتلاعبون بمشاعر وعاطفة النساء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويفسدها على زوجها واسرتها بإيهامها أو بوعدها للزواج منها.
وتضمن "المقترح": وهو أمر مخالف للقيم الإنسانية والعرفية وللشريعة السمحاء وقد نهت الشريعة الإسلامية عن التخبيب وهو افساد الرجل الزوجة على زوجها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبداً على سيده ) وفي حديث أخر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ غِرٌّ كَرِيمٌ وَإِنَّ الْفَاجِرَ خَبٌّ لَئِيمٌ )، فمن أفسد زوجة على زوجها وأسرتها وأغراها وحرضها بطلب الطلاق أو تسبب في ذلك فقد أتى بابا عظيما من أبواب الكبائر التي يجب أن لا يغفل عنها المشرع المصـري.
محامون وغيرهم يحرضون الزوجات على الطلاق للحصول على مميزات
ويضيف "المقترح": وقد صرح الفقهاء بالتضييق على المخبب وزجره حتى افتى فقهاء المالكية بتأبيد تحريم المرأة المخببة على من أفسدها على زوجها معاملة له بنقيض قصده، لكي لا يتخذ الناس ذلك ذريعة إلى إفساد الزوجات وتدمير الاسرة والمجتمع، وهو أمر قد أشارت وتطرقت إليه بعض نصوص قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية بعد أن وقفت على ذلك وأوجبت الزامها بالتدخل للحد منه، وتابع: من ذلك نقدم لحضراتكم النص المقترح ليكون في هذا المضمون وهو كالتالي: "لا يجوز أن يتزوج الرجل امرأة أفسدها على زوجها أو حرضها على الطلاق منه للزواج بها إلا إذا عادت إلى زوجها الأول ثم طلقها أو مات عنها"، وذلك ليكون النص صيانة وحماية للأسرة المصرية من الذين يسعون إلى التفريق بين المرء وزوجه، بتحريض الزوجة على مضارة زوجها، أو إغرائها بمال أو التلاعب بعاطفتها في الواقع او عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان تقع في حبائلهم.
المحامى عبد الحميد رحيم - مقدم المقترح بقانون
وفى هذا الإطار – تقول الخبير القانوني والمحامية نعمه مصطفى عبد الهادى – في كثير من الأحيان ما تقع الزوجة في شراك من يزين لها الإنفصال عن زوجها وخراب بيتها من أجل الحصول على المكتسبات والمميزات، وخاصة في مرحلة الخلافات الزوجية التي انتشرت في المجتمعات العربية، فإننا نجد بكل وضوح وشفافية أن بعض القانونيين يغري أحدهما، خصوصا النساء، بما سيترتب على انفصالها من زوجها من أمور، وأبرزها نفقة المتعة والعدة والنفقة والمسكن وقضايا أخرى تستفيد منها، وضعيفات النفوس من النساء، ولضعف الوازع الديني لديها، تقعن بتلك الإغراءات مع تزيين المحامي أو المحامية لها في هذا الجانب.
ومنهم من يعدهن بالزواج
وبحسب "عبد الهادى" في تصريح لـ"برلماني": كل هذا يحدث رغم أن المشكلة يمكن أن ترجع بحلول جيدة وترجع المياه إلى مجاريها، لو قدم هؤلاء باستشارة قانونية أو نصائح وإرشادات جيدة بعيداً عن إيقاع الطلاق، وصوناً لهذه العائلة الكريمة والحفاظ عليها، ونخشى ما نخشاه أن يدخل هذا المحامي أو تلك المحامية أو غيرهما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ملعون من خبّب امرأة على زوجها"، ففي كثير من الأحيان ما تجد المحامى أو المحامية يعلنون عبر صفحاتهم بقضايا وأحكام تكون عنوانها "خلع في أقل من شهرين"، ما يعنى تسهيل المسألة على مسامع الزوجة، بقولهم إن الطلاق للضرر سهل المنال، بمجرد رفع الدعوى بعد أن يتدرجوا في رفع القضايا الأخرى من نفقة وحضانة، وقد يدخلون في محاذير أخرى، منها إحضار شهود يشهدون زوراً أمام المحكمة في سوء معاملة الزوج لزوجته، بادعاء أنه يضربها ويسيء معاملتها أو يأتيها من الموضع الحرام، وقد يحضرون تقارير طبية فيها ادعاء باطل على تطاول الزوج عليها على خلاف الحقيقة.
وتضيف "عبدالهادى": التخبيب من الآفات التي باتت تهدد كثيراً من الأسر في هذا الوقت المعاصر، مع انتشار برامج التواصل الاجتماعي والاستشارات الخاطئة للأصدقاء أو الأهل والتي قد يأتي التخبيب بها على هيئة نصيحة، أو بالذهاب لبعض المكاتب للاستشارات النفسية أو الأسرية أو بعض مدعي مهنة المحاماة الساعين لتخبيب المرأة على زوجها، لإفسادها عليه بهدف ومقاصد مادية أو شخصية، وفي هذا المحور مخالفة صريحة لمواثيق شرف المهنة وللقسم على الشرف والأمانة وصون أعراض الناس، والتشريعات العربية لم تتطرق لمسالأة التخبيب، اللهم المملكة العربية السعودية هناك دعوى تخبيب، والعقوبة سلطتها بيد القاضي إما بالسجن أو بالتعزير.
تشريعات عربية تصدت لأزمة التخبيب
وتوضح الخبير القانوني: وأيضا قانون العقوبات الأردني أفرد نصاً لتلك الجريمة عاقب من خلاله كل مَنْ يحرّض امرأة سواء أكان لها زوج أم لم يكن على ترك بيتها، لتلحق برجل غريب عنها أو أفسدها عن زوجها لإخلال الرابطة الزوجية بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وفي الإطار المتعلق بتخبيب المرأة كان المُشرع الكويتي قد انفرد بالتصدي لمفسدي الزوجات على أزواجهن، من خلال ما تضمنته المادة 23 من قانون الأحوال الشخصية، والتي قضت بأنه لا يجوز أن يتزوج الرجل امرأة أفسدها على زوجها، إلا إذا عادت الى زوجها الأول ثم طلقها أو مات عنها، وبتلك المادة عالج مُشرع الأحوال الشخصية مشكلة تخبيب الزوجة أو إفسادها على زوجها.
وأخيرا دعت "عبد الهادى" الأزواج لأخذ الحيطة والحذر، والعمل على حل مشاكلهم الزوجية وضغوطاتهم النفسية ومتاعبهم من خلال اللجوء للاستشارة الصحيحة من الشخص الصحيح صاحب الدين والخلق، فلا تدخل ولا سماح لأي شخص قريب أو بعيد بالتدخل وحق التكلم في الأمور الشخصية الزوجية، فكم من علاقة هُدمت بسبب استشارة خاطئة، فلا بد من العقلانية في حل الأمور والمشاكل التي تعتلي كل علاقة زوجية، حيث أن الزواج رابطة مقدسة يجتمع فيها الرجل والمرأة على الحب والإخلاص والشراكة في الحياة، فعلى تنظيم هذه الرابطة يُبنى الاستقرار في المجتمع، وعلى هذا الاستقرار تنتظم حلقات الأسرة لتجمع في نطاقها أعضاء صالحين، يستفيد منهم المجتمع وتقوى بهم أواصره، فكم للجمع بين اثنين في الزواج أجر عظيم؟ فالإفساد بين الزوجين جرمٌ عظيم، فتخبيب المرأة على زوجها وتحريضها على الطلاق منه لايجوز، كما قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام "ليس منا مَنْ خبّب امرأة على زوجها"، ولابد من تدخل تشريعى للتصدى لهذا الأمر.